يزعم الحوثيون أن لديهم صواريخهم الخاصة التي طوّروها، ولا يصدقهم أحد تقريباً، ويرى الجميع أن مصدرها إيران، ولكن هناك دلائل على أن الحوثيين قد أصبحت لديهم ترسانتهم الصاروخية الخاصة.
يعتقد أن الضربات الصاروخية التي ألحقت أضراراً بالغة بإحدى منشآت النفط السعودية الرئيسية في 14 سبتمبر/أيلول عام 2019، كانت تضم طائرات مسيرة بعيدة المدى، وتطلق صواريخ صغيرة موجهة حصل عليها الحوثيون من إيران.
ولكن الأخطر أن هناك مؤشرات على امتلاكهم صواريخ باليستية وكروز طويلة المدى، حصلوا عليها من مصادر أخرى غير إيران، حسبما ورد في تقرير لمجلة National Interest الأمريكية.
تقول المجلة إن الحوثيين يمتلكون ترسانة متطورة إلى حدّ مدهش من الصواريخ البالستية وصواريخ كروز محلية الصنع، يمكنها ضرب الأهداف في عمق المملكة العربية السعودية.
صاروخ بركان قادر على قصف أهداف على بعد 800 كلم.. تجربة صدام تخبرنا كيف صنعوه؟
ووفقاً لخبير الطيران توم كوبر، تعد صواريخ بركان Burkan السلاح الرئيسي في ترسانة الحوثي، وهو نسخة معدلة من صاروخ R-17E سكود السوفييتي الصنع، وأطول منه بحوالي 1.5 متر، وأثقل منه بحوالي 2000 كيلوغرام، ويمكنه الانطلاق لمدى أبعد من حوالي 804 كم.
ويُذكر أن الحوثيين ورثوا من الجيش اليمني عدداً كبيراً من صواريخ سكود التي يصدرها الاتحاد السوفييتي، بالإضافة إلى صواريخ سكود المصنعة في كوريا الشمالية التي تسمى "Hwasong-6s".
ويُشار إلى أن العراق أجرى تعديلات في الثمانينيات على صواريخ سكود وفقاً لمعايير صواريخ "الحسين" بعيدة المدى، التي تشبه صواريخ بركان. وقد تحدّث مهندس عراقي مع كوبر عن عملية التعديل، وقد يعطينا حديثه فكرة عن أصل قوة صواريخ الحوثيين بعيدة المدى.
ويقول المهندس لكوبر: "صاروخ R-17E شديد البساطة. فهو يضم من مقدمته إلى مؤخرته رأساً حربياً، ثم صندوق لبعض المعدات مثل الجيروسكوب والمؤقت، ثم خزان الوقود الذي يبلغ طوله حوالي 1.35 متر، وخزان المؤكسد الذي يبلغ طوله حوالي 2.7 متر. ويستقر المحرك في نهاية مؤخرته".
وتابع قائلاً: "ولا يمثل إطالة جسم الصاروخ مشكلة، لكن المشكلة تكمن في إطالة خزانات. وكان أبسط الحلول -وأول حل طبقناه- هو أخذ خزان من صاروخ آخر، وفصل مقطعه المركزي وإدخاله في خزان الصاروخ المعدل".
وأردف المهندس: "قبل إطلاق الإنتاج المحلي لخزانات الوقود المطولة، استخدمنا خزانات من ثلاثة صواريخ طراز R-17E لصناعة خزان لصاروخ الحسين. لكن المشكلة كانت تكمن في فصل خزان الوقود، ذلك أن فعل ذلك بالوسائل المتاحة يؤدي عادة إلى تدمير الخزان. إلا أننا عثرنا على مهندس تلقى تدريباً في إنجلترا قبل عام 1951. وتمكن من تعديل آلة الفصل بحيث لا يتضرر الخزان".
وأضاف: "وكان من المشكلات الأخرى التي واجهتنا لحام خزان الوقود الجديد المطول. فاضطررنا إلى استخدام غاز الأرغون في اللحام".
وقال: "المشكلة الثالثة كانت تتمثل في مركز الثقل. فخلال التجارب الأولى، كانت الصواريخ تهبط ببطء وهي في وضع أفقي، ولم تكن تنفجر. فكان الحل هو نقل أسطوانات الضغط الجوي من مؤخرة الصاروخ إلى مقدمته، بالقرب من الرأس الحربي، لزيادة ثقل مقدمته".
وأضاف: "أما المشكلة الأخيرة فكانت تخص البطاريات، إذ لم تنفجر بعض الصواريخ التي أطلقت على طهران عام 1988 لهذا السبب. وفي أبريل/نيسان عام 1988، ثبتنا بطارية ثانية، ولم يتكرر هذا ثانية".
ورغم أن هذا ليس دليلاً قاطعاً على أن اليمنيين أطالوا صواريخ R-17E أو صواريخ Hwasong-6 بأنفسهم، فهو يشير على الأقل إلى أن تعديل الصواريخ القديمة من طراز سكود إلى مدى أطول أمر ممكن.
القدس 1 شبيه بصاروخ إيراني ولكن ليس نسخة منه
يمتلك الحوثيون أيضاً صاروخ كروز يسمى "القدس 1″، الذي، وفقاً لخبير الصواريخ فابيان هينز، قد يكون نسخة من صاروخ سومار الإيراني، الذي هو بدوره نسخة من صاروخ Kh-55 الروسي.
وقد لاحظ العديد من المراقبين تشابه تصميمها العام مع صواريخ سومر، فزعموا أن إيران هربتها ببساطة إلى اليمن، حيث أعاد الحوثيون طلاءها ومنحوها اسماً جديداً، كما فعلوا من قبل مع صواريخ قيام.
لكن هناك بعض الاختلافات بين صواريخ القدس 1 وصواريخ سومار. وتشمل هذه الاختلافات التصميم الكامل لأجهزة التعزيز، وموقع الجناح، والأجنحة الثابتة في صواريخ القدس 1، وشكل مخروط المقدمة، وشكل جسم الصاروخ في الخلف، وموضع المثبتات، وشكل غطاء المحرك وفتحة العادم.
وثمة فرق آخر واضح بين صواريخ القدس 1 وصواريخ سومار/هويزة: وهو الحجم. إذ يكشف فحص سريع بالعين المجردة أن قُطر صواريخ القدس 1 أصغر من قُطر صواريخ سومار.
وتضم صواريخ القدس 1 محرك TJ100 التشيكي الصنع، وهو أقل قوة من المحرك الروسي الصنع المستخدم في صواريخ Kh-55.
ويكتب هينز في هذا الشأن قائلاً: "كل هذا يتركنا نتساءل عن هوية مطوري ومصنعي صواريخ القدس 1. إذ تبدو فكرة أن اليمن الذي مزقته الحرب باستطاعته تطوير صاروخ كروز دون أي مساعدة خارجية مستبعدة.
وبالنظر إلى أن إيران زودت الحوثيين في السابق بهذه الصواريخ، وحقيقة أن البلاد تستخدم محركات TJ100 في برنامجها للطائرات المسيرة، فهذا يعني ضمناً أن إيران قد تكون خلف صواريخ القدس 1″.
وأضاف: "غير أننا لم نشاهد حتى الآن أي أثر لصواريخ القدس 1 في إيران. وهذا اللغز لا يقتصر على صواريخ القدس 1. فبدءاً من عام 2018، بدأت عدة منظومات صاروخية في الظهور في اليمن تتشابه بشكل كبير مع المنظومات التي تصممها إيران، رغم عدم وجود مُكافئ إيراني يماثلها تماماً".