في بداية هذا الأسبوع، زار نتنياهو أوغندا، وهي محطة أخرى ضمن جولته، سبقتها زيارتان لواشنطن وموسكو، الأسبوع الماضي. والمدهش خلال تلك الزيارة هو عقد نتنياهو لقاءً مع رئيس مجلس السيادة بالسودان عبدالفتاح البرهان. ويعد هذا في إسرائيل "إنجازاً دبلوماسياً كبيراً" كان الغرض الأساسي منه خدمة هدف نتنياهو السياسي المتمثل في تعزيز صورته بأنه "رجل دولة لامع"، عشية جولة الانتخابات الثالثة.
ومن المحتمل أن يعمل مكتب رئيس الوزراء الآن بجد؛ في محاولة لترتيب اجتماعات أخرى من هذا القبيل -ربما مع قادة دول الخليج- قبل التصويت المقرر في 2 مارس/آذار، كما تقول صحيفة Haaretz الإسرائيلية.
كيف سيستفيد نتنياهو من ذلك؟
1- بحسب هآرتس، تهدف هذه التحركات بالإضافة لدعم نتنياهو في الانتخابات، إلى تهدئة اليمينيين المحبطين من وعود نتنياهو ومساعديه المتعلقة بضم المستوطنات على وجه السرعة، بعد إعلان صفقة القرن الأسبوع الماضي. ووضع مستشار الرئيس ترامب وصهره، غاريد كوشنر، نهاية (أو على الأقل للوقت الحالي) لتوقعات نتنياهو من خلال معارضة إتمام إسرائيل الضم قبل الانتخابات.
2- هناك "قيمة دبلوماسية كبيرة" تم تحقيقها من لقاء نتنياهو مع الزعيم السوداني. إذ يعمل نتنياهو باستمرار على توسيع علاقات إسرائيل مع الدول العربية والإسلامية -التي تبقى معظمها سرية، لكن بعضها غير سري- على الرغم من الجمود التام في المفاوضات مع الفلسطينيين، والذي ساهم فيه نتنياهو إسهاماً كبيرأً.
3- نجح رئيس الوزراء الإسرائيلي، في وقت مبكر، بإدراك تقارب المصالح بين إسرائيل والأنظمة السُّنية، على خلفية التهديد الذي يواجهه كلاهما، والمتمثل في التحالف الشيعي بقيادة إيران.
ما الذي سيستفيده السودان؟
إذا نجح هذا التقارب في الحصول، فهناك بعض "الأشياء القليلة" التي بإمكان السودان الحصول عليها من إسرائيل.. من بين هذه الأشياء:
1- المساعدات التكنولوجية والعلمية، والمساعدة في مجال الاستخبارات (الذي لم يُذكر علناً، لكن ناقشه الجانبان بالتأكيد).
2- الأهم من كل ذلك، الوصول إلى البيت الأبيض. فالسودان، مثله مثل بقية دول المنطقة، يدرك جيداً قوة الرابطة بين نتنياهو والإدارة الأمريكية الحالية.
3- وفي دولة "شبه منبوذة" مثل السودان، هناك حاجة ماسة لمساعدة من الغرب؛ لإعادة التأهيل بعد سنوات من الحرب الأهلية. ومن ثم، يُنظَر إلى إسرائيل على أنها قناة أساسية للتواصل مع الولايات المتحدة.
تحولات السودان الكبيرة
تقول الصحيفة الإسرائيلية، إنه قبل نحو عقدٍ من الزمان، كانت الخرطوم خاضعة تماماً لإيران. إذ كانت طهران تضخ الأموال إلى النظام الحاكم، وفي المقابل تلقت مساعدة لوجيستية قيّمة في مجال صناعة الأسلحة وعمليات تهريب الأسلحة. وفي الفترة من عام 2009 إلى عام 2012، كشفت وسائل الإعلام الأجنبية عن سلسلة من الهجمات الإسرائيلية، استهدفت سفن الأسلحة وقوافل التهريب، وفي إحدى الحالات حتى منشأة لتصنيع الأسلحة في السودان. وبعض هذه الهجمات شُنَّت جوياً، في حين شمل هجوم آخَر تنفيذ وحدة كوماندوز بَحرية غارة.
بالنسبة لإيران، شكَّل السودان طريق تهريب محورياً ساعدها في تنفيذ مهمتين: نقل الأسلحة إلى قطاع غزة عبر أراضيها ومن هناك إلى سيناء بمصر (بعد أن نجحت إسرائيل في وقف التهريب البحري).
في أعقاب الهزة التي ضربت العالم العربي بداية من عام 2010، بدأت دول الخليج بالضغط على السودان للانتقال إلى معسكرها. وبدأت تحل محل التمويل من طهران الأموال السعودية والمساعدات الاقتصادية من الإمارات العربية المتحدة. من جانبه، أسهم السودان في الدفع بشبابه الذين استخدمهم السعوديون كبارود مدافع في الحرب الأهلية باليمن، عندما تدخلوا نيابة عن النظام لمحاربة المتمردين الحوثيين الذين تدعمهم إيران. ويبدو أن كل هذه الظروف مهدت الطريق لتحسين العلاقات بين إسرائيل والسودان.