"الشيطان يكمن في التفاصيل" مصطلح عام، لكنه ارتبط بالقضية الفلسطينية بشكل خاص، وهو ما ينطبق على بنود وتفاصيل صفقة القرن التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وتحت العنوان البراق "دولة فلسطين وعاصمتها القدس"، تكشف التفاصيل في الخطة التي نشرها البيت الأبيض كاملة عن شكل والتزامات تلك الدولة، فما هي؟
ما تفاصيل "حل الدولتين الواقعي"؟
جاء ذكر حل الدولتين في القسم الأول من خطة ترامب التي أعلنها أمس الثلاثاء 28 يناير/كانون الثاني، وذلك في (الجزء الأول/ إطار سياسي)، وأطلق عليه "حل الدولتين الواقعي")، جاء فيه مقدمة عن الوضع الحالي على الأرض. (الخطة كاملة كما نشرها البيت الأبيض)
"هذه الرؤية مبنية على الوقائع على الأرض حالياً وتقدم للفلسطينيين، الذين لا دولة لهم اليوم، طريقاً نحو حياة كريمة ومحترمة وفرص للرخاء الاقتصادي والأمني، وفي نفس الوقت تحفظ أمن إسرائيل. الحل الواقعي يعطي للفلسطينيين كل السلطات اللازمة لأن يحكموا أنفسهم، دون السلطة التي تمكنهم من تهديد أمن إسرائيل".
"وهذا بالضرورة يعني وضع قيود على سيادة المناطق الفلسطينية (التي يشار إليها في هذا الإطار باسم الدولة الفلسطينية)، مثل الحفاظ على الأمن الإسرائيلي والسيطرة على المجال الجوي غرب نهر الأردن. وتؤسس هذه الرؤية لحل واقعي للدولتين تعيش فيها دولة فلسطين المزدهرة والآمنة جنباً إلى جنب مع دولة إسرائيل الآمنة والمزدهرة في منطقة آمنة ومزدهرة".
دولة فلسطين منزوعة السلاح مهمتها حماية أمن إسرائيل ومصر والأردن
القسم السابع (الأمن) من الخطة يلقي مزيداً من الضوء والتفاصيل حول الدور المنتظر أن تقوم به دولة فلسطين في مجال الأمن: "دولة فلسطين ستكون منزوعة السلاح بالكامل (كما هو محدد في الملحق 2/ب – سنصل إليه لاحقاً في هذا الموضوع). ستكون لدى دولة فلسطين قوات أمن مهمتها حفظ الأمن الداخلي في مناطقها بما يضمن عدم شن هجمات إرهابية من تلك المناطق ضد دولة إسرائيل أو جمهورية مصر العربية أو المملكة الأردنية الهاشمية، وتكون مهمة قوات أمن دولة فلسطين حفظ النظام العام وتطبيق القانون ومكافحة الإرهاب (بالتنسيق مع دول إسرائيل ومصر والأردن)، وحماية الحدود (بالتنسيق مع الدول الثلاث) وحماية المسؤولين المحليين والأجانب والاستجابة للكوارث.
ويتم تنفيذ تلك المهام من جانب قوات أمن الدولة الفلسطينية في جميع مناطقها بما فيها غزة دون خرق مبدأ نزع السلاح بالكامل الآن وفي المستقبل وعدم التناقض مع سلطة إسرائيل المطلقة في مسألة الأمن ويتم ذلك بالاتفاق بين دولة فلسطين وإسرائيل".
ما هي الالتزامات على دولة فلسطين؟
الملحق 2/أ وب وج من الخطة يذكر تفاصيل "الأمن والمعايير والاعتبارات الأمنية ونزع السلاح" وجميعها تخص الالتزامات التي يجب على دولة فلسطين التعهد بها، وتنصب جميعاً على "مكافحة الإرهاب"، وعلى علاقات دولة فلسطين بالمنظمات والمؤسسات الدولية.
ليس من حق دولة فلسطين الانضمام لعضوية أي منظمة أو مؤسسة دولية أو عقد أي اتفاقيات مع دولة أخرى دون إذن وموافقة دولة إسرائيل، كما تلتزم دولة فلسطين بسحب كل دعاواها القانونية ضد دولة إسرائيل والتعهد بعدم الإقدام على ذلك مستقبلاً.
تلتزم السلطة الفلسطينية الحالية فوراً بوقف كل الرواتب والمعاشات التي تدفعها لأسر "الإرهابيين والشهداء" الفلسطينيين المسجونين أو الذين قتلوا في عمليات "إرهابية" تستهدف إسرائيل، وعليها أن توقف التحريض على "الإرهاب" في المدارس وأجهزة الإعلام التي تسيطر عليها فوراً.
على دولة فلسطين أن تكرس كل الإمكانيات المتوفرة لديها والتي ستتوفر في المستقبل لجهود مكافحة الإرهاب وتفكيك منظماته سواء المادية أو الفكرية والثقافية، ولإسرائيل الحق المطلق في القيام بذلك بنفسها وبشكل مباشر حال اعتبرت أن دولة فلسطين لا تقوم بذلك بالشكل الكافي.
التفاصيل الكثيرة والمكررة في جميع أقسام الخطة تقريباً تركز بشكل مطلق على الدور الوحيد المنتظر أن تقوم به ما تعرف باسم دولة فلسطين وهو ضمان أمن إسرائيل ومصر والأردن، رغم التركيز المتكرر على كونها منزوعة السلاح بشكل مطلق في الحاضر والمستقبل، فكيف يمكن مكافحة الإرهاب دون سلاح؟ إجابة هذا السؤال ليست ضمن الخطة.