بينما يواصل وباء كورونا حملته القاتلة حول العالم، تتواصل اكتشافات العلماء بشأن الفيروس وتتباين الحقائق بصورة مربكة، وإذ تمثل نسبة التعافي العالية بارقة أمل ضخمة، جاءت الأنباء المقلقة من كوريا الجنوبية بشأن من أصيبوا بالعدوى وشُفوا منها، حيث أصيبوا بالمرض مرة أخرى، فما هو القول الفصل إذن؟
أخبار مقلقة من كوريا الجنوبية
أعلنت كوريا الجنوبية، الجمعة 10 أبريل/نيسان، أن نحو 100 مريض مصابين بعدوى الوباء وتعافوا منه، ظهرت عليهم الأعراض مرة أخرى، وبإجراء الاختبارات لهم ظهرت النتائج إيجابية بالفعل، وهو ما أثار المخاوف من تعرُّض المتعافين للعدوى مرة أخرى.
وأعلن المركز الكوري لمراقبة الأمراض والوقاية منها، أن عدد من أظهرت اختباراتهم نتائج إيجابية بعد أن كانوا قد تعافوا بالفعل وغادروا المستشفيات، كان الأسبوع الماضي 51 وارتفع بنهاية الأسبوع إلى 91، وقال مدير المركز يونغ يون-كيونغ، الجمعة، إن محققي الصحة ما زالوا يسعون لتحديد ما إذا كان الفيروس قد أُعيد تنشيطه داخل كل مريض أم أن المرضى أصيبوا بالعدوى مرة أخرى.
لماذا يعتبر هذا مرعباً؟
التعرض للإصابة بالعدوى الفيروسية وشفاء الشخص من تلك العدوى يعنيان أن جهاز المناعة لدى الشخص قد تمكن من إفراز أجسام مضادة للفيروس نجحت في القضاء عليه؛ ومن ثم يصبح الشخص محصَّناً ضد الإصابة بالعدوى الفيروسية نفسها مرة أخرى؛ ومن ثم تمثل تلك التقارير الواردة من كوريا الجنوبية مصدراً للقلق بصورة كبيرة.
وبحسب يونغ: "بينما نميل إلى حقيقة أن السبب المحتمل لمعاودة ظهور المرض بفيروس كورونا على الشخص المتعافي منه، هو إعادة تفعيل الفيروس، إلا أننا بحاجة لمزيد من الدراسات الشاملة قبل حسم الأمر".
والمقصود بإعادة تفعيل الفيروس هو أن الشخص الذي تعافى كانت لا تزال هناك خلايا فيروسية غير نشطة داخل جسمه، ثم نشطت تلك الفيروسات مرة أخرى، أي إن الشخص لم يلتقط عدوى فيروسية من شخص آخر أو مصدر خارجي مرة أخرى.
وكانت النقطة الخاصة بتكرار العدوى قد أثيرت أيضاً الشهر الماضي، بعد إعلان السلطات الصحية في اليابان أن سيدة تعافت من كورونا وظهرت نتائج اختباراتها سلبية، قد أظهرت الاختبارات أنها إيجابيةٌ مرة أخرى.
لكن العدد الكبير من عودة العدوى للمتعافين في كوريا الجنوبية قد أثار المخاوف بشكل متزايد وجعل قضية إعادة العدوى في قلب تركيز العلماء ومراكز الأمراض المعدية حول العالم، السبت والأحد 11 و12 أبريل/نيسان.
تفسيرات متعددة
وتتركز التفسيرات لهذه النقطة في عدة احتمالات: أولها أن الشخص المصاب لم يتعافَ بشكل تام وظلت عدوى فيروس كورونا داخل الجسم لكنها خاملة ولم تظهر في نتائج الاختبارات، ثم نشطت الفيروسات وظهرت النتائج إيجابية بعد فترة قصيرة.
ويقول الدكتور دافيد كيلفين، أستاذ علم الميكروبات والمناعة في جامعة ديلهاوسي، إن "إعادة العدوى أمر غير محتمل"، ويمكن أن تكون هناك تفسيرات متعددة بالنسبة للحالات الجديدة، منها أن الشخص لم يكن تعافى تماماً من العدوى الأصلية، أو أن تكون أجهزة الاختبار نفسها بها مشكلة.
"حتى في حالة فيروس سارس، كانت هناك حالاتٌ ظل الفيروس بداخلها فترات طويلة جداً"، بحسب كيلفين، مضيفاً: "لو أن مسألة تكرار العدوى صحيحة فعلاً، فهذا يعني أننا نواجه أوقاتاً صعبة للغاية. شخصياً أجد الأمر عصيّاً على التصديق، لكن كل شيء وارد".
وقال كيلفين إنه من المحتمل أن يكون ظهور العدوى على الشخص مرة أخرى بعد فترة قصيرة سببه أن نتائج الاختبارات السلبية كانت خادعة أو غير دقيقة، وأن بقايا الفيروس كانت لا تزال موجودة لديه ولكنها ليست معدية لآخرين.
أجسام مضادة مؤقتة؟
تفسير آخر جاء على لسان لي كوين غوان، مدير قسم الوقاية والعلاج بمستشفى الصداقة الصينية اليابانية في بكين، يتعلق بأن من يصابون بمرض كوفيد-19 الناتج عن عدوى فيروس كورونا التاجي، يقوم جهازهم المناعي بتطوير أجسام مضادة، لكن من غير المؤكد أن المحسوم المدى الزمني الذي يستمر فيه وجود تلك الأجسام.
"الأجسام المضادة لا تستمر طويلاً داخل بعض الأفراد"، بحسب ما قاله "لي" لمجلة "يو إس إيه توداي" الأمريكية في فبراير/شباط الماضي، مضيفاً: "بالنسبة لكثير من المرضى الذين شُفوا من مرض كوفيد-19، يوجد احتمال أن ينتكسوا ويصابوا به مرة أخرى".
وفي حالة الأطفال، يعتقد العلماء حالياً أن العدوى بفيروس كورونا تؤدي تلقائياً إلى تطوير "حصانة قصيرة الأجل" على الأرجح، ويقول الدكتور بيتر يونغ الأستاذ المساعد لطب الأطفال بجامعة تكساس الطبية في هيوستن، إنه "لا أحد يعرف على وجه اليقين بعد، لكن معظم الأطفال على الأرجح يطورون على الأقل مناعة قصيرة الأجل ضد فيروس كورونا الذي يسبب مرض كوفيد-19".
لكن يونغ يضيف أنه "تماماً مثلما قد يتحول فيروس الإنفلونزا إلى نسخ أخرى، الأمر نفسه ينطبق على فيروس كورونا، وهو ما يعني أن الشخص يمكن أن يكون معرَّضاً لتكرار العدوى".