تُعقد في إسرائيل، الخميس 26 ديسمبر/كانون الأول 2019، انتخابات تمهيدية لحزب الليكود الحاكم، لاختيار زعيمه. وتشهد الانتخابات منافسةً بين عضو الكنيست جدعون ساعر، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وتُعد هذه الانتخابات حدثاً استثنائياً بالنسبة لليكود؛ فآخر مرة واجه فيها نتنياهو منافساً في الانتخابات التمهيدية لمنصب زعيم الحزب كانت في عام 2014، حين هزم داني دانون قبل انتخابات الكنيست العشرين التي أجريت في عام 2015.
لماذا هذه الانتخابات مهمة؟
تقول صحيفة Haaretz الإسرائيلية إن هناك باباً قد فُتِح أمام تغيير الشخصيات القديمة وضخ دماء جديدة؛ فاستمرار نتنياهو في السلطة عشر سنوات متتالية يُقدِّم شهادةً حية بأنَّ السلطة تُصبح فاسدة. وكذلك فالجمود السياسي الذي أصاب البلاد نتج عن المأزق القانوني لرئيس الوزراء، الذي أصبح فاسداً.
لكنَّ التنافس الشديد على زعامة الليكود يكشف مدى الراديكالية التي أصابت أيديولوجية الحزب؛ إذ أصبح الليكود يدعم ضم الأراضي المحتلة، وإنشاء أساسٍ لنظام فصلٍ عنصري، بينما يُظهِر عدم احترامه للقانون الدولي.
لماذا بديل نتنياهو ليس أفضل أيضاً؟
أوضحت حملة ساعر الانتخابية، التي انطلقت في قرية خان الأحمر، أنها تتحدى نتنياهو من اليمين. وبعد ذلك ببضعة أيام -وردَّاً على تصريحات وزير الخارجية يسرائيل كاتس الذي قال: "لا نُجلي سكان خان الأحمر خوفاً من المحكمة الجنائية الدولية"- سخر منه ساعر قائلاً: "الحكومة الإسرائيلية خائفةٌ من المحكمة الجنائية الدولية". وأضاف ساعر أنَّه يعتزم القتال من أجل مستقبل الضفة الغربية "بالأفعال وليس بالأقوال الفارغة".
ولكن بالنظر إلى أنَّ هذا الأسبوع قالت فيه المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي إنَّ هناك أساساً لفتح تحقيق في أفعال إسرائيل، وإنَّ هناك أساساً للاعتقاد بأنَّ إسرائيل ارتكبت جرائم حرب ضد الفلسطينيين، تحت مسؤولية نتنياهو، فليس من الواضح من أين يأتي ساعر بهذه العجرفة، تقول هآرتس.
"نظام فاسد ومفسد"
تقول هآرتس: يبدو أنَّ ساعر يُظهِر نفس الازدراء لسيادة القانون، وهو الازدراء الذي أصبح قاعدةً سائدة في ظل نظام نتنياهو الفاسد والمُفسِد. ويتضح هذا الازدراء أيضاً في تصريحه غير الواقعي بأنَّه إذا فاز، فسيعمل على انتخاب نتنياهو رئيساً للكنيست. إذ يشير هذا الاقتراح إلى تهاون ساعر وعدم حزمه في القيادة؛ فهو ليس لديه أي مشكلة في الاتهامات الثلاثة التي يواجهها نتنياهو.
ويُظهر الاقتراح كذلك أنَّ ساعر متسامحٌ مع قيادة نتنياهو لحملةٍ جامحة ضد فكرة التحلِّي بسمات رجل الدولة، كما يظهر في هجومه على نظام إنفاذ القانون والصحافة، وتحريضه على الأقلية العربية في إسرائيل واليسار، الذي تحوَّل الآن ضد ساعر نفسه وعائلته، كما أشارت زوجة ساعر.
فهل ساعر يريد أن يجعل هذا المُحرِّض الوطني رئيساً؟ خلاصة القول أنَّ انتخابات زعامة حزب الليكود التي تُجرى اليوم تُقدِّم خيارين أحلاهما مُرُّ، وتعد بمثابة تذكير مُدوٍّ بمدى انخفاض القاع الذي وصل إليه الحزب الحاكم في إسرائيل بصورةٍ مثيرة للشفقة.