هل تتجاوز موسكو وأنقرة الخلاف الحالي بشأن سوريا وليبيا؟ الإجابة نعم وبسبب بوتين وأردوغان

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/02/18 الساعة 13:17 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/02/18 الساعة 13:28 بتوقيت غرينتش
الرئيس التركي أردوغان مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين / رويترز

ظهر في السنوات القليلة الأخيرة سيناريوهان مختلفان حول علاقة روسيا وتركيا. الأول هو أنَّ رئيسي هاتين الدولتين، فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان، أصبحا مقربين بسبب استيائهما من السياسات الأوروبية والأمريكية، وإصرارهما على إفشال هذه السياسات.

والآخر هو أنَّ موسكو وأنقرة على خلاف متزايد حول قضايا مهمة مثل سوريا وليبيا. إذاً فالسؤال هو: هل مستوى التعاون المثير للإعجاب الذي نجح بوتين وأردوغان في تحقيقه سيمكنهما من التغلب على خلافاتهما الخطيرة، أم أنَّ خلافاتهما ستكون شديدة لدرجة التأثير سلباً في استعدادهما وقدرتهما على التعاون؟ أم أنهما سينجحان بطريقة أو بأخرى في الحفاظ على مستوى تعاونهما الحالي على الرغم من الخلافات الجادة بينهما؟

تقرير لموقع Responsible Statecraft الأمريكي يجيب عن هذه التساؤلات

بوتين يأمل ألا ترفع السعودية إنتاج النفط لتعويض انخفاض صادرات إيران، ويتحدث عن الهجوم على إدلب
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين/ رويترز

في سوريا مثلاً فإن الاختلافات وصلت لمرحلة خطيرة، حيث يبرز الآن تصميم نظام الأسد المدعوم من روسيا على استعادة إدلب من المعارضة السورية المدعومة من تركيا. وما تخشاه أنقرة هو أنه إذا سيطر نظام الأسد على إدلب، فسيتدفق عدد كبير من اللاجئين شمالاً إلى داخل تركيا، في حين أنها تعاني بالفعل لدعم موجات سابقة من اللاجئين تدفقت إليها منذ اندلاع الحرب الأهلية السورية في عام 2011. 

علاوة على ذلك، إذا استعاد نظام الأسد السيطرة على إدلب، فقد يسعى بعد ذلك إلى استعادة المناطق الشمالية التي فرضت تركيا نفوذها عليها، مثل عفرين. وقد اندلع بالفعل نزاع بين القوات التركية وقوات الأسد بمشاركة أفراد روس، والذي يمكن أن يزداد سوءاً. وقد تتطور دينامية مماثلة في النزاع بين الحكومة الليبية المعترف بها في الأمم المتحدة واللواء المتقاعد خليفة حفتر، الذي يشهد دعم تركيا الطرف الأول بينما تساعد روسيا (عبر متعاقدين عسكريين خاصين) الآخر.

هل بوتين وأردوغان قادران على احتواء الخلافات؟

وبحسب الموقع الأمريكي، فإنَّ حقيقة وصول بوتين وأردوغان لمستوى مثير للإعجاب من التعاون الثنائي خلال الأعوام القليلة الماضية تثير احتمالية أن يكونا قادرين على احتواء خلافاتهما الخطيرة في سوريا وليبيا، إن لم يكن التغلب عليها بالكامل. ويشير الانتعاش في علاقاتهما، بعد أقل من عام على تدهورها في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، عندما أسقطت القوات التركية طائرة عسكرية روسية، إلى أنَّ بوتين وأردوغان قد يكونا قادرين على التغلب على خلافات أخرى كذلك. وقد ساعد كثيراً على هذا التقارب اعتقاد أردوغان بأنَّ أمريكا وأوروبا أيدتا محاولة الانقلاب ضده في يوليو/تموز 2016، بينما دعمه بوتين. 

لكن هل ستسمح معارضة بوتين وأردوغان المشتركة للغرب بأن يتجاوزا خلافاتهما الحالية مثلما حدث في 2015؟ تكمن المشكلة في أنَّ السياسات الغربية والأمريكية التي يعارضها كل طرف ليست نفس الشيء. إذ يشعر بوتين بالغضب من العقوبات الاقتصادية التي فرضها الغرب على روسيا إثر ضمها شبه جزيرة القرم وتحركاتها في أوكرانيا. 

وبالرغم من أنَّ أردوغان لم ينضم لحملة الغرب ضد روسيا، لم يدعم ما فعله بوتين في أوكرانيا. وبالمثل، في الوقت الذي انزعج فيه أردوغان من الولايات المتحدة لدعمها القوات الكردية السورية التي يعتبرها متحالفة مع حزب العمال الكردستاني الذي تصنفه أنقرة تنظيماً إرهابياً، مدت موسكو يد العون للأكراد السوريين وعرضت أن تكون الوسيط بينهم ونظام الأسد، بعدما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انسحاب القوات الأمريكية من شمال شرقي سوريا.

الأسد والصراع مع تركيا

في صراعات الشرق الأوسط المختلفة، لا تميل موسكو في الغالب إلى مساندة طرف ما بالكامل ضد الطرف الآخر، بل يتمثل نهجها في محاولة الحفاظ على علاقات جيدة مع كل طرف. ففي سوريا، على سبيل المثال، اكتفت موسكو إلى حد كبير بمساعدة نظام الأسد في السيطرة على ما ستكون "سوريا المفيدة" لروسيا. فليس من الضروري لموسكو أن يستعيد الأسد الأراضي المفقودة في إدلب أو في أي مكان آخر. بل في الواقع، يمكن أن تتعايش مع فرض أنقرة نفوذها في المناطق القريبة من الحدود السورية التركية؛ إما بسبب مخاوفها من زيادة تدفق اللاجئين السوريين أو النفوذ الكردي. لكن المشكلة هي أنَّ نظام الأسد غير مستعد لتقبل النفوذ التركي في شمالي سوريا، لذلك يسعى بنشاط إلى طرده.

على الجانب الآخر، تريد تركيا من روسيا كبح جماح حلفائها السوريين، لكن موسكو أثبتت أنها غير راغبة أو غير قادرة على ذلك. وفي الواقع، قد تشعر موسكو بأنها مضطرة لدعم تصرفات نظام الأسد إما لأنها تخشى فقدان نفوذها لصالح إيران، أو الأسوأ من ذلك، المخاطرة بهزيمة قوات النظام السوري أمام القوات التركية والقوات السورية المدعومة من أنقرة. وفي أفضل الأحوال، يمكن لهذا أن ينهي آمال موسكو في تهدئة سوريا بما يكفي لجذب الاستثمارات الاقتصادية الخارجية من الخليج العربي وحتى الغرب الذي تأمل موسكو في تشجيعه (على الرغم من أنها آمال غير واقعية). أما في أسوأ الأحوال، يمكن أن تؤدي نكسة نظام الأسد إلى إعادة إحياء المعارضة ضده بشكل عام وهو ما لا ترغب موسكو في رؤيته.

إذاً في سوريا على وجه الخصوص، تدور الخلافات بين موسكو وأنقرة حول قضايا شديدة الخطورة. وليس واضحاً على الإطلاق أنَّ الكراهية المشتركة تجاه السياسات الأمريكية والأوروبية ستكون قادرة على مساعدة بوتين وأردوغان على التغلب على الخلافات هذه المرة.

تحميل المزيد