انتهت محادثات السلام بين الولايات المتحدة وحركة طالبان من أجل وضع حد للحرب الدائرة في أفغانستان منذ 40 عاماً. ونتيجة المحادثات التي استمرت على مدى إحدى عشرة جولة بين مسؤولي حركة طالبان، وزلماي خليل زاد ممثل الولايات المتحدة، اتفق الطرفان على إطلاق سراح معتقلي الطرفين، وخفض طالبان لأعمال العنف، وبداية الحوار الأفغاني.
على ماذا ينص اتفاق السلام؟
ينص الاتفاق على أن تنسحب القوات الأمريكية من أفغانستان بالتدريج، إلا أنه لم يتم الإعلان حتى الآن عن أي معلومات بخصوص تاريخ الانسحاب. ومن المنتظر توقيع الاتفاقية بين الولايات المتحدة وطالبان نهاية الشهر الجاري في العاصمة القطرية الدوحة بحضور ممثلين عن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومنظمة التعاون الإسلامي والدول المجاورة لأفغانستان.
وبالرغم من إصرار الحكومة الأفغانية على وقف إطلاق النار، لم تقبل طالبان إلا بخفض أعمال العنف لمدة سبعة أيام. ونتيجة للمباحثات تلتزم حركة طالبان بخفض أعمال العنف وتقليل عدد الهجمات بنسبة كبيرة في عموم أفغانستان لمدة سبعة أيام اعتباراً من 22 فبراير/شباط الجاري. بينما تعتبر الحكومة الأفغانية أن خفض أعمال العنف بنسبة كبيرة يعد وقفاً لإطلاق النار.
وعقب توقيع الاتفاق بين واشنطن وطالبان، ستقوم الولايات المتحدة والحكومة الأفغانية بإخلاء سبيل 5 آلاف سجين من طالبان، فيما تطلق حركة طالبان سراح ألف شخص محتجزين لديها.
ماذا عن الحوار الأفغاني الداخلي؟
من المقرر أن تبدأ مباحثات الحوار بين الأطراف في أفغانستان عقب انتهاء مرحلة إطلاق سراح السجناء. ولم تتوصل الحكومة الأفغانية أو حركة طالبان إلى قرار بشأن مكان عقد مباحثات الحوار الأفغاني.
فيما ستقوم الولايات المتحدة بدور الوسيط خلال مباحثات الحوار الأفغاني الذي سيناقش المشاكل الداخلية في أفغانستان ومطالب كلا الطرفين.
لكن بالرغم من عدم وجود توافق في وجهات النظر بين الحكومة الأفغانية والسياسيين حول اتفاق السلام، فإن الرئيس الأفغاني أشرف غني بدأ في التجهيزات اللازمة من أجل السلام.
وعقد أشرف غني اجتماعاً تشاورياً في العاصمة كابول مع قادة الفيالق والولاة في عموم البلاد من أجل بدء الحوار الأفغاني. وخلال الاجتماع قال الرئيس الأفغاني إنه يريد إنهاء أعمال العنف تماماً في أفغانستان وتحقيق السلام بشكل ملحوظ في البلاد، لافتاً إلى أن الحكومة هي التي ستحدد وفد التفاوض، وأن المحادثات ستدافع عن الحقوق الأساسية للشعب الأفغاني وسيكون القرار الأخير للحكومة. وأشار غني إلى أن وفد المباحثات الذي سيشكله سيكون وفداً شاملاً، معتبراً أن انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان بموجب الاتفاق مع طالبان لم يؤدِّ إلى أي آثار سلبية في البلاد.
خلافات الحكومة مع السياسيين
بينما تستمر جهود الرئيس الأفغاني من أجل السلام، أبدى بعض السياسيين رد فعل غاضباً تجاه الحكومة. غلب الدين حكمتيار، رئيس حزب "الحزب الإسلامي"، اتهم الحكومة بالتصرف بمفردها في موضوع محادثات السلام. وقال حكمتيار إن وفد التفاوض الذي سيدير الحوار الأفغاني يجب أن يمثل كل القطاعات بالمجتمع، معتبراً أنه ينبغي ألا تكون كل الصلاحيات في يد الحكومة فقط، بل يجب أن يتمتع وفد المفاوضات ببعض الصلاحيات في موضوع السلام. وأشار حكمتيار إلى أن الحكومة والسياسيين لم يتوصلوا بعد إلى اتفاق في وجهات النظر بخصوص الحوار الأفغاني.
في حين صرح رئيس المجلس التنفيذي بأفغانستان عبدالله عبدالله والرئيس السابق حامد كرزاي بأن وفد التفاوض يجب أن يكون شاملاً ويتمتع بصلاحيات.
تعليق محادثات السلام
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد ألغى، في 5 سبتمبر/ أيلول الماضي، محادثات السلام التي انطلقت بين الولايات المتحدة وحركة طالبان في ديسمبر/كانون الأول عام 2018 عقب هجوم استهدف الجنود الأمريكيين في أفغانستان وتبنته حركة طالبان.
وعقب تعليق المحادثات مع الولايات المتحدة لجأت حركة طالبان إلى روسيا، فأرسلت وفداً إلى موسكو من أجل العمل على استئناف محادثات السلام. وتم استئناف المفاوضات التي لف الغموض مصيرها عدة أسابيع، عقب إطلاق حركة طالبان سراح مواطنَين أمريكيين كانت تحتجزهما.
تسيطر حركة طالبان على مناطق كثيرة في أفغانستان وتشكل عنصر تهديد على الحكومة التي يديرها الرئيس أشرف غني. وبذلت الحكومة الأفغانية عدة محاولات لبدء محادثات السلام مع حركة طالبان، وقامت بتأسيس مجلس السلام لهذا الغرض.
وكانت هناك خطة لعقد لقاءات بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان في يونيو/حزيران عام 2013 بالعاصمة القطرية الدوحة في عهد الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي.
غير أن الحكومة الأفغانية انسحبت من المحادثات بسبب تعليق طالبان لوحة كتب عليها "إمارة أفغانستان الإسلامية"، إضافة إلى وضع راية للحركة بالمكتب الذي كان سيستضيف المحادثات. وتم إغلاق المكتب بعد شهر وتعليق المحادثات.