أعلنت كوريا الشمالية أنها خالية تماماً من فيروس كورونا، الذي صار جائحة (انتشار وبائي عالمي)، ووضع أمماً بأكملها في حالة حظرٍ. ومع ذلك، فإن المشكلة في تصريحات كيم يونغ أون المدوّية هي أنه لا يوجد من يصدّقها، كما تقول شبكة Fox News الأمريكية.
تقع كل من الصين وكوريا الجنوبية على حدود كوريا الشمالية، وهما بلدان ضمن الأكثر تضرراً في العالم جراء الفيروس، وفي يوم الإثنين، 16 مارس/آذار 2020، أعلنت الصين أن لديها 81.036 حالة إصابة بالفيروس، وأكثر من 3200 حالة وفاة في إثره.
وقد تحسّن كثيراً وضع كوريا الجنوبية، التي لديها إحدى أقوى سياسات الفحص في العالم، وأشاد خبراء الصحة بقدرة البلاد على إخضاع عددٍ هائل من ساكنيها لفحص الكشف عن فيروس كورونا.
إذ أخضعت كوريا الجنوبية أكثرَ من ربع مليون شخص على أراضيها للفحص، وهو ما يعادل مواطناً واحداً بين كل 200 مواطن. وقد تدفع الأخبار التي تفيد بتوقّف تسجيل حالات جديدة في كوريا الجنوبية زعماء دوليين إلى تكرار نهج هذا البلد.
الشمالية ترفض الاعتراف بوجود مصابين
تقول الشبكة الأمريكية، إنه ليس من المحتمل أن تكون كوريا الشمالية واحدة من تلك البلدان، إذ إنها ترفض الاعتراف بأن هناك مصابين على أراضيها، على الرغم من عشرات السرديات الدالّة على عكس ما ترويه السلطات.
إذ تقول المُحللة السابقة لدى وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية والمتخصصة بشؤون كوريا الشمالية، جونغ باك، إنه من المُستحيل ألا يكون لدى كوريا الشمالية حالة واحدة مُصابة بفيروس كورونا.
وتعتقد جونغ باك، وهي زميلة في معهد بروكينغز في الوقت الراهن، أن الزعيم الكوري كيم "يكذب بشأن أعداد المصابين ليظهر للعالم أنه مازال مُسيطراً على زمام الأمور، ويمكنه حماية شعبه من المرض القاتل، رغم مُضيّ عقدٍ من العقوبات الاقتصادية والمالية المقوّضة المفروضة على البلاد بسبب انتهاكات حقوق الإنسان على أراضيها، والهجمات الإلكترونية، وغسيل الأموال، والمعركة المحتدمة بشأن الأسلحة النووية".
عزلتها عن العالم أنقذتها؟
وتقول سلطات بيونغ يانغ إنها كانت قادرة على حماية نفسها من فيروس كورونا من خلال اتخاذها تدابير استباقية من أجل "النجاة الوطنية"، إذ أغلق البلد حدوده، وقطع سُبل التجارة مع الصين، وأطال مدّة الحجر الصحّي لتبلغ 30 يوماً، وفرض قيوداً على أنشطة الدبلوماسيين الأجانب والموظّفين الدوليين المقيمين في كوريا الشمالية. وفي الواقع، تفتخر كوريا الشمالية بأن عزلتها عن بقيّة العالم هي التي تُنقذها.
وفي حين أن هناك فرصة ضئيلة لتخطّي الفيروس تلك الحدود المدججة بالسلاح مع كوريا الجنوبية، أو مجيئه عبر المسارات المقطوعة مع الصين، فهناك تجار السوق السوداء الذين يعملون في المنطقة منذ سنوات، والذين بإمكانهم جلب الفيروس معهم إلى البلاد.
تقليص النشاط العسكري
يعتقد الجنرال روبرت أبرامز، قائد القوات الأمريكية في كوريا، أن ثمّة ما يشير إلى أن كوريا الشمالية لديها ضحايا أصيبوا بفيروس كورونا، وهو تقلّص النشاط العسكري في الأسابيع الأخيرة.
وقال أبرامز للصحفيين، يوم الجمعة، إن الولايات المتحدة "متأكدة إلى حدٍّ ما" من أن السلطات في كوريا الشمالية قد شعرت بوطأة الخراب المصاحب لفيروس كورونا.
وأضاف: "إنها أمّة مُنغلقة على نفسها، لذا لا يمكننا الجزم بأن لديها حالات مصابة بالفيروس، ولكننا متأكدون إلى حدٍّ كبير من أن كوريا الشمالية بها حالات بالفعل. وما أعرفه هو أن قواتهم المسلحة كانت خاضعة لحظرٍ دام 30 يوماً، ولم يبدأوا في التدريبات الروتينية سوى في الوقت الراهن. وثمّة مثال يتجسّد وهو أنهم لم يُحلّقوا بطائرة منذ 24 يوماً".
وهناك كذلك العشرات من السرديات التي تشير إلى التستّر على واقع الأمر بشأن الفيروس في كوريا الشمالية.
وزارة "التوحيد الوطنية" بكوريا الشمالية، التي تشرف على العلاقات بين الكوريتين، قالت في أواخر فبراير/شباط 2020، إن السلطات في كوريا الشمالية قد أعلمت منظّمة الصحة العالمية أنها أخضعت 141 شخصاً لفحص الكشف عن فيروس كورونا، ولكن نتائجهم جميعاً كانت سلبية، ومع ذلك، ذكرت وسائلة إعلامية كورية جنوبية نقلاً عن مصادر غير مُعلنة، أن هناك حالات مصابة بالفيروس في كوريا الشمالية، وبعضها معرّض للوفاة.
"دمار كاسح"
وفي الوقت نفسه تقريباً، قالت المتحدّثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، مورغان أورتاغوس، إن الولايات المتحدة "في قلق عميق إزاء هشاشة الشعب الكوري الشمالي في مواجهة فاشية فيروس كورونا".
وعلى الرغم من تناقض الأقاويل بين الكوريتين، ثمة شيء واحد مؤكّد، هو أنه إذا وصل الفيروس إلى بيونغ يانغ، فهذا يعني دماراً كاسحاً بالنسبة لبلدٍ منعزلٍ عن بقيّة العالم. وتعتقد المحللة جونغ باك أن العقود التي أمضتها كوريا الشمالية في سوء الإدارة، وضآلة جودة المنظومة الطبيّة، فضلاً عن العقوبات القاسية التي جعلت 40% من سكان البلاد يعانون من سوء التغذية، لن تزيد الوضع إلا سوءاً.