يبدو أن القنبلة النووية الإيرانية أصبحت أقرب من ذي قبل مع تعثر الاتفاق النووي جراء العقوبات الأمريكية.
وتبدو كل الأطراف المعنية تتحسب لاحتمال التصعيد بمن فيهم الأوروبيون في ظل تشبث الجانبين الأمريكي والإيراني بمواقفهما، حسبما ورد في تقرير نشر بموقع مركز stratfor الأمريكي.
ويكاد يكون من المؤكد أنَّ التوترات بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران ستتصاعد مُجدّداً في وقتٍ لاحق من هذا العام مع استمرار التوسّع في البرنامج النووي الإيراني.
فقد هدَّد مسؤولون إيرانيون في الأسابيع الأخيرة بالانسحاب من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية وتعليق بروتوكولها الإضافي المبرم مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في حال أعيد فرض العقوبات، التي كانت قائمة بموجب قرارات سابقة للأمم المتحدة ضد إيران.
ماذا يعني لجوء أوروبا لتفعيل آلية فض النزاع بالاتفاق النووي الإيراني؟
تأتي تهديدات إيران بعد أن قررت أوروبا "تفعيل آلية فض النزاع" المدرجة ضمن خطة العمل الشاملة المشتركة -المعروفة باسم الاتفاق النووي الإيراني.
لكن مجموعة "E3" المكوّنة من فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة ليس لديها رغبة كبيرة في تحفيز إعادة فرض العقوبات الأممية في الوقت الحالي.
تأمل الكتلة الأوروبية أن يؤدي تفعيل "آلية فض النزاع" إلى منع طهران من التوسع في برنامجها النووي بصورة كبيرة. لكن هذه الاستراتيجية ستحقق نجاحاً مؤقتاً فحسب. بسبب العقوبات الأمريكية، ستواصل إيران على الأرجح اتّخاذ موقف أكثر عدائية فيما يتعلق بسياستها النووية على الرغم من جهود الاتحاد الأوروبي لثنيها عن ذلك.
ولكن، ماذا ستفعل أمريكا إذا لم تفعّل أوروبا الآلية؟
لا تزال إيران والولايات المتحدة على طرفي نقيض فيما يتعلق بالبرنامج النووي لإيران وبرنامج صواريخها واستراتيجيتها الإقليمية. أبدت الولايات المتحدة استعداداً ضئيلاً لتغيير موقفها في حين لم تبد إيران اهتماماً يذكر بتوسيع نطاق المحادثات التي ترغب في قبولها أو التخلّي عن مطلبها بتخفيف العقوبات باعتباره شرطاً مسبقاً.
نتيجة لذلك، يُتوقع أن نشهد مزيداً من التصعيد في الشرق الأوسط في عام 2020.
وإذا لم يشرع الاتحاد الأوروبي في عملية تفعيل "آلية فض النزاع"، قد تجد الولايات المتحدة طريقة بمبادرة منها أحادية الجانب لإعادة فرض عقوبات ضد إيران. ستمارس الولايات المتحدة أيضاً ضغطاً دبلوماسياً -مدعوماً بتهديدات بفرض إجراءات عقابية- على مجموعة E3 لاتخاذ موقف أكثر تشدداً تجاه إيران.
بيد أنَّ طهران من غير المرجح أن تخضع لحملة الضغط الأمريكية القصوى قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقرر عقدها في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الجاري. كل هذا يزيد حتماً من مخاطر التصعيد بين إيران والولايات المتحدة ومجموعة E3 هذا العام -مما يثير احتمالية اندلاع أزمة تنطوي على مواجهة عسكرية محدودة.
إيران تعتبر الشروط الأمريكية استسلاماً
تراهن الولايات المتحدة على حملة الضغط الخاصة بها ضد إيران منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الإيراني في مايو/أيَّار 2018.
تتلخص مطالب الولايات المتحدة الرئيسية في توقف إيران عن دعم وكلائها الإقليميين، وإنهاء برنامجها النووي الموجّه لأغراض مدنية وقبول فرض قيود كبيرة على برنامج الصواريخ الباليستية الخاص بها.
بالنسبة لإيران، تعتبر الموافقة على هذه الشروط استسلاماً تاماً للولايات المتحدة.
إذ يؤدي وكلاء إيران دوراً حاسماً في بناء نفوذها السياسي والعسكري الإقليمي، بالإضافة إلى أنَّها تنظر إلى برامجها الصاروخية الباليستية والنووية المخصصة لأغراض مدنية باعتبارها أوجهاً طبيعية لقطاع الدفاع والاقتصاد "المقاوم"، الذي يهدف إلى إلغاء أثر العقوبات من خلال عدد من المبادرات، من ضمنها تعزيز الصناعات المحلية.
يُعوّض برنامج الصواريخ الإيراني طهران عن الافتقار إلى سلاح جو حديث. لذا، تريد إيران من الولايات المتحدة إلغاء العقوبات المتصلة بتلك البرامج.
وإدارة ترامب تراهن على أن الاضطرابات الشعبية ستجبرها على الإذعان
وأدَّت التظاهرات الكبيرة، التي اندلعت في طهران وعدد من المدن الأخرى في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، احتجاجاً على قرار الحكومة برفع أسعار الوقود والعمل بنظام الحصص، فضلاً عن احتجاجات أخرى اندلعت في يناير/كانون الثاني 2020 على خلفية إسقاط الطائرة التابعة للخطوط الجوية الدولية الأوكرانية الرحلة رقم 752، إلى اعتقاد كثيرين في إدارة ترامب أنَّ استراتيجية "الضغط الأقصى" تؤتي ثمارها.
يعتقد مؤيدو تلك الاستراتيجية أنَّ الأمر مجرّد مسألة وقت قبل أن تجبر الاضطرابات الشعبية إيران إما على الإذعان لمعظم مطالب الولايات المتحدة أو حتى إحداث تغيير في نظام الحكم.
وفي الوقت نفسه، يعتقد أولئك المؤيدون أنَّ العقوبات الاقتصادية الكبيرة ستحد من قدرة إيران على تمويل استراتيجيتها الدفاعية.
ولكن أبدت إيران استعداداً ضئيلاً للتزحزح عن موقفها في مواجهة الضغوط الأمريكية.
وقد نجحت أجهزتها الأمنية في السيطرة على الاحتجاجات على الرغم من اتساع نطاق حجمها.
في الواقع، تؤدي التوترات بين الولايات المتحدة وإيران إلى تقوية شوكة طهران من خلال دعم التيار المتشدّد بعدة وسائل منها تحسين فرصهم في الانتخابات البرلمانية المقررة في فبراير/شباط.
وإيران بدورها تراهن على هجماتها غير المتكافئة
في هذه الأثناء، استخدمت إيران هجمات غير متكافئة في محاولة لتثبيط الجهود الأمريكية. بدلاً من مواجهة الجيوش التقليدية النظامية الأقوى للولايات المتحدة وحلفائها مباشرةً، استخدمت إيران وسائل أخرى، من بينها جماعات مسلحة تحارب بالوكالة عنها للاعتداء على ناقلات النفط التجارية، وشن هجمات صاروخية والمشاركة في تدبير هجمات سيبرانية ضد أهداف تابعة للولايات المتحدة وحلفائها.
وهاجمت إيران في عام 2019 البنية التحتية النفطية السعودية عدة مرات، أبرزها كان هجوم سبتمبر/أيلول، على منشآت نفط حيوية تابعة لشركة أرامكو في بقيق وخريص.
ورغم أنَّه من غير المحتمل العودة إلى هذا النوع من التصعيد، لكن لا يمكن استبعاد ذلك تماماً. تأمل إيران أيضاً في دق إسفين بين الولايات المتحدة وحلفائها.
إذ يواجه الحلفاء وطأة الهجمات الإيرانية. وتُعتبر مثل هذه الاعتداءات محفوفة بالمخاطر لأنَّها تثير ردة فعل من الدول المعنية بتحقيق الاستقرار الإقليمي، مثل القوى الأوروبية. لهذا السبب، ضبطت إيران هجماتها بعناية.
لكن على الرغم من عدم وجود أرضية مشتركة بين طهران وواشنطن، أظهرت الأزمة، التي أعقبت مقتل القائد العسكري الإيراني قاسم سليماني، أنَّ الجانبين بوسعهما التوقف قبل الوصول إلى مرحلة النزاع العسكري المفتوح بمسافة قصيرة -حتى عندما يقتربان من تلك المرحلة إلى حدٍ خطير.
أوروبا تقترب من الموقف الأمريكي
تجد مجموعة E3 نفسها عالقة وسط تلك التوترات المتصاعدة. تتشاطر الدول الأوروبية معظم المخاوف الأمريكية بشأن صلات إيران بميليشيات إقليمية، وبرنامجها للصواريخ البالستية وأنشطتها النووية. أبدت فرنسا، على وجه الخصوص، استعدادها لمحاذاة الموقف الأمريكي بشأن برنامج الصواريخ الإيراني في حين أعربت المملكة المتحدة عن انزعاجها من تهديدات إيران للشحن البحري في الخليج العربي.
ومع ذلك، نظرت كلتا القوتين الأوربيتين إلى الاتفاق النووي الإيراني باعتباره إطاراً مثالياً يمكن من خلاله منع إيران من المضي قدماً في طريق السلاح النووي، وتعتقدان أنَّ مخاطر الانتشار النووي تفوق خطر الميليشيات والصواريخ بدرجة كبيرة.
تعتقد كلٌ من فرنسا والمملكة المتحدة أيضاً أنَّ العقوبات ثقيلة الوطأة ينبغي أن تقتصر على قضية البرنامج النووي بينما تُحل القضايا المتعلقة بالصواريخ والميليشيات من خلال المفاوضات.
وتحاول مطَّ أجَل الاتفاق النووي بدلاً من تمزيقه
تعتزم المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا إطالة أمد الاتفاق النووي، وليس تمزيقه، من خلال اختيار تفعيل "آلية فض النزاع"، في 14 يناير/كانون الثاني. تسعى مجموعة E3 إلى إبقاء إيران ملتزمةً ما تبقى من الاتفاق النووي أطول فترة ممكنة، من خلال إبطاء عملية "آلية فض النزاع" المدرجة ضمن الاتفاق النووي مع إيران، والتي يمكن أن تستمر عدة أشهر.
في 24 يناير/كانون الثاني، أعلن الاتحاد الأوروبي عن موافقة أعضائه على تمديد أمد هذه العملية رسمياً، وأنَّ اللجنة المشتركة للاتفاق النووي المبرم مع إيران عام 2015 -والتي تفض النزاعات- ستجتمع في شهر فبراير/شباط الجاري. ستحاول مجموعة E3 على الأرجح إطالة أمد العملية حتى موعد إجراء الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل؛ لرؤية ما إذا كانت الإدارة الأمريكية ستتغير.
ولكن المشكلة أن إيران تقترب من الحافة النووية
المشكلة بالنسبة للأوروبيين هي أن إيران على وشك بلوغ النقطة التي تمتلك عندها مخزوناً كافياً من اليورانيوم منخفض التخصيب، بحيث تستطيع لاحقاً زيادة تخصيبه كي تصنع قنبلة نووية.
على الرغم من أنَّ القوى الأوروبية اتّخذت موقفاً أقل صرامة من الولايات المتحدة إزاء إيران، لا تزال لديها خطوط حمراء.
فإذا واصلت إيران تعزيز برنامجها النووي وتطويره إلى حدٍّ كبير، فسوف تُسرّع القوى الأوروبية وتيرة بروتوكول فض النزاع الخاص بالاتفاق النووي.
وإذا انسحبت طهران من البروتوكول الإضافي أو من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، وهي الخطوة الأخطر من وجهة نظرهم، فستكون الدول الأوروبية على استعداد أكبر لدراسة إعادة فرض عقوبات قاسية.
ثمة خط أحمر آخر بالنسبة لأوروبا يتعلّق بتخصيب اليورانيوم. في حال اتّخذت إيران خطوة رفع نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 20%، قد تميل مجموعة E3 إلى السعي لتحفيز إعادة فرض العقوبات الأممية.
بالطبع، هذه التحركات من جانب إيران ستتجاوز أيضاً الخطوط الحمراء الأمريكية والإسرائيلية، وهو الأمر الذي قد ينجم عنه شن ضربات جوية أو تدبير هجمات سيبرانية تهدف إلى تعطيل المنشآت النووية الإيرانية.
سيشهد العالم ثلاثة انتخابات حاسمة خلال الأشهر الـ18 المقبلة، من شأنها تشكيل استراتيجية إيران تجاه الولايات المتحدة.
في 21 فبراير/شباط، ستعقد إيران انتخابات مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان الإيراني).
اللافت أن مجلس صيانة الدستور الإيراني منع ما يقرب من ثلث أعضاء البرلمان الإيراني الحاليين من الترشح؛ على أثر مزاعم تتعلق بشروط الأهلية والكفاءة، بالإضافة إلى إعلان علي لاريجاني، الذي ترأس البرلمان الإيراني فترة طويلة، أنَّه لن يترشح في الانتخابات المقبلة.
كل هذا من شأنه أن يجعل المتشددين الإيرانيين في وضعٍ جيد لتحقيق مكاسب كبيرة.
يُتوقع أن تنتهج إيران استراتيجية أكثر تشدداً في مواجهة الولايات المتحدة، في حال استعاد المتشددون الإيرانيون السيطرة على البرلمان أو حتى فازوا بعددٍ أكبر من المقاعد.
وتُعقد الانتخابات الثانية، المقررة في 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، بالولايات المتحدة. تتطلع إيران إلى معرفة ما إذا كانت إدارة ترامب ستتغيّر في نوفمبر/تشرين الثاني.
ستُفضّل طهران انتخاب رئيس ديمقراطي لديه استعداد للتراجع عن بعض المطالب الأمريكية المتشددة.
أما الانتخابات الثالثة فهي الانتخابات الرئاسية الإيرانية، المقرر عقدها في منتصف عام 2021 والتي لن يستطيع الرئيس الحالي حسن روحاني خوضها.
في هذه الأثناء، يتعيّن على إيران أن تقرر كيف سيكون رد فعلها على حملة الضغط الأمريكية المستمرة، لا سيما أنَّه من شبه المؤكد ستواصل إيران استراتيجيتها الصراعية غير المتكافئة في أماكن مثل العراق.
إيران خففت من نشاطها النووي
وعلى الرغم من تهديد وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، وعدد من المسؤولين الآخرين بالانسحاب من البروتوكول الإضافي للاتفاق النووي أو معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، فإنه من غير المرجح تنفيذ ذلك.
قد ينجم عن تنفيذ تلك التهديدات تداعيات خطيرة للغاية بالنسبة لإيران. قد تؤدي مثل هذه الخطوة بالتأكيد إلى إعادة فرض عقوبات مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، وهي خطوة ربما تلقى دعماً حتى من العضوتين الدائمتين في مجلس الأمن، روسيا والصين، في حال تجاوزت إيران الحد المقبول.
لكن اتخاذ قرار إعادة فرض العقوبات من شأنه إعادة أي مفاوضات إلى الوراء لسنوات، إذ سيتعين حينها البدء من نقطة الصفر وسيستغرق الأمر سنوات للتوصل إلى اتفاق جديد.
وخفَّفت إيران من حدة خطابها بشأن أنشطتها النووية، كما خفَّضت القيود المفروضة على برنامجها النووي، والتي وعدت بالتزامها بموجب الاتفاق النووي، منذ إلغاء الولايات المتحدة الإعفاءات على صادرات النفط، والتي تتيح لبعض مستوردي النفط الإيراني مواصلة الشراء دون مواجهة عقوبات أمريكية، في شهر مايو/أيار الماضي.
ولكن الوضع اختلف بعد مقتل سليماني.. وفي هذا التاريخ قد نصبح أمام القنبلة النووية الإيرانية
غير أنه منذ التصعيد الأخير بمقتل قاسم سليماني في يناير/كانون الثاني 2020، لم تكن إيران بالقدر نفسه من الصخب بشأن الحاجة إلى اتخاذ إجراءات جذرية للمضي قدماً مُجدّداً.
ومع ذلك، لا تحتاج إيران بذل مزيد من الجهد لاستفزاز الولايات المتحدة ومجموعة E3 ببرنامجها النووي، لأنَّها توشك على بلوغ النقطة التي تمتلك عندها مخزوناً كافياً من اليورانيوم منخفض التخصيب، بحيث تستطيع لاحقاً زيادة تخصيبه كي تصنع قنبلة نووية.
لذا في وقت مبكر من شهر مارس/آذار المقبل، قد تصبح طهران قادرة على تخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 5%، أي تقريباً نسبة يورانيوم كافية لصنع قنبلة نووية بعد مزيد من التخصيب.
وأمريكا وإسرائيل قد تبادران بمهاجمتها أم يفضل ترامب فرض مزيد من العقوبات
وإذا بدأت إيران تخصيب اليورانيوم بنسبة تتجاوز 5%، فستزداد بدرجة كبيرةٍ احتمالية أن تشن الولايات المتحدة وإسرائيل هجوماً لوقف ذلك.
لا يُعتبر فرض مزيد من العقوبات خياراً بعيداً بالنسبة للولايات المتحدة، التي أوشكت على اللجوء إليه من خلال فرض عقوبات أحادية الجانب على إيران، بعد أن فرضت بالفعل جزاءات على كل قطاع تقريباً من قطاعات الاقتصاد الإيراني.
بدلاً من ذلك، ثمة خياران رئيسيان أمام الولايات المتحدة لتكثيف الضغوط الاقتصادية والدبلوماسية على إيران.
أولاً، تستطيع الولايات المتحدة تطبيق جزاءاتها السارية على الشركات والدول، التي لا تزال تتعامل تجارياً مع إيران، بمزيد من الفاعلية. (على سبيل المثال، استوردت الصين نحو 225 ألف برميل يومياً من النفط الخام الإيراني في النصف الثاني من عام 2019، وهو ما يجعلها مستحقة للجزاءات).
ثانياً، يمكن أن تحاول الولايات المتحدة استخدام تدابير عقابية ضد دول أخرى؛ لتحفيزها على اتخاذ مزيد من الإجراءات ضد إيران.
وأفادت تقارير بأنَّ الولايات المتحدة هدّدت بفرض رسومٍ نسبتها 25% على قطاع السيارات الأوروبي، إذا لجأ الاتحاد الأوروبي إلى "آلية فض النزاع" المدرجة ضمن الاتفاق النووي.
ومن المرجح أن تستمر مثل هذه التهديدات في عام 2020.
لكن مسألة معاقبة الحلفاء الأوروبيين على نحوٍ فعلي في حال عدم امتثالهم، تُعد أمراً مستبعداً للغاية قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة في نهاية 2020.
ومع ذلك، ستضع مثل هذه التهديدات مزيداً من الضغوط على المحادثات التجارية الصعبة بالفعل بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
ستركّز الولايات المتحدة بشدة على عملية "آلية فض النزاع" هذا العام. بينما تريد مجموعة E3 إطالة أمد العملية، فإنَّ إدارة ترامب ستضغط على المجموعة لاتخاذ موقف أكثر حدة تجاه إيران، والتزام إطار زمني سريع.
إذا لم يحدث ذلك، فربما تهدد الولايات المتحدة باتخاذ إجراءات عقابية ضد الاتحاد الأوروبي، لا سيما إذا تسارعت وتيرة البرنامج النووي الإيراني.
وقد تلجأ واشنطن إلى قرار مجلس الأمن رقم 2231
وثمة سيناريو آخر أكثر احتمالاً، تتحرك فيه الولايات المتحدة بقوة؛ من أجل تحفيز إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة.
وأعلنت الولايات المتحدة، منذ مايو/أيار ،2018 أنَّها لم تعد طرفاً في الاتفاق النووي الإيراني، لكنّها قد تغيّر مسارها وتجادل بأنَّها لا تزال عضوة في الاتفاق؛ في محاولة لتحفيز إعادة فرض العقوبات تلقائياً. يسمح قرار مجلس الأمن رقم 2231 الخاص بالمسألة النووية الإيرانية، لأي عضو في الاتفاق النووي طرح تحفيز إعادة فرض العقوبات الأممية من دون المرور بآلية فض النزاع المدرجة ضمن الاتفاق النووي. وفي حال نجحت هذه الحيلة الأمريكية، لا يمكن تخفيف العقوبات إلا بموجب قرار صادر عن مجلس الأمن الدولي، والذي تستطيع الولايات المتحدة استخدام حق النقض "الفيتو" ضده.
والصين وروسيا قد تنتهزان انقضاء الحظر لمضاعفة مبيعاتهما العسكرية لطهران
يُشكّل الوقت عنصراً بالغ الأهمية بالنسبة لإدارة ترامب، ليس بسبب البرنامج النووي الإيراني فحسب؛ بل أيضاً بسبب اقتراب انتهاء مدة حظر الأسلحة، الذي فرضته الأمم المتحدة على إيران.
فإذا لم يُعَد فرض عقوبات أممية بحلول 18 أكتوبر/تشرين الأول 2020، فستنقضي مدة الحظر بموجب الصفقة الإيرانية.
هذا من شأنه أن يسمح لروسيا والصين بمضاعفة مبيعاتهما العسكرية لإيران، وهو أمر تريده طهران بشدة؛ لتعزيز قدراتها العسكرية التقليدية.
ويُتوقع أن تستخدم واشنطن تكتيكات دبلوماسية عدائية لتحول دون حدوث ذلك، لكن هذه الخطوة ستثير جدلاً كبيراً.
فبينما قد يُظهر حلفاء الولايات المتحدة الأوروبيين احتراماً للجهود الأمريكية، ربما ترفض روسيا والصين الاعتراف بقدرة الولايات المتحدة على فعل ذلك، وهو ما قد يؤدي إلى زيادة المبيعات العسكرية لإيران بغضّ النظر عما إذا كان سيجري استئناف العقوبات، وهو الأمر الذي يجبر إدارة ترامب على اتخاذ قرار بشأن ما إذا كانت ستصفع الشركات الروسية والصينية بعقوبات كبيرة تحدُّ من قدرتها على الوصول إلى النظام المالي الدولي والموردين المحتملين في الخارج.