"مئات من الضباط والجنود مصابون بفيروس كورونا داخل الجيش السوري أو مشتبه بإصابتهم، والبعض يفكر في الفرار، بسبب الأوضاع الخطيرة في بعض الوحدات".
يبدو أن جبل الجليد الذي تحدثت عنه الأمم المتحدة في سوريا، أصبح يمثل خطراً حقيقياً على البلاد.
فرغم اتخاذ النظام السوري أخيراً، حزمة من الإجراءات للحد من انتشار فيروس كورونا في سوريا، فإنه من الواضح أن هناك توغلاً لمرض كورونا داخل الجيش السوري النظامي وغيره من القطاعات العسكرية التابعة للنظام.
والسبب -على ما يبدو- أن الجيش والميليشيات وغيرها من الوحدات العسكرية هي على الأرجح، الأكثر اختلاطاً بالإيرانيين.
وفرضت السلطات السورية حظر تجوال ليلياً على المواطنين السوريين، وعزلت قرى، وأقامت حجراً على عسكريين مصابين بفيروس "كورونا المستجد"، في عدة مراكز أُنشئت مؤخراً، لعزل المصابين العسكريين أو المشتبه في إصابتهم بالفيروس .
عدد ضخم من حالات كورونا داخل الجيش السوري
"الإصابات بفيروس كورونا بدأت بالانتشار الواسع في صفوف العسكريين ضمن قوات النظام العاملة بمختلف المحافظات السورية خلال الأيام القليلة الماضية"، حسبما قال لـ"عربي بوست" ضابط في قوات النظام فضَّل عدم الكشف عن اسمه.
وأضاف الضابط قائلاً: "أكثر من 140 عنصراً من قوات النظام، بينهم ضباط من الفرقة الرابعة ومجموعات عسكرية أخرى عاملة في ريف دمشق، تم عزلهم ووضعهم في مركز حجر صحي خاص بكورونا في منطقة القطيفة، التي تبعد عن العاصمة دمشق 30 كم، نتيجة الاشتباه في تعرُّضهم للإصابة بفيروس كورونا، بعد ظهور الأعراض المشابهة على العناصر".
ولفت إلى أن ما يقارب 80 عنصراً آخرين تم الحجر عليهم في مركز خاص بعلاج كورونا، في مدينة خان شيخون جنوب إدلب، خلال اليومين الماضيين، بعد عزلهم عن زملائهم في النقاط العسكرية المنتشرة بالمناطق الجنوبية والشرقية لإدلب، وأن أكثر من 20 عنصراً من بين هؤلاء العناصر حالاتهم خطرة للغاية.
وقال أيضاً نقلاً عن أحد زملائه الضباط في ريف إدلب، إن حالة خوف ورعب خيَّمت مؤخراً على عناصر قوات النظام العاملة في ريفي حماة وإدلب وحلب، بسبب تفشي فيروس كورونا بين عدد كبير من العناصر، ونقلهم إلى مراكز حجر صحي خاصة بالمرض.
وأرجع السبب إلى اختلاطهم وتعاملهم مع عناصر من الميليشيات الإيرانية، وصلوا مؤخراً من العراق وإيران إلى مواقع عسكرية مختلفة يشارك فيها عناصر سوريون.
مراكز حجر خاصة إيرانية
الناشط عمر الحلبي قال لـ"عربي بوست": "إن إيران أنشأت مؤخراً مركزين للحجر الصحي خاصَّين بعناصر ميليشياتها الموجودة في القسم الشمالي من سوريا: الأول في جبل عزان حيث القاعدة العسكرية الضخمة التابعة للحرس الثوري الإيراني جنوب حلب، والثاني بالقرب من مطار النيرب حيث مواقع الميليشيات الإيرانية شرق مدينة حلب، وتم عزل أعداد كبيرة من الميليشيات الإيرانية خلال الأيام الماضية، بسبب إصابتهم بفيروس كورونا".
ويضيف: "إن عدداً كبيراً من عناصر الميليشيات الإيرانية الموجودة في سوريا يحملون فيروس كورونا منذ وصولهم إلى سوريا منتصف مارس/آذار الماضي؛ وهو ما تسبب في نقل العدوى إلى عناصر سوريين بالإضافة إلى سكان محليين".
ويقول الحلبي: "لقد تعرض أكثر من 15 مدنياً في منطقة نبل والزهراء غرب حلب للإصابة بفيروس كورونا، وتم نقلهم إلى مشافٍ خاصة بمدينة حلب، وعزلهم ضمن أقسام خاصة بهذا المرض، حيث كانوا قد اختلطوا بمقاتلين إيرانيين وعراقيين في المنطقة".
مسافات أمان ومخاوف من التصفية بسبب كورونا
أحد العسكريين بصفوف قوات النظام الموجودة في إدلب قال خلال اتصال أجراه مع أقربائه: "إن أوامر صدرت من ضباط قوات النظام بعدم اقتراب العسكريين من بعضهم أو من المدنيين على نقاط التفتيش حتى مسافة 5 أمتار؛ خوفاً من تلقيهم العدوى بفيروس كورونا من عناصر عسكرية قد تكون مصابة بالفيروس؛ نظراً إلى انتشار الإصابة بين عدد كبير من الوحدات والنقاط العسكرية في إدلب وغيرها من المناطق السورية الخاضعة لسيطرة النظام".
ونقل أقارب هذا العسكري عنه قوله: "إن عدداً كبيراً من العسكريين على معرفة بهم، نُقلوا مؤخراً إلى مراكز حجر صحي خاصة بكورونا في حماة وحلب، كانت قد ظهرت عليهم أعراضٌ تُشابه أعراض الإصابة بفيروس كورونا، ولم يعلم عن مصيرهم وصحتهم حتى الآن، ويُخشى من تصفيتهم على أيدي النظام"، حسب قوله.
ولفت إلى أن الحديث الذي يدور الآن بين العسكريين، هو كيفية الهرب من الثكنات العسكرية بعد تفشي فيروس كورونا بصفوف قوات النظام المنتشرة في مناطق حلب وإدلب وحماة؛ خوفاً من العدوى من جهة، ومن جهة ثانية بسبب الإجراءات الصارمة التي اتخذها ضباط وقادة لثكنات ومواقع عسكرية مؤخراً بسبب كورونا.
وقال إنه بمجرد أن يسعل عنصر أو يعطس تتجه الأنظار نحوه ويجري الاتصال فوراً بالكوادر الطبية العسكرية، ونقله إلى النقطة الطبية، وفحصه ومراقبة حالته الصحية لأيام، وسط تشديد أمني وعسكري
جبل الجليد الذي تخشاه الأمم المتحدة.. تقديرات النشطاء لحجم الوباء صادمة
وكانت سوريا من أواخر دول المنطقة التي تعلن عن اكتشاف مرض كورونا بها، حيث أعلنت وزارة الصحة السورية، الأحد الماضي، أن سيدة توفيت بعد دخولها المستشفى، وتبين بعد إجراء الاختبار أنها كانت تحمل فيروس كورونا، لتصبح بذلك أول حالة وفاة بالفيروس تسجَّل في سوريا، وأعلنت السلطات أن عدد الإصابات يبلغ نحو عشر إصابات.
وقبل إعلان سوريا عن ظهور هذه الحالات، عبَّر رئيس فريق منظمة الصحة العالمية للوقاية من الأخطار المعدية، عبدالنصير أبو بكر، لشبكة CNN، عن قلقه من نقص حالات الإصابة بفيروس "كورونا المستجد" المبلَّغ عنها في سوريا واليمن، مضيفاً: قد نتوقع "انفجاراً في الحالات".
وأوضح المسؤول في منظمة الصحة العالمية أنه "في حالة سوريا.. أنا متأكد من أن الفيروس ينتشر، لكنهم لم يكتشفوا الحالات بطريقة أو بأخرى. هذا هو شعوري، لكن ليس لديَّ أي دليل لإظهاره"، وتابع: "عاجلاً أم آجلاً، قد نتوقع انفجار حالات (هناك)".
وحذَّر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية من أن الحالات العشر المصابة وحالة الوفاة الوحيدة بفيروس "كورونا المستجد" في سوريا، ليست سوى "قمة جبل الجليد"، ومن المتوقع أن يكون هناك "تأثير مدمر" لذلك على المجتمعات الضعيفة.
ويقول ناشطون سوريون إن عشرات من السوريين قد تُوفوا في مناطق مختلفة من البلاد، بسبب تعرُّضهم للإصابة بفيروس كورونا، فضلاً عن إصابة مئات ممن يخضعون في الوقت الحالي للعزل والحجر الصحي ضمن مراكز "مركز 601 ومشافي المواساة والمجتهد بالعاصمة دمشق، ومراكز القطيفة وحمص وحماة وخان شيخون ودير الزور" لعلاج المصابين بفيروس كورونا.
وقدَّر بعض النشطاء أن أعداد المصابين بفيروس كورونا حتى الآن قد تصل إلى 1000 حالة، والعدد الأكبر من بين المصابين في مدينة دير الزور وضواحيها، بسبب النشاط الإيراني الكثيف "العسكري والتجاري"، ونقلهم العدوى إلى أبناء مدينة دير الزور.