منذ عقود، يتولى فيلق القدس، وهي المجموعة المسلحة التي وضعتها الولايات المتحدة على قائمتها للمنظمات الإرهابية الأجنبية، "الأعمال القذرة" من خلف الكواليس لمصلحة إيران، خاصةً ممارسة لعبة "فرِّق تسُد"، كما يقول موقع Fox News الأمريكي.
فقد أنشأت الوحدة النخبوية شبه العسكرية، التي تعد ذراعاً للحرس الثوري الإسلامي الإيراني (IRGC)، شبكة واسعة في البلد الممزق بالحرب لتجنيد العراقيين ودعم ليس فقط الميليشيات الشيعية ولكن أيضاً الشيعة المتحالفين مع واشنطن.
ويعمل فيلق القدس وعناصر أخرى بشكل سري وأحياناً علني خارج إيران، فهو يعمل مع حزب الله اللبناني والميليشيات الشيعية بالعراق والشيعة في أفغانستان.
"نشر الرعب الطائفي"
وقد وصف علي آلفونه، وهو عالم إيراني ينشط لدى مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، استراتيجية فيلق القدس بأنها تعكس اتجاهاً أكبر داخل المجتمع الإيراني: تحوُّله البطيء من ثيوقراطية إسلامية متطرفة إلى ديكتاتورية عسكرية، مع تولي الحرس الثوري الإيراني سلطات أكبر من أي وقت مضى.
يشرح آلفونه لـFox News في عام 2015: "هذه منظمة متورطة في نشر الرعب الطائفي في العراق. والآن، هذه هي القوة التي لجأت إليها الحكومة العراقية لمساعدتها على تحرير تكريت من إرهابيي تنظيم داعش. بمعنى آخر، لدينا منظمة إرهابية تساعد الحكومة العراقية على التخلص من منظمة إرهابية أخرى".
أكد البنتاغون أن الرئيس ترامب أمر بشن غارة جوية أمريكية ستغير قواعد اللعبة يوم الجمعة 3 يناير/كانون الثاني 2020، قُتل فيها قائد فيلق القدس الجنرال الإيراني قاسم سليماني.
تكتيكات سليماني
يعد سليماني العقل العسكري المدبر والقائد للقوة النخبوية منذ فترة طويلة -وهي مصنفة في حد ذاتها كجماعة إرهابية منذ عام 2007- التي يقدر عدد أفرادها بنحو 20 ألف. وكان يعتبر أحد أقوى الرجال في إيران، وكان يشار إليه بشكل روتيني باسم "القائد الخفي" أو "spymaster".
وقال عنه جوردان ستيكلر، وهو محلل بحثي لدى منظمة متحدون ضد إيران النووية (UANI)، في مايو/أيار الماضي، إنه الشخص الأكثر مسؤولية عن زعزعة الاستقرار والتوترات الطائفية التي زرعتها إيران في جميع أنحاء الشرق الأوسط. ويرى خصوم سليماني على مضض أنه خبير استراتيجي مختلف بسبب ريادته لعقيدة الحرب غير المتكافئة الإيرانية.
وأضاف: "على الرغم من تفوق خصومه عليه عدداً وعتاداً وإنفاقاً، فقد استخدم سليماني تكتيكات تتضمن الهجمات الإرهابية والعمليات السرية، ونقل المعركة إلى الميليشيات الخارجية الأجنبية، وذلك لتقويض سيادة الدول المجاورة وتوسيع نفوذ إيران العسكري والدبلوماسي".
"منظمة إرهابية"
وقد صنفت الولايات المتحدة فيلق القدس كمنظمة إرهابية أجنبية (FTO)، في أبريل/نيسان 2019. وكانت هذه هي المرة الأولى التي تصنف فيها الولايات المتحدة ذراعاً لحكومة أخرى كمنظمة إرهابية أجنبية.
واتهمت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي فيلق القدس بتوفير الأسلحة وغيرها من الدعم المادي لمساعدة الرئيس بشار الأسد في قمع الانتفاضة في سوريا.
وقال محللون عسكريون إن الحرس الثوري الإيراني نشر مقاتلين خارج إيران أثناء الحرب الإيرانية العراقية من 1980 إلى 1988، "تصدير المثل العليا للثورة في جميع أنحاء الشرق الأوسط".
وقد برز فيلق القدس بحكم الواقع كفرع للشؤون الخارجية خلال توسع نطاق الحرس الثوري.
الصداقة القديمة مع الاستخبارات الأمريكية
في أفغانستان، دعم فيلق القدس التحالف الشمالي المناهض لطالبان في منتصف التسعينيات. وفي عام 2001، شارك الفيلق معلومات استخباراتية مع الولايات المتحدة للإطاحة بطالبان، وهو ما دفع سليماني إلى التصريح بأنه "ربما حان الوقت لإعادة النظر في علاقتنا مع الأمريكيين".
لكن في عام 2002 توتّرت العلاقات، ومنذ ذلك الحين اتهم المسؤولون الأمريكيون فيلق القدس بتسليح وتدريب طالبان، وذلك لاعتبار طالبان أداة مفيدة لمواجهة النفوذ الأمريكي على حدود إيران.
وقال ماهان عابدين، الخبير بالشأن الإيراني ومدير الأبحاث في مركز دراسات الإرهاب ومقره لندن، في عام 2007: "ما يفعله فيلق القدس متخصص للغاية، هو العمل الأخطر، تنفيذ العمليات بشكل سري" .
"أكثر الوحدات نخبوية وسرية"
يعد فيلق القدس هو أكثر الوحدات نخبوية وسرية في الفروع العسكرية الإيرانية. وعلى مدار العقدين الماضيين، ساعد الفيلق في تسليح وتدريب حزب الله في لبنان ومقاتلي داعش في البوسنة وأفغانستان، بل وحتى القوات السودانية التي تقاتل في جنوب السودان.
كما أن فيلق القدس جزء من الحرس الثوري الإيراني، المنفصل عن الجيش النظامي، ويرفع تقاريره مباشرة إلى المرشد الأعلى في إيران، ومكلف بحماية الحكومة الإسلامية في إيران.
ويعتبر فيلق القدس، الذي تشكّل لأول مرة في الثمانينيات، واختير أفراده من بين أفضل أفراد الحرس الثوري الإيراني، فرعاً خاصاً للعمليات خارج إيران.