طرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في مؤتمرٍ صحفي، الخميس 17 مارس/آذار 2020، التساؤل الأبرز في هذه المرحلة: كم سنستغرق من الوقت حتى تعود الأمور إلى طبيعتها؟ وقال ترامب: "يتحدث الناس عن شهري يوليو/تموز، وأغسطس/آب".
لكن عديداً من الأطباء والعلماء يقولون إننا نطرح التساؤل الخاطئ.
إذ قالت سارة فورتشن، أستاذة ورئيسة قسم الأمراض المعدية والمناعة في مدرسة تشان للصحة العامة بجامعة هارفارد: "يجب أن يتحول حديثنا من: كيف أن الأزمة غير ملائمة لي؟ إلى: من هم الأشخاص الأكثر معاناة وكيف يمكن أن نساعدهم؟ فكِّروا في الأمر كخدمةٍ مجتمعية".
رغم أن الحياة في ظل الإغلاق التام مزعجةٌ، قال الخبراء إن هذا ربما يكون الطريقة الوحيدة لمنع الموت الجماعي والعدوى، بحسب صحيفة The New York Times الأمريكية.
لا لقاح قبل 2021
يقول مسؤولو الصحة العامة إنَّ مصل فيروس كورونا لن يكون جاهزاً للاستخدام العام قبل مرور عام إلى 18 شهراً على الأقل، وهو ما يعني أننا سننتظر حتى 2021. بدأت التجارب الأولية لاستخدام المصل، الإثنين 16 مارس/آذار 2020، وسيستغرق الأمر بعض الوقت حتى يتأكدوا أن المصل يعمل فعلاً.
وقال نيكولاس كريستاكيس، الخبير في علم العدوى والأستاذ بجامعة يال: "لهذا اتُّخذت كل هذه الإجراءات؛ للحد من الاختلاط الاجتماعي، لتقليل حدة الوباء بينما يحاول أن يسحقنا".
لكن متى تنحسر موجة الوباء؟
تقول الصحيفة الأمريكية: "إذا كنا نعتمد على المسافة المادية والاجتماعية لإبطاء وتيرة العدوى، فإن التقدير المتفائل المنتشر بين الخبراء يذهب إلى انحسار حدة انتشار الفيروس في غضون شهرين، وهو أقل من توقعات ترامب بكثير".
وقالت مورغان كاتز، أستاذ مساعد في علم الأمراض المعدية في كلية الطب بجامعة جونز هوبكنز: "أقول إننا سنبدأ نشعر بأننا نخرج من هذه الأزمة بحلول بداية شهر مايو/أيار. هذا ما آمله".
علامَ تم الاعتماد في هذه التقديرات؟
وجهت مورغان وغيرها من الخبراء أنظارهم إلى الصين، كي يتمكنوا من تقديم توقعات تقريبية حول المدى الزمني الذي سيستغرقه تفشي هذا الفيروس وحالة الاضطراب الاجتماعي المصاحبة له في الولايات المتحدة. بعد ظهور أول حالات بالصين في ديسمبر/كانون الأول، بدأ تداول تقارير عن ظهور فيروس جديد غريب في بداية يناير/كانون الثاني. بنهاية الشهر ذاته، أُغلقت معظم أنحاء البلاد. وخلال فبراير/شباط، كانت هناك حرب شاملة ضد فيروس كورونا. أُغلقت المدارس، والمتاجر، وبقي الجميع في منازلهم.
لكن في بداية مارس/آذار، وبعد مرور شهرين من استخدام إجراءات مشددة لاحتواء الوباء، بدأت الأمور تتغير. إذ بدأت تتقلص أعداد الحالات المصابة بالفيروس. زار الرئيس الصيني شي جين بينغ مدينة ووهان، مركز اندلاع الوباء، وبدأت الحياة تعود ببطء إلى طبيعتها.
اعتمد يانير بار يام، عالِم فيزياء ومؤسِّس ورئيس معهد نيو إنجلد للأنظمة المعقدة، وهو معهد بحثي متخصص في دراسة الأنظمة والشبكات، في تقديراته بشأن المدة التي سيبدأ بعدها انحسار الوباء، على استجابة الصين للأزمة. وقال بار يام: "سيستغرق الأمر شهراً ونصف الشهر، مع حساب التصحيح اللوغاريتمي، بمجرد أن نبدأ في فعل ما نحتاجه".
ماذا يتطلب نجاح ذلك؟
لكن معظم الخبراء، ومن ضمنهم بار يام، لا يعتبرون أن الولايات المتحدة قد بدأت فرض الحظر الملائم لمستوى الأزمة. فرغم إغلاق المدن لأنظمة المدارس والمطاعم، لا تزال المسافة الاجتماعية بين السكان مجرد توصية بدلاً من كونها سياسة مطبقة بالفعل مثلما هو الحال في إيطاليا.
وقال بار يام: "إن الأمر أشبه بكُرَة الهدم التي سترتطم بالبناء، لكنها لم تصطدم به بعد. كل يوم يمر دون أن نفعل فيه شيئاً، يزداد الأمر سوءاً وبوتيرة سريعة".
كيف سيكون الفيروس على المدى الطويل؟
وهناك تساؤل أيضاً حول الكيفية التي سيكون عليها فيروس كورونا على المدى الطويل. فربما يكون موسمياً، تخفُّ حدَّته فقط عندما يصبح الطقس دافئاً.
ربما يصبح مثل فيروس زيكا، وهو مرض يحمله الناموس ويتسبب في عيوب خلقية للمواليد. في معظم عام 2016، دمر الفيروس مجتمعات بأمريكا الجنوبية وجنوب شرقي آسيا. لكن خلال السنوات الثلاث الماضية، لم تسجَّل سوى بضع حالات مصابة بالمرض.
ربما يتصرف فيروس كورونا مثل وباء إنفلونزا الخنازير، الذي أصاب ملايين في 2009 وتسبب في وفاة أكثر من 10 آلاف شخص. لكنه أصبح الآن جزءاً من دورة الإنفلونزا السنوية، وفقاً لأندرو بيكوسز، أستاذ علم الأحياء المجهري في كلية بلومبيرغ للصحة العامة بجامعة جونز هوبكنز.
أو ربما يكون مثل الإنفلونزا الإسبانية في عام 1918، التي يُعتقد أنها كانت الأكثر إهلاكاً في التاريخ البشري. جاء هذا المرض، الذي قتل ما لا يقل عن 50 مليون شخص على مستوى العالم (ما يعادل 200 مليون حالياً)، على ثلاث موجات. وكانت الموجة الثانية، التي جاءت في خريف 1918، الأكثر إهلاكاً.
النموذجان الصيني والكوري الجنوبي
رغم أننا لا نعرف كثيراً عن المدى الزمنى الذي سيستغرقه وباء كورونا حتى يبدأ في الانحسار، يتفق معظم الخبراء على أن: الصين وكوريا الجنوبية تنحسر حدة الوباء لديهما بعد تطبيق إجراءات مشددة للكشف عن الفيروس واحتوائه. وستبلي بقية العالم بلاءً حسناً باتباع هذا النهج.
قال بار يام: "لقد أرتنا الصين نموذجاً عن الكيفية التي يمكن أن نتصرف بها لوقف الوباء. لقد أوقفوه. يجب أن نختار إذا كنا سنفعل هذا".