إليك قائمة بالخدع الكبرى في العقد الماضي.. الاحتيال بقناع الشهرة واستخدام الإنترنت أبرزها

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/01/06 الساعة 14:55 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/01/06 الساعة 14:57 بتوقيت غرينتش
التزييف العميق أخطر أساليب الاحتيال في العقد الماضي

التحايل والخداع أساليب قديمة قدم البشرية ذاتها، ومع كل تطور يطرأ على الإنسان وحياته وأسلوب معيشته تتطور أيضاً أساليب الاحتيال والخداع، فما أبرز تلك الأساليب في العقد الماضي من القرن الواحد والعشرين؟

موقع ذا ديلي بيست الأمريكي نشر مادة شارحة بعنوان: "أكبر 8 خدع في العقد الماضي"، أعدتها ترابلي هيت، وهي مراسلة للموقع وعملت أيضاً في عدة صحف من قبل منها "ميامي نيو تايمز" و "ميامي هيرالد". 

الصينيون أول من رصدوا ذلك في كتاب

في وقتٍ ما في بداية القرن السابع عشر، نشر كاتبٌ صيني يُدعى تشانغ يانغ يو كتاباً اسمه "The Book of Swindles" أي "كتاب الخدع"، وله اسم أطول أيضاً وهو: "A New Book For Foiling Swindlers, Based on Worldly Experience: Strange Tales from the Rivers and Lakes" أي "كتابٌ جديد لإحباط محاولات المحتالين مبنيّ على خبرة عالمية: حكايات غريبة من الأنهار والبحيرات". يُعتقد أن هذا النص هو أول مجموعة قصصية صينية مخصصة للاحتيال، تتضمن 84 قصة قصيرة عن الخدع، ومقسمة إلى 24 نوعاً، بداية من "التضليل والسرقة" إلى "الفضة الزائفة" إلى "صغار رجال الحكومة" إلى القسم المُفضَّل بالنسبة لي، ألا وهو "النساء".

أول كتاب صيني حول الخداع

ألَّف تشانغ الكتاب بعد طفرةٍ في التجارة الدولية ركزت ثروةً طائلة في أيدي قلة من التجار في ظل حكم سلالة مينغ الراحلة، ما نشر الجريمة بطول المسطحات المائية حيث تسافر البضائع. من العنوان نجد أنه اختار الحكايات الأغرب، وأقلها اعتياداً، لكن كلاً منها كان مجرد رمزٍ لأنواع تمثل فصائل الخدع السائرة في عام تشانغ. الخدع قديمة قدم البشرية، لكن الخدع المحددة التي يخترعها الناس تقول شيئاً ما عن اللحظة التي حدثت فيها بالتحديد. في الترجمة الإنجليزية التي نشرتها دار جامعة كولومبيا للنشر في عام 2017، يمكنك أن تلقي نظرةً سريعة على الفهرس وتجد أسماء أبواب الكتاب، التي تنم عن وقت كتابتها عالمياً وبشكل مميز: "راهبٌ بوذي يُعرِّف بقرة بأنها أمه، أو رجلٌ مخصي يطهو الأولاد ليصنع منشط به خلاصة الذكورة، أو أب يبحث عن ابنه الفاسق تزل قدمه هو في الزنا". 

أدى هذا الملخص وظيفته على الجانبين، باعتباره موسوعة عن الجريمة، أشبه بكتيب إرشادات للمحتالين. إذ لم يتمكَّن تشانغ، وهو يصف هذه الخدع، من إخفاء احترامه الحاقد للمخادعين، الذين ساعدتهم براعتهم على النجاة في ظل اقتصاد غير عادل. وبينما ينتهي العقد، نجد أنفسنا في موقف مشابه، هناك فروقات شاسعة في الثروات، وشعور سائد بأن أي حقيقة تبدو أنها صلبة قد تفتح المجال للترهات، والتشوش الأخلاقي حتى حول من هم الأشرار بالضبط؟ المخادعون أم المخدوعون؟ وبهذه الروح نقدِّم إليكم قائمةً علمية جداً ومُحدَّدةً تماماً للخدع التي شكلت زماننا مثلما شكلت خدع تشانغ عصره، مُرتَّبةً نوعاً ما حسب التأثير والانحطاط وكونها مضحكة أو غبية. 

8- الانتحال الإلكتروني

في بداية عام 2011، وسط أحداث الانتفاضة السورية، ظهرت مدونة اسمها A Gay Girl in Damascus، تكتبها فتاة سورية أمريكية مثلية الجنس اسمها أمينة عراف. كتبت أمينة منشورات عن قمع النظام لمتظاهري الربيع العربي، وسرعان ما لاقت قرَّاءً من حول العالم. وأصبح لديها أصدقاء من كل مكان، وبدأت ترى بعض النشاطات في حقوق مثليات الجنس، وادعت إحداهن أنها صديقتها الحميمة التي تفصلها عنها مسافةٌ بعيدة. لكن بعد أشهر قليلة، انقطعت المنشورات على مدونة أمينة. وظهرت رسالةٌ من "قريب" أمينة يقول فيها إنها اختُطِفَت. ثارت منتديات الإنترنت قلقاً. وعندما فتحت وزارة الخارجية الأمريكية تحقيقاً، وجدوا أن أمينة لم تكن فتاة مطلقاً، بل رجلٌ عمره 40 عاماً من جورجيا اسمه توم ماكماستر، اختلق الشخصية "ليحظى بنقاشٍ حول الأسئلة الحقيقية" في الشرق الأوسط.

استخدم ماكماستر هذا الحساب الزائف لاختراق مناطق لم يكن ليُرحَّب به فيها (أو على الأقل، لن يُرحَّب به بالطريقة ذاتها)، وهي رغبةٌ سهَّلَ الإنترنت إدراكها وحسب. حَمَلَ هذا المخطط سمات متشابهة مع الاحتيال الإلكتروني المعروف الآن بكلمة Catfishing، والتي تعني خلق حسابات مخادعة على الإنترنت، عادةً من أجل مخططات عاطفية أو مادية، لكن هذه الكلمة اكتسبت قوتها بعد الفيلم الوثائقي Catfish الذي صدر في عام 2010. هذه الممارسة منتشرة الآن، إذ وجدت دراسة عن المخططات العاطفية على الإنترنت من مؤسسة Better Business Bureau أن واحداً من بين كل 7 حسابات مواعدة يكون مزيفاً، وأن مخططات الانتحال الإلكتروني زادت بنسبة 50% في السنوات الثلاثة الأخيرة.

بالتأكيد كانت هناك انتحالات في العالم الحقيقي أيضاً، فإليك مثلاً قصة ناتاليا غريس، التي يُقال إنها تظاهرت بأنها فتاة أوكرانية يتيمة وعاشت مع عائلةٍ بالتبني لمدة 5 سنوات. أو بريان مايكل ريني الذي ادَّعى أنه أضاع الصبي تيموثي بيتزن. أو دان ناينان، المهندس السابق بشركة إنتل الذي ظهر في صورة ممثل كوميدي مريع وُصِفَ بأنه "ممثل كوميدي من جيل الألفية" في الثلاثينيات من عمره، ثم اتضح أن عمره في الحقيقة 55 عاماً. بالإضافة إلى ذلك كانت هناك قصة كاملة في 2013 عن لاعب كرة القدم الأمريكية في فريق نوتردام، مانتي تيو، الذي صدَّق أنه كان لديه حبيبة عمرها 22 عاماً، ادَّعت أنها تعرَّضت لحادث مروع بالسيارة في كاليفورنيا، وتظاهرت بأنها شُخِّصَت بسرطان الدم، وأعلنت وفاتها بعد ذلك. واتضح أن "حبيبته" رجلاً اسمه رونيا تياسوسوبو.

7- الأطفال على الإنترنت

الأطفال الأبرياء كان لهم نصيب ضخم في هذا العقد، ليس فقط في تظاهر البالغين بأنهم أطفال، لكن في جنون الارتياب بأن الإنترنت الذي يتمدد باستمرار، اختُرع لاختطافهم. في عام 2011، على سبيل المثال، أطلقت شركة تكنولوجيا سلوفينية تطبيقاً اسمه Talking Angela، وهو تطبيقٌ يمكن فيه للمستخدمين التحدث مع قطة مرسومة. في شهر فبراير/شباط من عام 2014، ادعت مقالة على موقع Huzlers.com الذي صادرته إدارة الأمن الوطني ومصلحة الضرائب منذ ذلك الحين، أن هذا التطبيق يسأل الأطفال أسئلة غريبة، مثل "ما الذي ترتديه الآن؟". وعلى الرغم من أن المقال كان موصوفاً بأنه مقالٌ ساخر، انتشرت الشائعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ما أثار مخاوف من أن التطبيق كانت تديره عصابة تستغل الأطفال جنسياً، وفي الوقت نفسه تصدَّر التطبيق قمة تطبيقات متجر آيفون. أنكرت الشركة أي ممارسات خاطئة، وكشف موقع Snopes لكشف الحقائق وشركة أمن بريطانية اسمها Sophos زيف هذه النظرية. لكن في النهاية أزالت الشركة خاصية التحدث مع القطة.

النصب الإليكتروني أبرز الظواهر

ذهب هذا التطبيق طيّ النسيان وسط سجلات الإنترنت لكن الخوف نفسه ما زال يظهر في أشكال أخرى. أشهرها تطبيق Momo Challenge أو تحدي مومو، وهي لعبة منتشرة تشاركها الأطفال على منصات تبادل الرسائل، ولمدة طويلة من الوقت كان الآباء يعتقدون أن هذا التطبيق يدفع أطفالهم نحو العنف والانتحار. في الحقيقة لم تكن اللعبة سوى صورة مخيفة لكائن غريب، شكله مثل امرأة لها جسد دجاجة وصدر كبير، وتشبه إحدى شخصيات تيم بورتون.

هناك سابقة للعنف ضد الأطفال تتعلق بالإنترنت. في عام 2014، اعتُقِلَت طفلتان عمرهما 12 عاماً ووُجِّهَت لهما تهمة الشروع في قتل، بعد أن اصطحبتا صديقة لهما في الغابة، وطعنتاها 12 طعنة، وتركتاها لتموت، باسم شخصية خيالية أخرى على الإنترنت اسمها سليندر مان. ادعت الفتاتان أن سيلندر مان، وهو شخصية تظهر في المنتديات منذ عام 2009، هو مخلوق شرير خارق للطبيعة يعيش على الإنترنت. لكن في عام 2017 قال موقع Snopes إن النظر مع سيلندر مان باعتباره "قصة تحذيرية للآباء عن السماح لأولادهم للدخول على الإنترنت دون إشراف" كان يُظن خطأً أنه حكايات من نسج الخيال.

6- الكتابة

جعلت المواقع الاجتماعية من الكتابة أمراً أسهل أمام العامة، وأصعب في المؤسسات الإخبارية، ومن الممكن تعديلها بعد نشرها، ومن السهل دحضها. غرز العقد الماضي خروقاً في الكلمة المكتوبة يميناً ويساراً. في عام 2011، كشف جون كراكوير الخداع في كتاب غريغ مورتنسون الذي نشره في عام 2007 بعنوان Three Cups of Tea: One Man's Mission to Promote Peace…One School at a Time، وأثبت أن مورتنسون اختلق الكثير من المكتوب في هذا الكتاب، وأساء إدارة الأموال في المؤسسة الخيرية التي كتب عنها، وأُجبِرَ الكاتب على إعادة مليون دولار تعويضاً عن تبديد حوالي 6 مليون دولار من أموال المؤسسة.

في عام 2015، عزَّز فيسبوك إحصائيات مشاهدة الفيديوهات، ما تسبَّب في "تمحور ضخم للصحافة حول الفيديو"، وكلَّفَ هذا جحافل من الكُتاب والمحررين أعمالهم، على الرغم من حقيقة أن المنصة الاجتماعية كانت تعرف أن أعدادهم تضخمت كثيراً، وتسترت على الأمر لسنوات. وفي عام 2018، اجتمع ثلاثة من الأكاديميين المحافظين المنزعجين مما يرونه اتجاهاً يسارياً تحركه الأيديولوجيات في الوسط الأكاديمي، وتعاونوا في كتابة 20 ورقة بحثية مزيفة، في مجال أسموه "دراسات المظالم" وأرسلوها لمراجعة النظراء. ومع مرور الوقت كشفت المجموعة، التي أصبحت معروفة باسم "سوكال تربيع" في لفتة احترام لخدعة عالم الفيزيائي آلان سوكال في 1996، عن خدعتها، إذ نُشِرَت سبعة من هذه الأوراق البحثية في مجلات علمية، وأربعة على الإنترنت، وكان هناك ثلاث منها قيد المراجعة. ومن بين الأوراق المقبولة: "إعادة صياغة نسوية لفصلٍ من كتاب هتلر (كفاحي)".

بعد ذلك بفترةٍ قصيرة، تحدث الصحفي إيان باركر عن الروائي دان مالوري صاحب الأعمال الأكثر مبيعاً، وكشف أن كاتب روايات الغموض قال أكاذيب واضحة ومحددة طوال حياته المهنية. تراوحت خدع مالوري من ادعائه أن أمه وأباه وأخاه ماتوا في مقال قبوله في جامعة أوكسفورد، إلى التظاهر بأنه كان مُصاباً بسرطانٍ في المخ على مدار سنوات عديدة، والكلام عن أنه حرر كتاب تينا فاي، وحتى كتابته في إحدى مقالات الجامعة أنه في ذات المرات عندما كان عمره 9 سنوات "أسقط غطاء البيانو الخاص بجده من طراز Steinway على قضيبه العاري". يقول مالوري: "عندما نظرت إلى العضو الملتهب المسحوق على المفاتيح العاجية البيضاء مثل ثعابين قصص كتاب الأدغال، فكرت فوراً أن أيام التبوُّل قد ولّت".

5- الدين

في منتصف شهر ديسمبر/كانون الأول، نشرت صحيفة The Washington Post تقريراً مذهلاً يفيد بأن كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة اكتنزت تقريباً 100 مليار دولار تحت غطاء جمع التبرعات، بينما كانوا يستخدمون هذه الأموال في رعاية مصالح تجارية. جاء التسريب من مدير موظف ينتمي للكنيسة في شركة استثمارات تابعة للكنيسة، وهو مَن قال في شكوى فيدرالية أن مصلحة الضرائب يجب أن تُجرِّد الشركة من حالة الإعفاء الضريبي، لاستعادة المليارات من الضرائب غير المدفوعة.

كانت هذه هي الفضيحة الأحدث في سلسلةٍ من الفضائح في المؤسسات الدينية، حيث تحايل المسؤولون على النصوص المقدسة والتشريعات الدينية لتحقيق مكاسب شخصية. في عام 2010، سوَّت شركة التسويق المسيحية متعددة المستويات Amway دعوى قضائية جماعية بسبب ممارسات تجارية خادعة. وفي عام 2018، أثار رجل الدين التلفزيوني جيم باكر، الذي قضى 5 سنوات في السجن بتهمة الاحتيال في التسعينيات، استهجاناً بسبب الدعاية لشققه الفاخرة باعتبارها مَهرَباً من نهاية العالم. وفي هذا العام، طُرِدَ القس جيمس ماكدونالد في ولاية شيكاغو من كنيسته الكبيرة، بعد أن أغرق المؤسسة في ديون بعشرات الملايين من الدولارات. جاء الطرد بعد أن بثَّت قناة DJ المحلية الإذاعية تسجيلات صوتية له وهو ينتقد المنافذ الإعلامية التي أصدرت تقارير عن سوء إدارته المالية. في أحد التسجيلات، وصف مجلة Christianity Today الأمريكية بأنها: "أنجليكانية، وزائفة الكرامة، وتعتنق سمات الكنيسة الأنجليكانية العليا، وعاشقة للسمفونيات، وحامية آلة الأرغن، وعفنة الرائحة، وتفوح منها رائحة البول، ومتبجحة، ومحبة للميثودية، وطيبة مع كل مثليي الجنس، وخزانة للنصرانية المناصرة لفلسطين".

قد تكون خدع الصحة شديدة القرب بخدع الدين، وهي إحياء حديث لعلاجات الدجالين من القرون الوسطى في أوروبا. في العقد الماضي، أنتج كلا جانبي الطيف السياسي الكثير من المنتجات الصحية، التي تعد بنتائج مستحيلة، مبنية على علوم خاطئة، وبأسعار باهظة. إذ وصلت كريمات شركة Goop التي تملكها الممثلة الأمريكية غوينيث بالترو الغنية "بطاقة الموسيقى والأغاني والمباركات" مثلما صاغها أحد المقالات لسعر 100 دولار في وقت ما. ووصل سعر بيض المهبل ذي السمعة السيئة إلى 55$ و66$، وأعطى وعوداً بالوقاية من الاكتئاب، وتنظيم الهرمونات، والدورات الشهرية، وتحسين التحكم في البول حتى أجبرتها دعوى قضائية من الهيئة المعنية بالأغذية والأدوية والأجهزة الطبية في كاليفورنيا على دفع 145 ألف دولار عقوبات وردع عن صنع ادعاءات صحية دون أدلة علمية. بينما قضى أليكس جونز الشهير بنظرية الضفادع مثلية الجنس وموقع Infowars سيئ السمعة العقد الماضي في التسويق لمنتجات طبيعية بدائية مثل الباكوبا وفطر الشاجا، والكورديسبس، باعتبارها مكملات غذائية وأعطاها أسماءً مثل "تعزيز قوة المخ"، و "المزيج الحقيقي لرجل الكهف القديم"، و "استيقظي يا أمريكا: خليط تعزيز المناعة 100% قهوة طبيعية".

4- الشركات

ظلَّت الشركات الأمريكية حمقاء لفترة، لكنها أصبحت أكثر حماقة في عام 2014، عندما ظهرت واجهة أحد المحلات في لوس أنجلوس، تسوق لنفسها على أنها ستاربكس الأحمق. كان المتجر يبدو مثل ستاربكس كثيراً، شعار حورية البحر، والزخارف الخضراء، وحقيقة أنها تبيع القهوة. الفارق الأساسي هو أنه في أي مكان عادةً ما ترى فيه كلمة "ستاربكس"، ألحقت هذه الشركة كلمة "أحمق" بها. وبعد انتشار هذا الأمر على الإنترنت أصبح من الواضح أن هذا المقهى كان مزحة متقنة، اختلقها الممثل الكوميدي ناثان فيلدر. في عرضه الكوميدي، Nathan For You، كان يقدم استراتيجيات تسويقية ماكرة للغاية للشركات الصغيرة. وكانت سلسلة "ستاربكس الحمقاء" إحدى هذه الاستراتيجيات، وكانت محاولة لدعم مقهى فاشل عن طريق تقديم شيء مألوف، وأصبح ممكناً من خلال الثغرة القانونية في قانون المحاكاة الساخرة.

وبعد فترة قصيرة في عام 2016، ضربت سلسلةٌ من المكالمات الزائفة سلاسل مطاعم الوجبات السريعة حول البلاد. كان المتصلون يدَّعون أنهم مسؤولون من قسم الحرائق، ويقنعون العاملين أن سلسلتهم تأثرت بتسريب غازات، ويدفعونهم لفعل أعمال فظيعة. حطم العاملون في فرع من فروع Wendy's في أريزونا، وفرعين من فروع Jack in the Box في إنديانا وأريزونا، وثلاثة فروع من سلسلة Burger King في كاليفورنيا، ومينيسوتا، وأوكلاهوما نوافذ مطاعمهم، ما تسبَّب في خسائر بآلاف الدولارات في كل فرع.

يمتد الغباء لأقدم من هذا. ففي عام 2011، نُشِرَت على الإنترنت صورةٌ للافتة مُعلَّقة على الأغلب في أحد فروع ماكدونالدز، تعلن أن "هناك إجراءً تأمينياً يعود جزئياً إلى سلسلة من السرقات الأخيرة، على العملاء الأمريكيين من أصل إفريقي الآن دفع مصاريف إضافية قدرها 1.5 دولار لكل معاملة". وأرفق الملصق رقماً لو اتصلت به سيأخذك إلى خط سلسلة مطاعم كنتاكي لرضا العملاء. استمرت هذه الصورة لمدة سنوات عديدة على موقع 4chan، لكن فجأة انتشرت على الإنترنت مع هاشتاغ جاد ومسل معاً، وهو #SeriouslyMcDonalds، فيما ردَّت السلسلة ببيان يقول: "من الواضح أن اللافتة غير حقيقية". 

3- المشاهير

بينما أصبحت الشخصيات المؤثرة شيئاً قائماً بحد ذاته هذا العقد، فقد بدأوا أيضاً في التلاعب والخداع. أخذ البعض أموالاً من المعلنين، لكنهم لم يكشفوا أن محتواهم اشتراه أحدهم. وتظاهر آخرون أن لديهم رعاة، حتى إن لم يكن لديهم. وباع الكثيرون منهم منتجاتٍ زائفة بشكل فاضح، ووعدوا بأشياءٍ مثل فقدان الوزن السحري، الذي جعل الناس يهتمون بملابس البحر لشركة Reformation التي اشتروها من إعلانات إنستغرام. حظت مشروبات التخلص من السموم وفقدان الوزن مثل Skinny Mint Tea  أو Boo Tea أو Teami Colon Tea، بفترة مع مشاهير المواقع الاجتماعية أيضاً، بتأييد من ليندسي لوهان، وكورتني كارداشيان، وكيلي جينر. ولكن بدلاً من "التنظيف" أو "إزالة السموم" أو مساعدة شاربيه على فقدان الوزن، كانت هذه المشروبات على الأغلب مجرد ملينات.

كان مشاهير المواقع الاجتماعية يخدعون أشخاصاً من خارج إنستغرام. في العقد الماضي، بنى مغني الراب سولجا بوي إمبراطورية من متاجر الاحتيال، يبيع فيها منتجات من موقع AliBaba، يضع عليها اسمه، ويبيعها بأسعار مرتفعة. لنذكر فقط بعض الأمثلة القليلة: لوح سولجا، وسماعات سولجا، وهاتف سولجا، وساعة سولجا، ووحدة ألعاب سولجا، ولوح تزلج سولجا.

2- التزييف العميق

أصبح تعديل الصور والفيديو الآن جيداً فعلاً. رأينا هذا وسط سياقات مزعجة قليلاً مثل المشاهير الذين يحولون وجوههم باستخدام تطبيق FaceTune مستنسخين فضائيين أو في إعادة فيلم Lion King غير الضرورية باستخدام الصور المعدلة بالكمبيوتر. لكن تعقيد المعالجة الرقمية كان له أيضاً تأثيرات أكثر خطورة. في عام 2017، كشفت مجلة Motherboard الأمريكية عن أحد مستخدمي موقع Reddit باسم deepfakes، كان شغله الشاغل هو استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي المتاحة لتعديل وجوه الممثلات الشهيرات ومن ثم وضعها على مشاهد إباحية. لم تكن الأفلام الإباحية المزيفة جيدة بشكل استثنائي، أو مصدقة، لكنها بشرت بقدوم وقت ستكون فيه مقنعة بما يكفي، وصاغت لنا مصطلح التزييف العميق. نجحت مجموعة على موقع Reddit مخصصة للتزييف العميق من جمع آلاف الأعضاء في غضون شهور، إذ حُظرت الصفحة في عام 2018، وأصدر مقلدون تطبيقاً يعتمد على الخوارزمية الخاصة به اسمه FakeApp، يسمح للمستخدمين بصناعة مقاطع فيديو معدلة بأنفسهم. ومنذ ذلك الحين اخترق المرادف الجديد المشهد السياسي واللغوي على نطاقٍ هائل. وفي وقت سابق من هذا العام، طاف تزييف عميق لنانسي بيلوسي الإنترنت، بعد أن عُدِّلَ ليُظهِر رئيسة مجلس النواب تقول كلاماً غير واضح في خطابها. بعد ذلك بفترة قصيرة، غرد رئيس الولايات المتحدة بمقطع فيديو مُعدَّل آخر لبيلوسي، فيديو مُقطَّع بصورةٍ انتقائيةٍ ليلقي الضوء على أي أخطاء في الخطاب. وكتب في التغريدة: "بيلوسي تتلعثم في مؤتمر صحفي".

لكن ربما جاءت أكثر الصور الزائفة جنوناً في شهر أغسطس/آب، بعد فترة قصيرة من وفاة الملياردير المستغِل جنسياً للأطفال، جيفري إبستاين، بانتحار مزعوم (يقول البعض إنه ربما يكون أكبر خدعة في حياتنا). الصورة محل الشك تتعلَّق بشريكة إبستاين لوقت طويل، الشخصية المجتمعية البريطانية غيسلان ماكسويل، التي لم يكن مكانها معروفاً. وبعد تقرير من صحيفة Daily Mail البريطانية، تدعي فيه أن الوريثة كانت مختبئة في ماساتشوستس مع حبيبها سكوت بورغرسون، نشرت صحيفة New York Post الأمريكية صوراً لماكسويل تجلس مع كلب ذي فروٍ كثيف خارج مطعم In-N-Out Burger في لوس أنجلوس، فيما يوجد ملصق إعلاني لفيلم Good Boys على إحدى محطات انتظار الحافلة خلفها. لكن بعد أيام قليلة جاءت صحيفة Daily Mail بدفاع مذهل عن تقريرها، تثبت فيه أن هذه الصور أعدتها محامية ماكسويل، ليا سفيان وقالوا إن الكلب هو الحيوان الأليف الخاص بسفيان. وقاد تحليل بيانات الصورة إلى شركة سفيان، Meadowgate Media Investments Inc. وماذا عن ملصق الفيلم؟ محطة انتظار الحافلة كانت تستعرض إعلاناً لأحد المستشفيات لمدة حوالي شهر على الأقل قبل ظهور الصورة. قال متحدث رسمي باسم شركة Outfront Media، وهي الشركة القائمة على إعلانات محطات انتظار الحافلات في الولايات المتحدة، لصحيفة Daily Mail: "نعتقد أن هذه الصورة مُعدَّلة". وأضاف: "ليس لدينا أي سجلات تفيد أن ملصق الفيلم هذا عُلِّق هناك".

1- النساء

في يوم 28 مايو/أيار من عام 2018، نشرت الكاتبة جيسيكا بريسلر مقالاً في مجلة The Cut النيوزيلندية عنوانها: "ربما كان لديها أموال كثيرة لكنها فقدتها وحسب". فصَّلَ المقال حياة آنا سوروكين، الروسية التي تبلغ العمر 28 عاماً، وانتقلت إلى نيويورك في عام 2013 وأعادت تقديم نفسها باسم آنا ديلفي، سيدة المجتمع الألمانية، ومخططة الحفلات، ووريثة صندوق ائتماني قيمته حوالي 60 مليون يورو. كانت تختلف قصة حصولها على الأموال بين حين وآخر. في روايات مختلفة، كان أبوها يتنقل بين العديد من المناصب القوية، من بينها كونه أحد كبار رجال الأعمال في مجال البترول، أو دبلوماسي، أو مدير تنفيذي لشركة ألواح شمسية. عاشت في فنادق فارهة، وأكلت في مطاعم حاصلة على جوائز، وسافرت إلى أماكن بعيدة، وعادة ما كانت تدفع نقداً. واقترضت المال من صديقاتها، آلاف الدولارات في المرة الواحدة، وتعدهم بأنها ستعيدها لهم. وصدقوها، لم يكن بالأمر الكبير، فهم أيضاً كانوا أثرياء. في عام 2017، اتهمت سوروكين بستة اتهامات سرقة كبرى، بالاحتيال على العديد من الفنادق وشركاء الأعمال، وفي النهاية حُكم عليها بالسجن لمدة 12 عاماً. بينما أثناء المحاكمة، ظلت سوروكين في جزيرة رايكرز، حيث أجرت العديد من اللقاءات الصحفية، وقال لصحيفة New York Times في إحدى هذه الحوارات: "لا أشعر بالأسف".

طافت مقالة بريسلر الإنترنت، ليس لمجرد يوم، بل يبدو أن هذا استمر لأشهر. ففي شهر أكتوبر/تشرين الأول اختيرت المقالة لتتحوَّل إلى مسلسل من 10 أجزاء على شبكة نتفليكس تنتجه شوندا ريمز، وحدِّدَ موعده في وقتٍ ما من العامين المقبلين. رسمت القصة احتيال ديلفي باعتباره مسعىً إجرامياً له أبعاد غير حقيقية وبعاطفة مكثفة، تمثيل غير مباشر عن شخص ساخط على النخبة العالمية، وطوال الوقت يحاول العيش مثلهم تماماً. كانت ديلفي مثالية كشخصيةٍ معادية للأبطال، لكنها لم تكن وحدها. جلبت علينا السنوات القليلة الماضية هجماتٍ من المحتالات المثيرات، ليس مثل ديلفي في الأغلب، لكنهن شققن طريقهن بالتفاهات والخداع إلى الدرجات العلى من المجتمع الأمريكي. 

في عام 2015 على سبيل المثال، نشرت بريسلر مقالاً آخر عن مجموعة من راقصات التعري في نيويورك نجحن في التخطيط لتخدير وسرقة رجال أثرياء كانوا يتردَّدون على ناديهن. عادت القصة هذا العام في فيلم Hustlers الذي تقوم فيه جينيفر لوبيز بدور البطولة. في الوقت نفسه تقريباً، كانت إليزابيث تخفض من حدة صوتها، وترتدي ملابس ستيف جوبس، وتبيع جهازها المستحيل علمياً لحمقى رأس المال المغامر الذين يرتدون بدلات Brooks Brothers، وتتلقى دعم صقور الحرب مثل هنري كيسنغر، وهيلاري كلينتون، وجيمس ماتيس. وانهار الأمر كله في عام 2018 عندما وجهت هيئة الأوراق المالية والبورصة للمديرة التنفيذية تهمة "الاحتيال الضخم". ولا ننسى ماريا بوتينا، الجاسوسة الروسية التي اخترقت الاتحاد القومي للأسلحة والحزب الجمهوري، التي كانت تصف نفسها، وفقاً لتقرير The Daily Beast الأمريكية، بأنها "موظفة في البنك المركزي الروسي، أو مدافعة بارزة عن حقوق السلاح، أو "ممثلة عن الاتحاد الروسي" أو طالبة دراسات عليا في واشنطن، أو صحفية، أو حلقة وصل بين فريق ترامب وروسيا؛ كلُّ هذه الصفات بالتبادل معاً. اعتُقِلَت بوتينا في عام 2018، ووُجِّهَت لها تهم العمل غير المسجل لصالح حكومة أجنبية، وتلقَّت حكماً بالسجن لمدة 18 شهراً.

تقنياً، كان مهرجان فاير سيئ السمعة، الذي يُقال إنه أكبر خدعة من فتاة مثيرة خلال العقد، نتاج أفكار المدير التنفيذي فتى الحفلات بيلي ماكفارلاند، ومغنى الراب المنسي جا رول. لكن جاذبية هذا المهرجان الموسيقي الكارثي كانت تكمن في مشاركة الشخصيات المؤثرة البارزة مثل بيلا حديد، وإميلي راتاجكوسكي، وهايلي بالدوين، وكيندال جينر. ومثل ديلفي، ولَّدَ مهرجان فاير شعوراً بالتشفي حول البلاد، لأن أبناء فاحشي الثراء عاشوا على شطائر شرائح الجبنة، والمياه القليلة، وخيام الكوارث للوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ. على أية حال ربما كان تشانغ يانغ يو على دراية بأمر ما عندما كتب فصل "النساء".

تحميل المزيد