مع اقتراب العام الجاري 2019 من الرحيل، سلطت وسائل الإعلام الدولية الأضواء على العلاقة الوثيقة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والحكومة السعودية ورصدت خمس مناسبات دافع فيها ساكن البيت الأبيض عن المملكة بصورة لافتة.
موقع ميدل إيست آي البريطاني نشر تقريراً بعنوان: "حرية التصرف المطلقة": خمس مناسبات دافع فيها ترامب عن السعودية في العام الجاري"، تناول فيه تلك المناسبات.
فيتو ضد قرار من الحزبين بعدم تقديم الدعم الأمريكي للحرب في اليمن
في 17 أبريل/نيسان، استخدم ترامب حق الفيتو ضد قرارٍ من الحزبين الجمهوري والديمقراطي يطالب بإنهاء الدعم العسكري الأمريكي للحرب التي تقودها السعودية في اليمن، وبموجب القرار، صدر قانون سلطات الحرب، الذي يسمح بتقييد الكونغرس لقدرة الرئيس الأمريكي على نشر القوات الأمريكية.
وكانت هذه هي المرة الأولى التي يُقرُّ فيها مجلسا الكونغرس مشروع قانون باستخدام صلاحيات ذلك القانون، والمرة الثانية التي يستخدم فيها ترامب حق الفيتو الرئاسي.
وقال ترامب آنذاك في بيان: "هذا القرار محاولةٌ محفوفة بالمخاطر وليس لها داعٍ لإضعاف سلطاتي الدستورية، مما يعرض حياة المواطنين الأمريكيين والجنود الأمريكيين البواسل للخطر، في الحاضر والمستقبل".
رفض إدراج السعودية في القائمة السوداء للدول التي تُجنِّد الأطفال
أعلنت إدارة ترامب في 20 يونيو/حزيران قائمتها السوداء للدول التي تُجنِّد الأطفال وتستخدمهم في النزاعات المسلحة، ولم تدرج الإدارة المملكة العربية السعودية في تلك القائمة، بالرغم من توصيات بعض المسؤولين داخل وزارة الخارجية الأمريكية وعدة منظمات معنية بحقوق الإنسان.
ولو كانت السعودية أدرِجَت في القائمة، لأصبحت ممنوعةً من تلقي المساعدات والتدريبات والأسلحة الأمريكية، ما لم يُصدِر الرئيس الأمريكي إعفاءً بحقها بداعي "المصلحة القومية".
أندريا براسوف، المحامية في منظمة هيومن رايتس ووتش، قالت آنذاك: "الدعم القوي الذي تقدمه هذه الإدارة للمملكة العربية السعودية يعني غض الطرف عن مقتل المدنيين في اليمن، والمعارضين المحتجزين الذين يتعرضون للتعذيب في المملكة العربية السعودية، والآن تجنيد الأطفال واستغلالهم في القتال المسلح"، وأضافت: "الرسالة واضحة وتشير إلى أنَّ إدارة ترامب ستقف وراء حلفائها السياسيين بغض النظر عن مدى خطورة انتهاكاتهم لحقوق الإنسان".
ترامب منع قرارات توقف مبيعات الأسلحة إلى السعودية
منع ترامب في 24 يوليو/تموز الماضي ثلاثة قرارات من الكونغرس كانت ستوقف مبيعات أسلحة تُقدَّر بأكثر من 8 مليارات دولار للسعودية والإمارات العربية المتحدة والأردن.
وتجاهلت وزارة الخارجية الأمريكية الكونغرس للمضي قُدُماً في إجراءات البيع بإعلان حالة الطوارئ، متعللة بالتوترات المتزايدة مع إيران، وذكر ترامب آنذاك أنَّ منع الصفقات سيضر "بمصداقية الولايات المتحدة باعتبارها شريكاً موثوقاً".
وقال في بيان أصدره البيت الأبيض: "هذا القرار سيضعف القدرة التنافسية لأمريكا على الصعيد العالمي، ويضر بالعلاقات المهمة بيننا وبين حلفائنا وشركائنا".
ترامب يقول إن الرد على إيران ينتظر "شروط" السعودية
تعرَّض حقل نفطي رئيسي في المملكة العربية السعودية لهجوم في 14 سبتمبر/أيلول الماضي. وتسبب هذا الحادث في تعطيل 5% من إمدادات النفط العالمية اليومية، ولكن بدلاً من أن يتحدث ترامب عن انتظار توجيهات قادة الاستخبارات والجيش الأميركيين لاتخاذ الرد المناسب، بدا أن ترامب يتطلَّع إلى تلقِّي هذه التوجيهات من الحكومة السعودية.
وقال ترامب آنذاك إنَّ الولايات المتحدة "على أهبة الاستعداد" للرد، لكنها ستنتظر حتى تتلقى تعليمات من السعودية بشأن كيفية الرد.
وكتب على تويتر: "تعرَّضت إمدادات النفط في المملكة العربية السعودية لهجوم. وهناك سبب يجعلنا نعتقد أننا نعرف مُنفِّذ الهجوم، ونحن على أهبة الاستعداد بناءً على التحقُّق، لكننا ننتظر أن نسمع من المملكة هوية الفاعل الذي تعتقد أنه وراء هذا الهجوم، والشروط التي سنباشر العمل بموجبها!".
وفي وقتٍ لاحق، اقترح ترامب أن تتصرف الولايات المتحدة كقوةٍ مرتزقة لمصلحة الحكومة السعودية، مشيراً إلى إبرام صفقة: الأموال السعودية مقابل اتخاذ إجراء عسكري أمريكي.
وقال ترامب آنذاك: "سيكون للسعوديين دورٌ كبير في ذلك إذا قررنا اتخاذ إجراءٍ ما. سيشاركون مشاركةً كبيرة. وهذه المشاركة تتضمن دفع الأموال. وهُم يفهمون ذلك تماماً".
ترامب لا يذكر الإرهاب ولا يتوعَّد بالعقاب كعادته
مع أنَّ ترامب، في عدة مناسبات سابقة، شيطن المسلمين وشوَّه سمعة الإسلام واصفاً إياه بأنَّه دين عنيف في أعقاب بعض الهجمات التي نفذها متشددون، فإنَّه لم يتطرق إلى ذِكر الإرهاب بعدما أطلق طيار متدرب من سلاح الجو السعودي النار على ثلاثة أشخاص في قاعدة عسكرية في فلوريدا في أوائل ديسمبر/كانون الأول، مما أسفر عن مقتلهم.
وحتى قبل إعلان اسم المشتبه به، نقل الرئيس الأمريكي تعازي العاهل السعودي الملك سلمان، ويُذكَر أنَّ ترامب احتفى في عام 2016 بأنَّه "مُحِقٌّ في تصوره للإرهاب الإسلامي المتطرف" بعدما نفَّذ شخصٌ متعاطف مع تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) هجوماً أسفر عن مقتل عشرات أشخاص في ملهى ليلي في أورلاندو.
وهنا تجدر الإشارة إلى أنَّ التناقض الصارخ بين موقف ترامب من حادث إطلاق النار في القاعدة البحرية بفلوريدا وموقفه من الهجمات السابقة يسلط الضوء على استعداد الرئيس الأمريكي للتخفيف من مشاعر الإسلاموفوبيا الجامحة الموجودة لديه من أجل حماية حلفائه السعوديين.