مراجعة لعام 2019.. المزيد من الثورات العربية والانتفاضات، لكن ما حجم التغيير؟

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/12/28 الساعة 09:06 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/12/28 الساعة 09:08 بتوقيت غرينتش
الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير خلال محاكمته/ Getty

مضت تسع سنوات منذ أشعل محمد البوعزيزي، بائع الفاكهة التونسي الذي يئس من المسؤولين الفاسدين والبطالة، النارَ في نفسه. ألهم فعلُه هذا انتفاضات "الربيع العربي" التي أطاحت قادة أربع دول. لم يُطلَق أي اسم على موجة الاحتجاجات التي اجتاحت المنطقة عام 2019. مع أنَّ القادة العرب الذين سقطوا هذا العام أكبر مقارنةً بعام 2011، حين ردَّد ملايين المتظاهرين شكاوى البوعزيزي بصوتٍ عال.

الجزائر والسودان

كان الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة أول الراحلين، فتنحَّى في أبريل/نيسان الماضي، في مواجهة الاضطرابات بعد 20 عاماً من الحكم الديكتاتوري. وبعد ما يربو بقليل على الأسبوع، أجبر مزيجٌ من احتجاجات الشوارع والتدخُّل من جانب الجيش الرئيسَ عمر البشير، الذي تولى قيادة السودان لثلاثة عقود، على الخروج من السلطة. 

أطاحت احتجاجات الجزائر ببوتفليقة/ رويترز
أطاحت احتجاجات الجزائر ببوتفليقة/ رويترز

اعتقد المتظاهرون أنَّ كلا الرئيسين أطال البقاء في السلطة لأكثر مما هو مُرحَّبٌ به، لكن هل حققوا أي تغييرٍ حقيقي؟ وقَّع جنرالات السودان اتفاقاً لتقاسم السلطة مع قادة الحركة الاحتجاجية، في أغسطس/آب الماضي. في حين نُظِر على نطاقٍ واسع إلى الانتخابات التي جرت في الجزائر، باعتبارها "مسعى لترسيخ أعضاء النظام القديم" لدى الكثيرين. تقول مجلة The Economist البريطانية.

لبنان والعراق

وتستمر التظاهرات في الجزائر ومناطق أخرى. ففي العراق ولبنان، أجبرت تلك التظاهرات رئيسي وزراء البلدين على مغادرة السلطة، لكنَّ الكثيرين يريدون تمزيق النظامين السياسيين برمتهما. يجري تقاسم السلطة في كلا البلدين بين الطوائف والأديان المختلفة فيهما للحفاظ على السلام بين تلك المكونات. وأدَّى هذا إلى الفساد وتردِّي الحكم. 

ما زالت احتجاجات العراق مستمرة، وما زال التيه السياسي في البلاد مستمر أيضاً/ Getty
ما زالت احتجاجات العراق مستمرة، وما زال التيه السياسي في البلاد مستمر أيضاً/ Getty

ففي العراق، ردَّت السلطات بعنف على الاضطرابات، متسببةً في قتل وجرح المئات. وفي غضون ذلك، غرق لبنان في أزمة اقتصادية. ودعمت إيران، التي تتمتع بنفوذٍ في كلا البلدين، أولئك المقاومين للتغيير. لكنَّ الاحتجاجات ضربتها هي أيضاً، على خلفية رفع أسعار الوقود التي تتحكم بها الدولة.

إيران

بدأ الرئيس حسن روحاني السنة بقوله إنَّ إيران تواجه أسوأ مأزق اقتصادي لها منذ أربعة عقود. وألقى باللوم على حملة "الضغط الأقصى" التي يمارسها نظيره الأمريكي دونالد ترامب. ففي عام 2018، تخلّى ترامب عن اتفاقٍ كان يكبح برنامج إيران النووي، في مقابل التخفيف الاقتصادي عنها. وكال منذ ذلك الحين العقوبات لإيران. 

وبعدما عُزِلَت إيران عن الاقتصاد العالمي انفجرت غضباً في عام 2019. فكثَّفت نشاطها النووي، في مخالفةٍ للاتفاق النووي، وبما يتسبب في انزعاج الدول الأوروبية المُوقِّعة عليه. واشتُبِه كذلك في أنَّها هاجمت الملاحة التجارية ومنشآت النفط السعودية، ما دفع ترامب إلى إصدار أوامر، تراجع عنها لاحقاً بشن ضربة عسكرية على أهداف إيرانية.

سوريا

كانت هذه هي نوعية العام الذي حظي به ترامب في الشرق الأوسط. إذ أنهى عام 2018 بالانسحاب من سوريا التي مزّقتها الحرب، أو على الأقل بالقول إنَّه سينسحب. فكان قرابة ألف من القوات الأمريكية لا يزالون هناك، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حين أصدر ترامب الأوامر بتخلي بعض تلك القوات عن مواقعها شمالي البلاد، حيث كانوا يكبحون جهاديي تنظيم الدولة الإسلامية "داعش". 

منح هذا التراجع تركيا ضوءاً أخضر لإخراج حلفاء أمريكا الأكراد من المناطق الحدودية. مما سمح لاحقاً لإيران وروسيا، اللتين أنقذتا نظام بشار الأسد، بممارسة مزيد من النفوذ في سوريا. ويبدو الأسد الآن على وشك استعادة إدلب، آخر محافظة تسيطر عليها المعارضة العربية السُّنّيّة. لكنَّه بات يحكم بلداً بائساً ومقسماً.

الرئيس التونسي المنتخب قيس سعيد/ الأناضول
الرئيس التونسي المنتخب قيس سعيد/ الأناضول

تونس 

فقدت تونس أول رؤسائها المنتخبين ديمقراطياً، الباجي قايد السبسي، في يوليو/تموز الماضي، عن عمر يناهز 92 عاماً. لكنَّ انتخاب قيس سعيد، وهو أستاذ قانون، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، جلب شعوراً جديداً بالأمل إلى البلد الذي يعاني من الفساد وضعف الاقتصاد منذ تبنّيه الديمقراطية. 

وبعد سماع أنباء انتصاره، تجمَّع الآلاف من التونسيين في العاصمة، وهتف الكثيرون منهم نفس شعارات الربيع العربي. إنَّ تونس هي قصة النجاح الوحيدة في فترة الاضطرابات تلك. وفيما يواصل المحتجون الضغط من أجل التغيير في أرجاء المنطقة تظل هي منارةً للأمل، ويظل أمام شعوب المنطقة رحلة طويلة محفوفة بالمخاطر نحو التغيير الكامل.

تحميل المزيد