تواجه رفضاً كبيراً.. مصير غامض ينتظر حكومة الجملي المدعومة من «النهضة»، فماذا ينتظر تونس؟

عربي بوست
تم النشر: 2020/01/09 الساعة 10:29 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/01/09 الساعة 10:29 بتوقيت غرينتش
الجملي قدم تشكيلة حكومته للرئيس قيس سعيّد الأسبوع الماضي/ الأناضول

تواجه حكومة رئيس الوزراء التونسي المكلف، الحبيب الجملي، مصيراً غامضاً في جلسة تصويت البرلمان على الثقة، الجمعة، بعد أن أعلنت أغلب الكتل اعتزامها عدم التصويت لصالحها.

وكلف الرئيس التونسي، قيس سعيّد، منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، الجملي بتشكيل الحكومة بعد طرح اسمه من جانب حركة النهضة (إسلامية – 54 نائباً من 217)، التي تصدرت نتائج الانتخابات التشريعية في 6 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

رفض من أغلب الكتل

في 22 ديسمبر/كانون الأول الماضي، قرّر حزبا "التيار الديمقراطي (اجتماعي ديمقراطي) وحركة الشعب (قومية ناصرية)، اللذان يشكّلان الكتلة الديمقراطية في البرلمان (41 نائباً)، عدم المشاركة في حكومة الجملي.

وقال التيار الديمقراطي إن قراره "يأتي استناداً إلى أن التصور العام للحكومة لا يرتقي إلى مستوى التحديات المطروحة في البلاد". أما حركة الشعب فقالت إن "العرض المقدم من الجملي لا يلبي الحد الأدنى مما طلبته الحركة، وبالتالي فإنها غير معنية بالمشاركة في الحكومة".

وزاد وضع حكومة الجملي تعقيداً بالتحاق كتل برلمانية أخرى، نهاية الأسبوع الماضي، بموقف حزبي "التيار" و "الشعب"، في رفض منح الثقة للحكومة.

وقال نبيل القروي، رئيس حزب "قلب تونس" (ليبرالي- 38 نائباً)، الفائز بالمرتبة الثانية في الانتخابات، إن الحزب "لا زال على نفس الموقف من حكومة الجملي، وهو رفضه لها".

وأضاف القروي، في بيان الأحد الماضي، أنه "لم يتمّ التشاور مع حزبه حول التركيبة والأسماء.. تركيبة الحكومة ضخمة العدد، وهيكلتها وتوزيع الحقائق فيها لا تعكس إرادة ناخبي 2019".

وأعلن الجملي، الخميس الماضي، تركيبة حكومة كفاءات مستقلة من 28 وزيراً و14 كاتباً للدولة. كما عبرت كتلة حركة "تحيا تونس" (ليبرالية- 14 نائباً) وكتلة الإصلاح الوطني (مشكلة من أحزاب – 15 نائباً) وكتلة المستقبل (9 نواب)، رفضها منح الثقة للحكومة. وشككت هذه الكتل في استقلالية أعضاء الحكومة الذين اقترحهم الجملي.

هل تُرك الجملي وحيداً؟

الرئيس السابق للمعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية (حكومي)، طارق الكحلاوي، قال للأناضول: "بالإضافة إلى الكتل غير المشاركة في مفاوضات تشكيل الحكومة، فإن الحزب المكلِّف (النهضة) له مشكل مع رئيس الحكومة".

وأبدى مجلس شورى "النهضة" تحفظات على شخصيات مقترحة في الحكومة (دون أن يسميها)، ودعا الجملي إلى "إجراء تعديلات ضرورية في إطار احترام القانون والدستور".

يقول الكحلاوي: "وحتى الحليف المحتمل، الذي زكّى بعض المستقلين (لتولي حقائب وزارية)، حزب قلب تونس أعلن عبر رئيسه أنه غير راضٍ عن الحكومة". وتابع: "هناك إشكال جدي في إمكانية مرور الحكومة أمام البرلمان"، مستبعداً أن تؤدي مفاوضات اللحظات الأخيرة إلى أية نتائج.

وأردف: "يمكن القول إن (الجملي) تُرك تقريباً معزولاً.. يبدو أن كتلة النهضة تريد تأجيل الجلسة العامة إلى 14 ينايركانون الثاني الجاري، وهو اليوم الأخير في آجال تشكيل الحكومة".

مفاوضات مستمرة

من جهته، يرى الباحث المختص في الفلسفة السياسية المعاصرة، رياض الشعيبي، أنه "من الصعب الجزم بسقوط حكومة الجملي قبل المرور إلى البرلمان؛ فمفاوضات اللحظات الأخيرة لازالت مستمرة بين القوى السياسية الممثلة في البرلمان".

وأضاف الشعيبي للأناضول أن "لقاءً حصل بين القروي والجملي، ورغم أنه لم يتسرب شيء كبير منه، إلا أنها تعتبر محاولة من الجملي لكسب تأييد كتلة قلب تونس".

وعلى عكس ما ذهب إليه الكحلاوي، اعتبر الشعيبي أن "موقف النهضة محسوم، وهو التصويت لهذه الحكومة في كل الظروف، باعتبار أنها الحركة التي كلفته، ومن غير المعقول ألا تمنحه الثقة".

"النهضة" مع الجملي

الناطق باسم حركة النهضة، النائب عماد الخميري، قال للأناضول إن "التصويت للحكومة محسوم بقرار الشورى (مجلس شورى الحركة)، لكنه (المجلس) سجّل في نفس الوقت اعتراضه على تركيبتها في بعض الأسماء".

وأردف: "الشورى دعا الرئيس المكلف إلى بذل الجهد والاتصال السياسي مع الكتل والأحزاب لتذليل الصعوبات أمام الحكومة". وأقر الخميري بأن "هناك جهداً يقوم به الرئيس المكلف، وحتى النهضة، لتذليل أي صعوبة كي تنال الحكومة ثقتها أمام البرلمان".

وشدّد على أن "الأوضاع السياسية والأوضاع الإقليمية، خاصة في الحدود الجنوبية الشرقية (ليبيا) تدفع الأطراف الوطنية لتجاوز التردّد وحالة عدم وجود مؤسسات شرعية قائمة للدولة تعمل في إطار الثقة الدستورية، التي تعطيها كل القوة لتتخذ الإجراءات وتنفيذ كل سياساتها في المرحلة القادمة".

حكومة رئيس

في حال فشل حكومة الجملي في نيل الثقة رأى الكحلاوي أن "البديل سيكون الفقرة الثالثة من الفصل (المادة) 89 من الدستور، حيث يكلف الرئيس شخصية يختارها لتشكيل الحكومة".

وبحسب الدستور "عند تجاوز الأجل المحدد دون تكوين الحكومة، أو في حالة عدم الحصول على ثقة مجلس نواب الشعب، يقوم رئيس الجمهورية، في أجل 10 أيام، بإجراء مشاورات مع الأحزاب والائتلافات والكتل النيابية، لتكليف الشخصية الأقدر من أجل تكوين حكومة في أجل أقصاه شهر".

واستبعد الكحلاوي اللجوء إلى انتخابات مبكرة، وهو ما يوافقه فيه الشعيبي، الذي رأى أن "الأحزاب السياسية غير مستعدة للتفريط في مكاسبها والدخول في مغامرة جديدة"، في إشارة إلى احتمال خسارة مقاعد، إذا أعيدت الانتخابات، بعد أربعة أشهر من التكليف الأول، وفق الدستور. في حين اعتبر الناطق باسم "النهضة" عماد الخميري أنه "من السابق لأوانه الحديث عن حكومة يعينها الرئيس".

تحميل المزيد