الزلزال الذي أحدثه التوتر المتصاعد بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران قد تكون له رجات ارتدادية في أفغانستان ممن يرجح خبراء أن تكون – بحكم الجغرافيا وخصوصية العلاقات الثنائية – في مرمى حمم ثوران بركان واشنطن وطهران.
توتر تفاقم عقب مقتل قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، ما ينذر بامتداد محتمل لارتداداته إلى الجارة التي تمتلك فيها إيران تأثيراً قوياً سواء على بعض السياسيين أو على أقلية "الهزارة" الشيعية.
وعقب مقتل قاسم سليماني، أدلى العديد من السياسيين الأفغان بتصريحات عبروا فيها عن حزنهم لمقتل القائد الإيراني، وفي مقدمتهم رئيس المجلس التنفيذي بأفغانستان عبدالله عبدالله، والرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي.
ومن المعروف أن هناك علاقات قوية بين إيران و "طالبان" في أفغانستان، كما أن الزعيم السابق للحركة المسلحة الملا اختر منصور قتل في غارة جوية أمريكية لدى عودته من إيران عام 2016. والعام الماضي، زار مسؤولون من "طالبان" إيران في إطار مفاوضات السلام بين الحركة والولايات المتحدة.
استهداف محتمل
الخبير السياسي الأفغاني أحمد سعيدي يرى أن إيران لديها نفوذ وتأثير في أفغانستان، سواء على الحكومة أو حركة طالبان وحتى على الشعب الأفغاني.
وفي حديث للأناضول، قال سعيدي إن طهران ستحاول استغلال تأثيرها على أفغانستان بطريقة غير مباشرة، بسبب التوتر الأخير مع واشنطن.
وأضاف أن أفغانستان من الدول التي يمكن لإيران أن تستهدف فيها القوات الأمريكية حتى ولو بطريقة غير مباشرة عقب مقتل قاسم سليماني. وأشار سعيدي إلى وجود قواعد عسكرية أمريكية ضخمة في أفغانستان، وأن أحدها تقع في مدينة هرات على الحدود الإيرانية.
ولفت سعيدي إلى أن الولايات المتحدة تسيطر على المجال الجوي الأفغاني، ولذلك لن تتمكن إيران من محاربة واشنطن بصورة مباشرة في أفغانستان، ولكنها يمكن أن تستهدف القوات الأمريكية هناك بطريقة غير مباشرة.
وتابع: "أرى أن إيران ستحاول استخدام لواء فاطميون الذي شكّله قاسم سليماني من الشباب الأفغان ضد الولايات المتحدة، كما ستحاول استغلال علاقاتها الجيدة مع حركة طالبان، وأرى أن أفغانستان ستتأثر من ذلك الوضع".
حركة طالبان
أما أحمد تميم عاصي، مساعد وزير الدفاع الأفغاني السابق للشؤون السياسية والاستراتيجية، فأكد أن إيران تدعم وبكل الطرق حركة طالبان التي تنشط بالقرب من حدودها.
وقال عاصي للأناضول إنه في حال اندلاع حرب بين إيران والولايات المتحدة، فإن طالبان المدعومة من طهران يمكن أن تنسحب من اتفاقية السلام التي هي على وشك توقيعها مع واشنطن.
وحذر المسؤول السابق من ازدياد أعمال العنف في الولايات الأفغانية القريبة من الحدود الإيرانية حال توقف مفاوضات السلام بين طالبان وواشنطن.
من جهته، اعتبر شجاع حسيني محسني، عضو هيئة التدريس بقسم العلوم السياسية بجامعة كابول الأفغانية، أن الأزمة الأخيرة بين إيران والولايات المتحدة خلقت حالة من التوتر والقلق في أفغانستان.
وأوضح محسني أن إيران لديها نفوذ قوي في أفغانستان، خاصة في المناطق الغربية التي توجد فيها أيضاً قاعدة عسكرية أمريكية ضخمة.
وحذر من أن هذه المنطقة ستشهد توتراً كبيراً حال اندلاع حرب بين الولايات المتحدة وإيران، مشيراً إلى وجود حالة من القلق سائدة في البلاد بين السياسيين وبين أفراد الشعب. وأضاف أن إيران ستستهدف الولايات المتحدة عبر الحرب بالوكالة وليس بصورة مباشرة.
لواء فاطميون
يعرف أيضاً باسم "حزب الله الأفغاني"، تأسس عام 2013 كجزء من فيلق القدس، المسؤول عن العمليات الخارجية بالحرس الثوري الإيراني، ويتكون من ميليشيات معظمها من المهاجرين الأفغان المنتمين لأقلية الهزارة الشيعية.
لعب لواء فاطميون دوراً فعالاً في الحرب في سوريا، كما حارب في العراق وإلى جانب الحوثيين في اليمن، ولا يزال القسم الأكبر من عناصره في سوريا، إلا أن بعضها عاد إلى أفغانستان بعد أن مالت كفة الحرب في سوريا لصالح نظام الأسد.
ويمكن لإيران استخدام ميليشيا فاطميون في إطار استراتيجية التمدد الشيعي التي تتبعها. وكثيراً ما تعبر الإدارة الأفغانية عن انزعاجها من استغلال المواطنين الأفغان في الحرب بدولة أخرى وفقاً للأهداف الأيديولوجية لطهران.