نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية الخميس، 9 يناير/كانون الثاني 2020، تقريراً مطوّلاً حول خبايا شخصية ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد آل نهيان، وما وصفته برؤيته "المظلمة" لمستقبل الشرق الأوسط. وتحدّث التقرير الذي كتبه روبرت إف وورث، الصحفي في نيويورك تايمز، عن تفاصيل كثيرة لمحطات مفصلية في حياة بن زايد، الذي وصفته الصحيفة "بأحد الرجال الأقوياء على وجه الأرض"، كان من بينها عرض تفاصيل استثنائية، عن نشأته وتكوينه الفكري، وجذور أسباب كرهه للإسلام السياسي، ذكر منها أن والده الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان كان قد أوكل إلى مستشاره الثقافي الخاص وأحد أهم أعلام جماعة الإخوان المسلمين، المصري عز الدين إبراهيم، مهمة تعليم ابنه الأمير محمد.
من هو عز الدين إبراهيم؟
عز الدين إبراهيم هو أحد قادة جماعة الإخوان المسلمين التاريخيين، وهو أكاديمي وعالم مصري، يحمل الجنسية الإماراتية، وكان عضواً مؤسساً للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والمستشار الثقافي بوزارة شؤون الرئاسة الإماراتية، حتى وفاته في 30/ 1/ 2010 في العاصمة البريطانية لندن، بعد معاناة مع المرض، عن عمر يناهز 82 عاماً.
عمل الدكتور إبراهيم في مجال التعليم والتربية والبحث العلمي بالإدارة والتدريس في مصر والإمارات وليبيا وسوريا وقطر والمملكة العربية السعودية وبريطانيا والولايات المتحدة. ففي قطر عمل مساعداً لمدير المعارف، وانتقل للسعودية للعمل كأستاذ للأدب العربي وطرق تدريس العربية، في الرياض، كما قام بتدريس الدراسات الإسلامية في جامعة أكسفورد في بريطانيا، وجامعة ميتشغان في الولايات المتحدة الأمريكية، مستعيناً بكتبِهِ الإسلامية المؤلّفة بالعربية والإنجليزية.
مؤسس "الإخوان" في ليبيا
وبحسب موقع جماعة الإخوان المسلمين فإن إبراهيم كان له الدور الكبير في تأسيس جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا، في الخمسينيات من القرن الماضي، حيث كان إبراهيم شاباً لم يتجاوز العشرين من عمره، وله دور كبير في جمع الشباب بمدينة بنغازي، ونظم صفوفهم في أسر الإخوان التربوية والدعوية.
ودرس إبراهيم الأدب العربي في جامعة القاهرة، والتربية وعلم النفس في جامعة عين شمس في مصر. وفي عام 1963، حصل إبراهيم على شهادة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة لندن، كما منحته لاحقاً جامعة ماليزيا الدكتوراه الفخرية في الاقتصاد، لإدارته عدداً من صناديق التضامن والعمل الخيري في العالم الإسلامي، ومنحته أيضاً جامعة ويلز في المملكة المتحدة دكتوراه فخرية في الآداب، لدوره مع مؤسسات التعليم العالي.
ولإبراهيم إسهامات كبيرة في حوارات الأديان، فقد ناب عن منظمة المؤتمر الإسلامي في مقابلة البابا بولص السادس عام 1976 في الفاتيكان، وناب عن العالم الإسلامي في لقاءات السلام العالمية، التي نظّمتها الكنيسة الكاثوليكية في روما 2002، وميلانو 2004، وليون في فرنسا 2005، وحوار الأديان في مدريد عام 2008، كما أسهم في تأسيس حركة الإسلام والغرب في منتصف السبعينيات، وقام بترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الإنجليزية وغيرها من اللغات، وأسهم في ترجمة الأحاديث النبوية الشريفة. وعلى رأس إنجازاته في هذا المجال ترجمة كتب "الأربعون القدسية" و "الأربعون النووية" و "الكلم الطيب".
مستشار الشيخ زايد ومعلّم ولي عهده الأمير محمد
منذ عام 1968، انتقل إبراهيم للعمل في دولة الإمارات، وحصل على جنسيتها، حيث عمل هناك مستشاراً ثقافياً خاصاً للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وكان مديراً لجامعة الإمارات، ومديراً لصندوق التضامن الإسلامي. إذ كان يتمتع إبراهيم بمسؤولية كبيرة على جميع الأعمال الخيرية للشيخ زايد في العالم، ومن خلال إدارته لمؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية، اهتم بدعم مراكز تحفيظ القرآن الكريم في الإمارات، كما عمل على إعداد مؤلفات إسلامية كثيرة في الإمارات، بتمويل مباشر من الرئاسة الإماراتية.
تقول صحيفة نيويورك تايمز، إن محمد بن زايد كان طوال فترة تنشئته تحت تأثير الفكر الإسلامي دون علم والده، الذي يبدو أنه قد سهّل عن غير قصد تلقين الفكر الإسلامي لنجله الأمير محمد، من خلال تحميل عز الدين إبراهيم مسؤولية تعليمه.
ومن غير المعروف طبيعة العلاقة التي كانت تجمع محمد بن زايد بمعلمه الإسلامي، لكن بحسب صحيفة البيان الإماراتية، فعندما توفي إبراهيم عام 2010 كان محمد بن زايد ومعظم إخوانه وأبناء عمومته من الأمراء على رأس الحاضرين لمراسم دفن إبراهيم بمقبرة البطين بأبوظبي.
أخيراً، وبحسب الصحيفة الأمريكية، كان الشيخ زايد يعرف انتماء إبراهيم إلى جماعة الإخوان المسلمين، ولكنه لم يكن يرى في ذلك الوقت أي عداوة مع الجماعة، التي استثمر نجله وولي عهده أموالاً طائلة خلال العقد الأخير لمحاربتها في دول عربية عديدة.