يبدو أنَّ النمو الذي يشهده نفط الصخر الزيتي الأمريكي منذ فترةٍ طويلة على وشك الانخفاض، ليصبح ضحيةً مباشرة لحرب الأسعار السعودية الروسية، لكن بعد فترة من خفض انتاج النفط الزيتي ستعود الأسعار إلى الإرتفاع مرة أخرى الشيء الذي سينعكس على النفط الأميركي مباشرة
إذ قالت شركة أرامكو السعودية إنَّها سترفع إنتاج النفط إلى 12.3 مليون برميل يومياً، في أبريل/نيسان المقبل، في خطوةٍ تصعيدية للحرب التي تخوضها على حصتها السوقية. ويُعتَقَد أنَّ هذا المستوى من الإنتاج يتجاوز ما يُمكِن أن تنتجه أرامكو على أساسٍ مستدام. بعبارةٍ أخرى، تبذل المملكة العربية السعودية قصارى جهدها لإغراق السوق، بحسب تقرير لموقع Oil Price الأمريكي.
السعودية تستعد للسيناريو الأسود!
كذلك لا يبدو أنَّ وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان مهتمٌ بلقاء المسؤولين الروس في أيِّ وقتٍ قريب. إذ قال الأمير عبدالعزيز لوكالة Reuters: "لا أرى أي حكمة في عقد اجتماعاتٍ في شهري مايو/أيار ويونيو/حزيران المقبلين لن تُثبِت إلَّا فشلنا في التعامل مع ما كان ينبغي لنا فعله في أزمةٍ كهذه، واتخاذ الإجراءات اللازمة".
ووفقاً لمؤسسة Energy Intelligence، وضعت المملكة العربية السعودية عدة أشكال للموازنة تحسباً لسيناريوهات تشهد انخفاض سعر النفط إلى ما بين 12 دولاراً و20 دولاراً للبرميل لتحديد القرارات التي ستتخذها، لدرجة أنَّها تأخذ احتياطاتها تحسُّباً لسيناريو متطرف قد ينخفض فيه سعر النفط إلى ما دون 10 دولارات للبرميل.
فيما تقول روسيا إنَّها تستطيع الصمود أمام حرب الأسعار حتى إذا ظلَّت تتراوح بين 25 و30 دولاراً للبرميل من 6 إلى 10 سنوات. لذا لا يبدو أنَّ أيَّاً من الجانبين مستعدٌ للتزحزح عن موقفه.
وقال بنك Raymond James الاستثماري في مذكرةٍ أصدرها: "سيظل يوم الإثنين محفوراً في تاريخ قطاع الطاقة، بصفته أحد أسوأ الأيام الكئيبة التي شهدها السوق. هل هو يوم الاستسلام؟ يبدو كذلك بالتأكيد… من الصعب تخيُّل مدى تفاقم سوء الوضع".
النفط الصخري الضحية
ونتيجة لذلك، سيكون نفط الصخر الزيتي الأمريكي هو الضحية المباشرة. إذ أضاف البنك الاستثماري في مذكرته: "ينبغي أنَّ يصل سعر النفط إلى أدنى مستوياته الممكنة حين يبدأ المنتجون في إغلاق الآبار، وهذا ما حدَّد المستوى الأدنى بالفعل قبل أربع سنوات".
وقد جاء رد الفعل سريعاً. فمع دخول أسعار الأسهم في حالةٍ من السقوط الحر، تضاعف عدد شركات نفط الزيت الصخري التي أعلنت خفض النفقات في بداية الأسبوع. إذ أعلنت شركتا Diamondback Energy وParsley Energy على الفور خفض الإنفاق وتقليل نشاط الحفر.
وكذلك قرَّرت شركة Cenovus Energy الكندية للنفط تخفيض نفقاتها الرأسمالية للعام الجاري بنسبة 32% وتوجيهات الإنتاج بنسبة 5%. فيما أعلنت شركة Ovintiv أنَّها ستخفض الإنفاق، وحاولت طمأنة المستثمرين القلقين بأنَّها تملك سيولة كافية. وخفَّضت شركة Marathon Oil الإنفاق بـ500 مليون دولار.
وحتى شركة Chevron اعترفت بأنَّها قد تحتاج إلى خفض الإنفاق، بعد أيام قليلة من كشفها عن أهدافها الطموحة بشأن التدفق النقدي الحر على مدى السنوات الخمس المقبلة. وقالت الشركة في تصريحٍ لوكالة Reuters في وقت متأخر، الإثنين 9 مارس/آذار: "نراجع بعض البدائل لخفض النفقات الرأسمالية، التي من المتوقع أن تخفض الإنتاج قصير الأجل، وتحافظ على القيمة طويلة الأجل". وتُعَد شركة Chevron أول شركة نفط كبرى تشير إلى أنها قد تخفض الإنفاق، وقد ذكرت أنَّها تحتاج إلى وصول سعر البرميل إلى 55 دولاراً من أجل تغطية نفقاتها ودُفعات المساهمين.
وفي ظل هذه الأسعار، لا توجد أي بئر تقريباً لنفط الصخر الزيتي يُمكن أن تُدِر أرباحاً إذا حُفِرت في الوقت الراهن. ومن جانبها تقول شركة Rystad Energy إنَّ بضع شركات فقط هي التي لديها "نقاط تَعادُل" أقل من أسعار النفط الحالية. إذ قالت شركة Friezo Loughrey Well Well Partners LLC لوكالة Bloomberg إنَّ نقاط التعادل الخاصة بنفط الحوض البرمي يجب أن تكون قريبةً من 68 دولاراً للبرميل، إذا أراد المستثمرون عائداً مناسباً في غضون 24 شهراً، لكنَّ الأسعار تبلغ حوالي نصف هذه القيمة في الوقت الراهن.
فيما كتب بنك Commerzbank في مذكرةٍ أصدرها: "العديد من الشركات الأمريكية لاستخراج النفط بالتكسير الهيدروليكي كانت واقعةً في مأزق بالفعل، قبل انخفاض الأسعار بسبب الديون المرتفعة وصعوبات التمويل، إذ انخفض نشاط الحفر باستمرار حتى منتصف يناير/كانون الثاني، وظل راكداً منذ ذلك الحين عند مستوى منخفض".
ضربة للنفط الصخري
وهنا يمكن أن تُسفِر الضربة المزدوجة المتمثلة في انتشار جائحة فيروس كورونا وحرب الأسعار بين السعودية وروسيا عن توجيه ضربةٍ قاضية إلى نفط الصخر الزيتي الأمريكي.
غير أنَّ وجهات النظر المتعلقة بالتأثير الذي يقع على الإنتاج متفاوتة، إذ ذكرت شركة JBC Energy أنَّها "تُفضِّل توخِّي حذرٍ أكبر بشأن الاستفادة من انخفاض الإمدادات الأمريكية"، مضيفة أنَّ الأمر قد يستغرق بضعة أشهر قبل أن يبدأ الإنتاج في الانخفاض.
فيما يرى آخرون أنَّ الانخفاض سيكون فورياً، إذ قال بيارن شيلدروب، كبير محللي السلع في مجموعة SEB البنكية في بيان: "من الطبيعي والمتوقع انخفاض إنتاج نفط الصخر الزيتي في الولايات المتحدة بمقدارٍ يتراوح بين مليون ومليوني برميل يومياً، واستبعاد هذه الكمية من إجمالي إنتاج النفط الأمريكي الحالي البالغ 13.1 مليون برميل يومياً. ونعتقد الآن أنَّه من المستبعد للغاية التوصُّل إلى اتفاقٍ في اللحظات الأخيرة بين روسيا وأوبك، قبل انتهاء اتفاق التخفيضات الحالي في نهاية مارس/آذار 2020. ربما قررت روسيا بحزمٍ أنَّ الوقت قد حان لسحب البساط من تحت أقدام منتجي النفط الصخري، لذا فقد حان الوقت لإعادة ضبط حسابات قطاع نفط الصخر الزيتي إلى نقطة الصفر مرةً أخرى".