الأسبوع الأول من العام الجديد شهد أحداثاً استثنائية جعلت طبول الحرب في الشرق الأوسط أعلى ضجيجاً من أي وقت مضى، لكن البعض يرى في مقتل قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، بقرار من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فرصة لإحداث تغيير حقيقي في الشرق الأوسط.
صحيفة الغارديان البريطانية نشرت مقالاً بعنوان: "هناك فرصة للتغيير في الشرق الأوسط، وبريطانيا لها دور تلعبه"، كتبه أليستير بيرت، وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط سابقاً من عام 2017 وحتى عام 2019، قدم فيه خارطة طريق لاغتنام تلك الفرصة.
حتى بمقاييس الشرق الأوسط، كان الأسبوع الماضي أسبوعاً استثنائياً. علينا أن نتعامل مع الأحداث التي تفرض نفسها في المنطقة، ولا جدوى من تكرار تبرير أي إجراء بالرجوع إلى أحداث سابقة مشابهة. فكل شخص له تاريخه الخاص.
ماذا بعد مقتل سليماني؟
ستجري مناقشة الفوائد والأضرار المترتبة على مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، لفترة طويلة، وبالتالي لا داعي لمناقشتها هنا. كان الأمر دائماً ما يتعلق بما سيحدث بعد ذلك؛ إذ من المحتمل أن تدفع العواقب المنطقة نحو نزاع مباشر أو شيء مختلف تماماً. لكن الجمع بين الانتقام الرمزي، متبوعاً بإسقاط طائرة ركاب مدنية –والاعتراف بذلك الآن– يقدم فرصة لم يتوقعها الكثيرون.
يجب اغتنام هذه الفرصة من جانب المعنيين بالأمر ومن العالم، إذ لم تأتِ هذه الفرصة -التي أتاحتها أحداث الأسبوع الماضي في المنطقة- بشكل غير متوقع. كانت الأصوات الإقليمية، بما في ذلك الأصوات من السعودية والإمارات، تدعو إلى توخي الحذر على مدار شهورٍ عدة، بينما تشدد على الحاجة إلى المشاركة الإقليمية واتخاذ خطوات مستقبلية. تقابل مسؤولو الولايات المتحدة وإيران منذ وقت قريب خلال اجتماعات الأمم المتحدة في الخريف الماضي، وأصبح الخطاب بين البلدين أقل حِدَّة.
هناك بعض المشاعر الحذرة التي تحيط الحوار القائم بالفعل بين البلدين، ودائماً ما تشير خطابات وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف للمجتمع الدبلوماسي إلى ذلك.
ولكن دون الإفراط في تبسيط الأمور أو تضخيمها، سيكون من الصواب التفكير في اتخاذ الإجراءات التالية بشكل عاجل:
4 إجراءات عاجلة:
– يتعيَّن على الولايات المتحدة أن تلغي حظر سفر ظريف إلى الأمم المتحدة الذي فرضته الأسبوع الماضي -سواء كان هذا الحظر قانونياً أم لا في المقام الأول. ينبغي لظريف أن يحصل على الفرصة للذهاب وربما عقد اجتماع -سواء داخل الأمم المتحدة أو خارج حدودها- مع الوزراء والدبلوماسيين الحريصين على إحراز تقدم، على النحو الذي دعا إليه المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية الأسبوع الماضي.
– قد يجري إحياء الاقتراح الفرنسي -الذي قُدِّم وقت انعقاد الجمعية العمومية للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول الماضي- للتوسط في صفقة لتحرير بعض مبيعات النفط الإيرانية، في مقابل استئناف الاتفاقيات الإيرانية بشأن خطة العمل الشاملة المشتركة لبرنامجها النووي. ومن ثم يمكن أن تبدأ الولايات المتحدة في تخفيف العقوبات أكثر، ويمكن بدء محادثات حول خطة العمل الشاملة المشتركة الثانية. من غير المرجح أن يدوم الاتفاق القائم بصيغته الحالية، ولكن يجب إشراك كل الأطراف الحالية -وخصوصاً الدول العربية الإقليمية- في أي خطوة تُتخذ بعد ذلك.
– يمكن لإيران، وينبغي لها، أن تعيد النظر في موقفها من مزدوجي الجنسية المسجونين مثل نازانين زاغاري-راتكليف، وقد يفتح الإفراج عن هؤلاء المسجونين الكثير من الأبواب المغلقة في وجه إيران.
– يمكن لبريطانيا أن تلعب دوراً مهماً، بفضل تمثيلها الممتاز في الأمم المتحدة وتأثيرها الدبلوماسي في جميع أنحاء المنطقة، وعلاقاتها مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. دعونا نغتنم الفرصة. لن يكون ضحايا رحلة الطيران الأوكرانية PS752 هم آخر الضحايا الذين يفقدون أرواحهم في الشرق الأوسط، لكننا مدينون لهم وللعديد من العائلات المكلومة الأخرى بمحاولة ذلك.