يبدو أن الخلافات داخل التحالف الحاكم في ماليزيا قد وصلت لطريق مسدود، وهو التفسير الأقرب لإقدام رئيس الوزراء مهاتير محمد على التقدم باستقالته للملك، فما قصة الأزمة السياسية هناك وأسباب الخلاف مع أنور إبراهيم؟
ما سبب الأزمة السياسية؟
أعلن مكتب رئيس الوزراء، الإثنين 24 فبراير/ شباط 2020، أن مهاتير أرسل خطاب استقالته إلى الملك عبدالله رعاية الله المصطفى بالله شاه، وقد قبلها الملك، ما يعني أن الدعوة لانتخابات مبكرة في البلاد تظل واحداً من السيناريوهات، لكنه ربما لا يكون أقربها على أرض الواقع.
استقالة مهاتير تأتي على خلفية تفجر الخلافات داخل الائتلاف الحاكم – تحالف الأمل – بسبب رغبة أنور إبراهيم – المنافس السياسي لرئيس الوزراء – في أن يحدد مهاتير موعداً للتخلي عن رئاسة الحكومة، بينما يصر مهاتير على أنه سيحدد موعد تخليه عن رئاسة الوزراء فقط بعد أن يضمن انتقالاً سلساً للسلطة.
وذكرت وسائل إعلام محلية أن اجتماعاً تم أمس، الأحد 23 فبراير/شباط، بين سياسيين من الائتلاف الحاكم بأحد فنادق العاصمة كوالالمبور مع نظرائهم من حزب المعارضة الرئيسي المنظمة الملايوية القومية المتحدة (أمنو)، تم فيه الاتفاق على تشكيل ائتلاف جديد يظل بموجبه مهاتير –94 عاماً– في منصبه كرئيس للوزراء حتى نهاية مدته الدستورية.
ما هو "تحالف الأمل"؟
يضم "تحالف الأمل" أربعة أحزاب رئيسية اتفقت فيما بينها مطلع يناير/كانون الثاني عام 2018 على دخول الانتخابات العامة معاً في مواجهة حزب المنظمة الملايوية القومية المتحدة (أمنو)، وهو الحزب الذي حكم ماليزيا على مدى ستة عقود كاملة، وحقق التحالف فوزاً مفاجئاً بالفعل في الانتخابات التي أجريت في مايو/أيار عام 2018.
شمل الاتفاق وقتها بين أحزاب "تحالف الأمل" أن يتخلى مهاتير عن رئاسة الوزراء – دون تحديد موعد محدد – لأنور إبراهيم بعد الفوز في الانتخابات، ومع ضغوط إبراهيم وحلفائه المتكررة كي يحدد مهاتير موعداً لتسليم السلطة حسب الاتفاق، بدأت بوادر الأزمة، وظهر الاستقطاب جلياً بين تيارين، أحدهما يريد استمرار مهاتير في السلطة، والآخر يريد تنفيذ الاتفاق.
ما تاريخ العلاقة بينهما؟
ترجع العلاقة بين مهاتير، زعيم حزب بيرساتو، وأنور إبراهيم، زعيم حزب عدالة الشعب، إلى حكومة مهاتير الأولى قبل عقود، حيث كان إبراهيم نائباً لرئيس الوزراء ووزيراً للمالية، وكانت العلاقة بينهما وقتها ممتازة، وكان ينظر إلى إبراهيم على أنه خليفة مهاتير محمد في السياسة الماليزية.
لكن وقع خلاف بينهما حول كيفية مواجهة الأزمة المالية التي ضربت النمور الآسيوية أواخر تسعينيات القرن الماضي، وقام مهاتير بإقالة أنور إبراهيم من منصبه وحكم عليه بالسجن ست سنوات بتهم فساد.
إبراهيم، من جانبه، زعم أن الاتهامات ضده تقف خلفها دوافع سياسية، وبعد أن قضى عقوبة السجن سافر إلى ألمانيا للعلاج وبعدها عاد إلى ماليزيا وخاض حزبه الانتخابات البرلمانية عام 2008 وفاز بـ31 مقعداً من مقاعد البرلمان البالغة 222 وأصبح رمزاً للمعارضة في ماليزيا.
وفي عام 2010 واجه إبراهيم اتهامات بالفساد مرة أخرى وأيضاً هذه المرة وصفها بالمؤامرة السياسية، واتهم رئيس الوزراء نجيب تون عبدالرزاق وزوجته بالضلوع في المؤامرة كونهما حسب قوله قابلا مساعده السابق "محمد سيف البخاري أزلان" قبل توجيه التهمة.
ولم يتم الحكم ببراءة إبراهيم للمرة الثانية سوى في منتصف مايو/أيار عام 2018 بعد فوز "تحالف الأمل" في الانتخابات العامة والإطاحة بتون عبدالرزق، وعاد التحالف مجدداً بين مهاتير ونائبه السابق، وكان مهاتير قد وعد بإسقاط تبعات الحكم عن إبراهيم خلال عامين.
لكن إبراهيم واجه الاتهامات نفسها مرة أخرى في ديسمبر/كانون الأول عندما استدعته الشرطة لاستجوابه بخصوص مزاعم أطلقها مساعده السابق محمد يوسف، ونفى أنور الاتهام، ووصفه بأنه "السياسة في أسوأ صورها".