أصبح بعض المواطنين الإسرائيليين مسموحاً لهم الآن بالسفر إلى المملكة العربية السعودية لأول مرة في تاريخ البلاد، وفقاً لبيانٍ أصدره وزير الداخلية الإسرائيلي أرييه درعي، الأحد 26 يناير/كانون الثاني.
يقول موقع Al-Monitor الأمريكي إن القرار الجديد ينطبق على السفر لحضور اجتماعات العمل، بما في ذلك البحث عن فرص استثمارية جديدة، وكذلك الحج الإسلامي، ويمكن أن تصل مدة الزيارة المسموح بها إلى 90 يوماً. غير أنَّ رحلات العمل مشروطة بتلقِّي المسافر دعوة من مسؤول سعودي، وكذلك عدم وجود أوامر قانونية مُعلَّقة تمنع زيارة البلاد.
وصحيحٌ أنَّ بعض الإسرائيليين -لا سيما عرب إسرائيل- كانوا يسافرون بالفعل إلى المملكة السعودية بأعدادٍ متواضعة لإجراء رحلاتٍ دينية، لكنَّ هذا كان يتطلب إذناً خاصاً من الحكومة.
غير أنَّ التساؤلات ما زالت قائمة حول كيفية تطبيق القرار الجديد، ففي ردٍّ على إعلان إسرائيل، قال وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان آل سعود لشبكة CNN الأمريكية إنَّ حاملي جوازات السفر الإسرائيلية لا يمكنهم زيارة المملكة "في الوقت الحالي". وأشار إلى أنَّ سياسة الرياض ما زالت كما هي، وأن دمج إسرائيل في السياق الإقليمي يتوقف على التوصُّل إلى حلٍّ سلمي بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
ما سبب أهمية هذا القرار؟ يُعَد القرار جزءاً من استراتيجية إسرائيل الأوسع لتلطيف العلاقات مع جيرانها العرب، ولا سيما المملكة العربية السعودية، التي تشاطرها العداء تجاه إيران.
وبالرغم من عدم وجود علاقات دبلوماسية رسمية بين السعودية وإسرائيل، ازداد التقارب بينهما في الأعوام الأخيرة، وتجلَّى في تهنئة إسرائيل للسعودية بعيدها الوطني في سبتمبر/أيلول من العام الماضي.
إذ جاء في تغريدةٍ نشرها حساب وزارة الخارجية الإسرائيلية الناطق باللغة العربية آنذاك: "يعيده عليكم بالخير والبركة في ظل الأمن والأمان وأجواء السلام والتعاون والجيرة الحسنة، داعين الله -عز وجل- أن تتكلل جهودكم بالرقي والتطور والازدهار، والنجاح".
ومن جانبه، قال الشيخ عبدالرحيم فقرا، المتحدث باسم لجنة الحج والعمرة، في تصريحٍ نشرته صحيفة Haaretz الإسرائيلية- إنَّ الحجاج الإسرائيليين، قبل إعلان هذا القرار، كانوا يذهبون إلى المملكة العربية السعودية عبر الأردن لترتيب سفرهم إلى هناك.
وأضاف فقرا أنَّ تحويل المسافرين من الأردن أثَّر في علاقات إسرائيل بها. وتُقدِّر اللجنة عدد الحجاج الإسرائيليين الذين يسافرون إلى المملكة العربية السعودية كل عام بحوالي 30 ألف حاج.
ما التالي؟ جاء القرار قبل يومٍ واحد من استضافة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض. واستقبل ترامب كذلك زيارةً من بيني غانتس، منافس نتنياهو السياسي. ومن المتوقع أن يكشف البيت الأبيض عن خطته للسلام في الشرق الأوسط اليوم الثلاثاء 28 يناير/كانون الثاني.
وفي وقتٍ سابق من الشهر الجاري يناير/كانون الثاني، أعلن وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينيتس ونظيره المصري طارق الملا أنَّ إسرائيل ستبدأ في إرسال الغاز الطبيعي إلى مصر.
وبالتالي، تنظر إسرائيل إلى هذه الخطوة على أنها ستبني مزيداً من الانفتاح الاقتصادي على جيرانها أيضاً، إذ سيجيز المرسوم لليهود حمَلة الجواز الإسرائيلي السفر إلى السعودية والمشاركة في مؤتمرات تجارية واقتصادية واجتماعات عمل مع رجال أعمال سعوديين وعرب، أو البحث عن فرص للاستثمار التجاري بين البلدين.
ويشترط المرسوم ألا تتخطى مدة إقامة اليهودي الإسرائيلي في السعودية 90 يوماً كحد أقصى، وذلك شريطة أن يكون مقدم الطلب للجهات الإسرائيلية قد حصل على تأشيرة من السعودية ويحمل دعوة من مسؤول أو جهة رسمية أو شركة تجارية.
تجدر الإشارة إلى أن منح السلطات الإسرائيلية التصريح للسفر ودخول السعودية مشروط بأن مقدم الطلب ليس لديه أي موانع قانونية لمغادرة إسرائيل.
كيف ستستفيد السعودية أيضاً؟ صحيفة هآرتس قالت نقلاً عن مصادر إسرائيلية رفيعة المستوى ومطلعة إن "المرسوم تم توقيعه بشكل فعلي يوم الأربعاء الماضي بعد دراسته والتحضير له على مدار أسابيع عدة، وأعلن عنه اليوم بعد أن نضجت كافة الإجراءات والمعاملات المتعلقة بالمرسوم".
ويأتي هذا المرسوم، بحسب الصحيفة، في الوقت الذي تحاول فيه السعودية تخليص نفسها من صورتها الراديكالية والمحافظة، حيث سعت الرياض في السنوات الأخيرة إلى إظهار الانفتاح على الغرب، سواء في ما يتعلق بإصلاحات الشركات أو من حيث محاولة اجتذاب المستثمرين والسياح لتزويد الاقتصاد السعودي بمزيد من الموارد إلى جانب النفط، الذي يعتمد عليه الاقتصاد السعودي.
يشار إلى أن السعودية كانت ستشرع في أكتوبر/تشرين الأول 2018 بإلغاء الوصاية الأردنية على الحجاج من فلسطينيي 48، وذلك بموجب الاتفاق المبرم في عام 1978 بين الحكومة الإسرائيلية والملك الأردني الراحل الحسين بن طلال.
وتتجه السلطات السعودية إلى اشتراط حمل جواز سفر دائم يشمل رقماً وطنياً لاستقبال الحجاج والمعتمرين، الأمر الذي يلغي الإجراء المتبع، الذي ينص على دخول حجاج فلسطينيي 48 إلى الأراضي السعودية بجواز سفر أردني مؤقت يحصلون عليه لغاية الحج، ولا يحمل رقماً وطنياً.
ويعني إلغاء الوصاية الأردنية على الحجاج من فلسطينيي 48 تقويض الوصاية الأردنية الهاشمية على القدس والمقدسات الإسلامية في القدس القديمة، تمهيداً لشطب وإنهاء إشراف السلطات الأردنية على الأوقاف في القدس بموجب القانون الدولي.