أصبح تأثير وباء فيروس كورونا على الأسواق الدولية خطيراً، حيث انخفض سعر برميل النفط إلى 31 دولاراً نتيجة لعدم القدرة على اتخاذ قرار مشترك أثناء اجتماع منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) والدول المنتجة للنفط من خارج المنظمة. يقول خبراء إن هذا الانخفاض في سعر البترول سيؤثر إيجابياً وسيعود بالنفع على تركيا. كيف ذلك؟
كيف سيؤثر انخفاض البترول على تركيا؟
نتيجة للخلاف بين روسيا والسعودية حول خفض إنتاج النفط، انخفضت الأسعار بنحو 30% حيث ضخ السعوديون الكثير من النفط في السوق. سيؤثر ذلك على الدول المنتجة مثل الولايات المتحدة وروسيا وإيران والسعودية. وعلى المدى الطويل فإن البلاد المستوردة للنفط مثل تركيا ستستفيد، كما تقول صحيفة صباح التركية.
يقول خبراء الطاقة بأن هذا الانخفاض سوف يؤثر إيجابياً على تركيا بنحو 5 مليارات دولار في المرحلة الأولى. ويرى رئيس جمعية اقتصاد الطاقة جوركين كومبار أوغلو بأن انخفاض أسعار البترول وأسعار المنتجات الأخرى أيضاً له تأثيرات مهمة على الاقتصاد التركي. مضيفاً أن انخفاض أسعار النفط الخام سيكون له تأثير إيجابي على أرصدة الاقتصاد الكلي، وكذلك انخفاض كبير في تكاليف إنتاج السلع والخدمات.
وقال كومبار أوغلو: "هذه فرصة مهمة بالنسبة لنا للاستفادة من هذا الحدث في وقت تبحث فيه الشركات التي تقوم بالتوريد من الصين عن حلول ومصادر جديدة".
لافتاً إلى الأرقام التي تدفعها تركيا مقابل واردات النفط، قائلاً: "كان سعر النفط في عام 2019 64.37 دولار للبرميل وبلغت واردات تركيا 263 مليون برميل. لذا دفعنا ما يقرب من 17 مليار دولار للنفط الخام. إذا قمنا بحساب سعر برميل النفط الخام لعام 2020 على أساس سعر اليوم وهو 35 دولاراً للبرميل فسندفع 9 مليارات دولار مقابل الكمية نفسها. إذا ظل متوسط سعر النفط الخام عند 35 دولاراً، فسوف ندفع 8 مليارات دولار أقل. هذه الأموال، التي ستبقى في خزانتنا، ستؤثر إيجابياً على الاقتصاد".
انخفاض النفط سيؤثر أيضاً على ارتفاع الأسعار
أكد كومبار أن انخفاض سعر النفط الخام سيؤثر إيجابياً على ارتفاع الأسعار: "أسعار النفط الخام، إذا فكرتم بهامش الجملة، تؤثر بنسبة 35% في ارتفاع الأسعار". وأضاف: "في تركيا، يوجد هامش ربح بنسبة 10٪ للتجار والموزعين، وهناك أيضاً تقريباً 55٪ ضرائب. تُحدد ضريبة الاستهلاك الخاصة كرقم ثابت لكل لتر بغض النظر عن سعر النفط الخام. لذلك، يرتفع معدل الضريبة كلما انخفض سعر البرميل".
يضيف: "ومن أجل الحد من ارتفاع الأسعار المرتبط بتقلبات أسعار الصرف الأجنبي اُستُحدث نظام إيشيل موبيل (eşel mobil) الذي عُدلَت فيه الضرائب. والآن من أجل الاستفادة على نحوٍ أكبر من انخفاض أسعار النفط الخام وتأثيره على ارتفاع الأسعار يجب تخفيض الضرائب مثل إيشيل موبيل. فالدخل الذي ستخسره من تخفيض الضرائب على منتجات الوقود سيعوض بشكل أكبر بسبب انتعاش اقتصاد الدولة".
لكن هل يطول هذا الانتعاش؟
يقول نجدت بامير رئيس قسم سياسات الطاقة بغرفة مهندسي البترول لصحيفة sözcü التركية، إن الحفاظ على هذا الوضع لن يكون سهلاً، مشيراً إلى أن "تأثير أسعار النفط علينا (إذا استمرت الأسعار في الانخفاض) سيكون بعد شهر، وسيظهر تأثير انخفاض أسعار الغاز بعد عدة شهور. كانت أسعار الغاز تُحتسَب في المتوسط لبعض أسعار المنتجات البترولية خلال الأشهر الستة الماضية. بل إنه يجري احتساب متوسط الأسعار في إيران خلال الأشهر التسعة الماضية. إذا استمر هذا الانخفاض لفترة طويلة، ستتأثر تركيا إيجابياً. وستنخفض كل من فاتورة استيراد النفط والغاز لدينا".
من جانبه، يقول الخبير الاقتصادي فولكان أوزديمير إن أسعار النفط تُحددها في الغالب الأسواق المالية وليس من خلال توازن العرض المادي. وقال: "كان هناك بالفعل تذبذب كبير في السوق بسبب فيروس كورونا. انخفضت أسعار النفط من 65 دولاراً إلى 35 دولاراً خلال شهر. ساءت الأوضاع كثيراً عندما أُضيف كل هذا إلى فشل روسيا في الاقتراب من الاتفاق. لكن رأيي هو أن السبب الرئيسي لهذا التراجع هو الاضطراب الكبير في الأسواق المالية".
الصراع الأساسي هو حماية الحصة السوقية
يقول نجدت بامير، "لفترة من الوقت كان السعوديون يحاولون تقليل العرض ورفع الأسعار مع الروس. في الآونة الأخيرة، بسبب وباء كورونا، وقيود السفر، وما إلى ذلك انخفض الطلب لذلك انخفضت الأسعار. لكن روسيا قالت إنها لن تخفض الإنتاج ولن تخفض العرض. رد السعوديون قائلين: "حسناً، هذا ما هو عليه الأمر".
ويرى محللون أن البلدان المنتجة والمصدرة للنفط ستتأثر سلباً بالظروف الحالية، وأن أكثر من سيتأثر بهذه الأوضاع هم السعوديون، ستتأثر روسيا أيضاً لكن ليس بالدرجة نفسها. من ناحية أخرى، من المحتمل أن يعاني منتجو النفط الصخري من جراء تكاليف الاستخراج العالية. ستكون الولايات المتحدة الأكثر تضرراً.
يقول أوزديمير: من الآن فصاعداً سنرى أن السباق الأساسي هو حماية حصة السوق. نظام البترودولار ينتهي شيئاً فشيئاً مع أحدث اضطراب مالي عالمي، وهذه التطورات بشكل عام لها تأثير إيجابي على تركيا.