تفتح الصفقة الجديدة التي وقّعها مُفاوضو أمريكا وحركة طالبان الباب أمام المفاوضات المُباشرة بين الحركة وبقية الأفغان، التي تشمل حكومة البلاد، حول المستقبل السياسي بعد أن تُنهي الولايات المتحدة وجودها العسكري. وربما تُسفِر المفاوضات أيضاً عن وقف إطلاق النار.
وإليكم النقاط الرئيسية في هذه الاتفاقية، ونظرةٌ على الطريقة التي يُمكن أن تتكشّف بها الأحداث، بحسب تقرير لصحيفة New York Times الأمريكية.
سيبدأ سحب الجنود الأمريكيين تدريجياً.
وافقت الولايات المتحدة على سحب قواتها من أفغانستان في مقابل تأكيدات من طالبان بأنّها لن تمنح ملاذاً لجماعات جهادية مثل تنظيم القاعدة.
وفي الوقت الحالي، تمتلك الولايات المتحدة قرابة الـ12 ألف جندي في البلاد، بعد أن وصل عدد الجنود هناك في ذروة الحرب إلى 100 ألف جندي قبل عقدٍ كامل تقريباً. ويحظون بدعم بضعة آلاف من جنود حلفاء الناتو الآخرين.
واتّفق الطرفان على انسحابٍ تدريجي قائم على شروط وعلى مدار 14 شهراً. وخلال المرحلة الأولى، سيُغادر قرابة الخمسة آلاف جندي في غضون 135 يوماً. وإبان الانسحاب التدريجي، سيتعيّن على طالبان والحكومة الأفغانية التوصُّل إلى تسويةٍ أكثر واقعية لتقاسم السلطة. وسيمنح هذا الإطار الزمني الحكومة الغطاء اللازم من الحماية العسكرية الأمريكية أثناء التفاوض.
طالبان تتعهّد بحظر الجماعات الجهادية
دخلت الولايات المتحدة أفغانستان بحجة أن طالبان منحت القاعدة ملاذاً آمناً، التي كانت تقف وراء تنفيذ هجمات الـ11 من سبتمبر/أيلول الإرهابية.
وطوال سنوات، ورغم تدمير القاعدة نتيجة سنوات من العمليات العسكرية الأمريكية، رفضت حركة طالبان التنصُّل علانيةً من الجماعة التي ما تزال تتعهّد بالولاء لزعيم طالبان الأعلى. ولكن نتيجةً لهذه الصفقة، تعهّدت طالبان بمنع القاعدة والجماعات الجهادية الأخرى من استخدام الأراضي الأفغانية لتنظيم الهجمات ضد الولايات المتحدة وحلفائها.
لكن هذه الاتفاقية تجنّبت حقيقةً واحدة: وهي أنّ الفصيل المُهيمن داخل طالبان، شبكة حقاني، ما يزال مُصنّفاً جماعةً إرهابية بواسطة الولايات المتحدة بعد أنّ نفذ العشرات من التفجيرات الانتحارية، فضلاً عن أنّ قائد الشبكة سراج الدين حقاني هو نائب زعيم طالبان وقائد العمليات.
وتعتزم الولايات المتحدة وطالبان تشكيل كيانٍ رقابي مشترك مع قطر، حيث عُقِدَت المفاوضات، لتقييم التقدُّم المُحرز في ما يتعلّق بتلك الالتزامات.
كما التزمت الولايات المتحدة بالعمل على إطلاق سراح خمسة آلاف سجين من طالبان تحتجزهم الحكومة الأفغانية، إلى جانب ألف سجينٍ آخر من قوات الأمن الأفغانية تحتجزهم طالبان بحلول الـ10 من مارس/آذار، وهذا قبل أن يجلس الطرفان على طاولة المفاوضات المباشرة. كما ستُراجع الولايات المتحدة مسألة العقوبات المفروضة على أعضاء طالبان، وستبدأ جهودها الدبلوماسية مع الأمم المتحدة لإلغاء تلك العقوبات.
الخطوة التالية هي المحادثات المُعقّدة بين الأفغان.
تفتح الاتفاقية الجديدة بين الولايات المتحدة وطالبان الطريق أمام خطوةٍ تالية صعبة ولكنها حاسمة: المفاوضات بين طالبان والأفغان الآخرين، ومن بينهم حكومة البلاد، حول تقاسم السلطة مستقبلاً. ومن المتوقّع أن تنطلق هذه المحادثات قريباً، في غضون 10 أيامٍ أو أقل.
لكن طالبان، التي قادت غالبية الأفغان بين عامي 1996 و2001 قبل أن يُطيح بها الغزو العسكري الأمريكي، ترفض الاعتراف بحكومة أفغانستان الحالية.
وهذا يُعرّض القضايا الكبرى الأخرى للخطر، مثل حقوق المرأة والحريات المدنية.
وستزيد الانقسامات داخل أفغانستان من تعقيد المفاوضات، إذ إنّ المعسكر الديمقراطي منقسمٌ بشدة نتيجة الانتخابات المتنازع عليها، بعد أن أعلن المتنافس الرئيسي أنّه سيُشكّل حكومته الخاصة عقب فوز الرئيس أشرف غني بفترةٍ رئاسية ثانية.
الصفقة مرتبطةٌ بخفض التصعيد فوراً.
طوال عملية المفاوضات تقريباً، طالب الجانب الأمريكي بوقف إطلاق النار لوقف سفك الدماء الذي يُودي بحياة العشرات يومياً، وخلق مساحة للحوار حول مستقبل البلاد. وباعتبار أنّ العنف هو وسيلة ضغطهم الأساسية، رفضت حركة طالبان هذا الطلب في المراحل الأولى للمحادثات، وقالوا إنّهم جاهزون لنقاش هذه النقطة خلال المفاوضات مع الأفغان الآخرين بمجرد أن تَعِدَ الولايات المتحدة بسحب جنودها.
وفي نهاية المطاف، توصّل الطرفان إلى تسوية: "خفض العنف" بشكلٍ كبير دون تسميته على أنّه وقفٌ لإطلاق النار. وجرى توقيع الاتفاقية بشرط اختبار خفض العنف المذكور لمدة سبعة أيام، وقال المسؤولون إنّ الأمر نجح إلى حد كبير، لدرجة أنّ الهجمات في أفغانستان، التي كانت تتراوح بين 50 و80 هجوماً يومياً، انخفضت إلى أقل من 10.
ومن المتوقّع أن يتواصل خفض العنف في المرحلة التالية من العملية، حتى يستطيع الطرفان الأفغانيان الاتفاق على وقف إطلاق نار أكثر شمولاً.