قرّر المرشد الأعلى في إيران، آية الله علي خامنئي، تعيين العميد إسماعيل قاني قائداً لفيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، خلفاً للجنرال قاسم سليماني، الذي قتل في غارة أمريكية استهدفت سيارة كانت تُقله بالقرب من مطار بغداد الدولي الجمعة.
جاء في برقية عاجلة المرشد الإيراني علي خامنئي، إثر مقتل سليماني، أن منصب قيادة قوة القدس في حرس الثورة أحيل إلى العميد قاني. فمن هو الرجل الجديد الذي سيُمسك بزمام الأمور في "فيلق القدس"، القوة التي تقود نشاطات إيران الخارجية، وهل يستطيع ملء الفراغ الذي تركه سليماني؟
خليفة سليماني الأول
ولد قاني في مشهد، في ولاية خراسان، شمال شرقي إيران عام 1958. والتحق أواخر عام 1980 وهو في العشرينيات من عمره بصفوف الحرس الثوري. وانتقل إلى العاصمة طهران، حيث تلقّى دورات تدريبية في عام 1981.
يعد قاني من أبرز قادة الحرس الثوري، والرجل الثاني بعد سليماني، إذ شارك إلى جانب رفيقه في حرب السنوات الثماني بين العراق وإيران في ثمانينات القرن الماضي.
وتدرّج العميد قاني في المناصب داخل الحرس الثوري الإيراني، جنباً إلى جنب مع سليماني، وقد شارك رفيقه في جميع جولاته وتحركاته في دول المنطقة، وتحديداً في سوريا والعراق.
وبحسب وسائل إعلام إيرانية، شارك قاني في الحرب السورية بصفة مستشاراً عسكرياً، وكان من مهندسي تصدير مفهوم التشكيلات الشعبية، الذي يعتبر من المنظرين له في إيران. وقد وضعته وزارة الخزانة الأمريكية على لائحة العقوبات الخاصة بها في العام 2012. في حين تقول أوساط إيرانية، إن العميد قاني يُعد أكثر ميلاً نحو التشدد مقارنة مع سليماني.
وكانت وسائل إعلام إيرانية وصفته بأنه "الرجل الصلب الذي لا يختلف كثيراً عن الجنرال قاسم سليماني، وله الخبرة الكافية بشأن التعامل مع جبهات القتال المختلفة".
وقد نقل عنه تصريح آخر في عام 2017، وصف فيه تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإيران، بأنها "ستدمر أمريكا"، مضيفاً "لقد دفنا العديد من أمثال ترامب، ونعرف كيف نقاتل أمريكا".
هل يملأ الفراغ الذي تركه له سليماني؟
يقول المحلل السياسي الإيراني المتخصص في شؤون الشرق الأوسط محمد الكعبي، لـ "عربي بوست"، إن العميد قاني مفكر عسكري واستراتيجي ذو خبرة واسعة، شكلها على مدار 40 عاماً، إذ كان ضمن الرعيل الأول للحرس الثوري، وكانت في البداية مهمته تعليمية، وبعد الحرب مع العراق عام 1980 تحول إلى العمل العسكري، حتى أصبح قائد فيلق خراسان الداخلي في الحرس الثوري.
وبحسب كعبي، من المؤكد أن قاني سيستمر على نهج سليماني، وسيتبع الخطط التي وضعت مسبقاً للتعامل مع القضايا المختلفة، مشيراً إلى أن بيان التكليف الذي صدر اليوم عن آية الله خامنئي، شدّد على "اتباع الخطط ذاتها المعتمدة في عهد سليماني"، داعياً "جميع الكوادر في فيلق القدس إلى التعاون مع القائد الجديد قاني".
ويعرف عن قاني في إيران أنه "الرجل الصلب الذي لا يختلف كثيراً عن الجنرال سليماني، ولديه الخبرة الكافية بشأن التعامل مع جبهات القتال المختلفة". وبحسب مراقبين يعتبر قاني أكثر تشدداً من سليماني، إذ كان قد صرّح مرات عديدة حول "ضرورة مواصلة دور بلاده في الأحداث التي تشهدها سوريا منذ نحو 8 سنوات"، معتبراً أن "الحرب في سوريا مصيرية، وأكد على أنها ستستمر لأنها حرب هوية ووجود".
ما طبيعة الرد الذي تحضره طهران؟
في السياق، لا يستبعد الباحث كعبي أن يكون الرد الإيراني على اغتيال سليماني "قاسياً وقريباً جداً"، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن "طبيعة الميدان ستحدد نوعه وشكله"، مضيفاً أن الرد لا يقع فقط على عاتق الحرس الثوري أو فيلق القدس، بل على قوى "محور المقاومة"، في العراق واليمن ولبنان، حسب تعبيره.
وبحسب كعبي، فإن الولايات المتحدة لا تريد حرباً شاملة مع إيران، ولا تستطيع تحمل كلفتها، لا برياً ولا جوياً ولا بحرياً، إذ تستطيع قوات الحرس الثوري في أقل التوقعات إغلاق مضيق هرمز أمام حركة الناقلات النفطية، وإلحاق الضرر بالولايات المتحدة وحلفائها، حسب قوله.
وختم كعبي حديثه لـ "عربي بوست" بالقول إن الحرس الثوري و "قوى المقاومة" وضعت على عاتقها مسؤولية كبيرة في الرد على اغتيال "الحاج قاسم"، وإن هذا الردّ سيُجبر الأمريكيين في النهاية على الخضوع وتقديم تنازلات كبيرة، حسب وصفه.