مر ما يقرب من سبع سنوات منذ بدأت الحكومة الهندية حظر خدمات الإنترنت في كشمير لأسباب مختلفة. ودام الانقطاع في بعض المرات لفترة قصيرة بينما دام في مرات أخرى لمدة ثلاثة أو ستة أشهر. وفي الواقع، لا يزال قطع الإنترنت عن كشميرالأخير سارياً منذ أن فرض بعد إلغاء المادة 370 في 4 أغسطس/آب عام 2019 والتي تمنح البلاد الحكم الذاتي.
ولا تزال التناقضات في توافر الحريات الرقمية في الهند واضحة للعيان. ففي الوقت الذي أعلنت فيه ولاية كيرالا أن الإنترنت حق أساسي ووافقت على مشروع شبكة الألياف الضوئية لتوفير خدمة الاتصال بالإنترنت لجميع المنازل في الولاية، دخلت كشمير شهرها الخامس دون إنترنت، حسبما ورد في مجلة The Diplomat الأمريكية.
إنها حقاً حياة شاقة بدون إنترنت
وواجه الناس في وادي كشمير ممن يعتمدون في الجزء الأكبر من معيشتهم على الإنترنت صعوبات كبيرة لفترة طويلة. إذ كشفت دراسة حديثة أن 47% من المرات التي يُقطع فيها الإنترنت في الهند كانت في ولاية جامو وكشمير المتنازع عليها، التي غالباً ما يتبع الاضطرابات الحادثة فيها فرض حظر التجول وقيود حكومية.
يقول كاتب التقرير: باعتباري أحد سكان كشمير، أفهم مدى صعوبة العيش دون الإنترنت في القرن الحادي والعشرين. وأرى بوضوح كيف يستفيد سكان الولايات الأخرى من خدمات الإنترنت وكيف يُحرم الكشميريون هذه المزايا.
ومن الأمثلة على ذلك، كنت في منزلي وأرسلت مستنداً عبر البريد الإلكتروني إلى شخص خارج كشمير. وطلب مني المستلم مراجعة المستند وإعادة إرساله. إلا أنني حين حاولت الرد، توقفت خدمات الإنترنت. واضطررت للسفر مسافة 12 كيلومتراً لأصل إلى منطقة أخرى، أتمكن فيها من إرسال رسالة بريد إلكتروني فحسب.
أما أولئك الطلاب الكشميريون الذين يدرسون في ولايات أخرى في الهند فدائماً ما يفضلون البقاء خارج الوادي لأنهم يعلمون أنهم سيفقدون اتصالهم بالإنترنت حال عودتهم إلى منازلهم، وسيُحرمون معلومات الإنترنت وهو ما قد يكلفهم الكثير.
هناك بدائل لعمليات قطع الإنترنت عن كشمير
والسؤال الرئيسي هنا هو كيف يمكن للحكومة وقف انقطاعات الإنترنت تلك. لن نتطرق إلى السؤال الأخلاقي حول ما إذا كان ينبغي تقييد الاتصال بالإنترنت، ولكننا نقدم خيارات لتحقيق أهداف الحكومة دون قطع الإنترنت عن الجميع.
وثمة الكثير من التدابير والاستراتيجيات المختلفة التي يمكن استخدامها، ولكن قبل الشروع في تنفيذها، يتعين على الإدارة والمواطنين في وادي كشمير فهم دور هذه الخيارات.
وفي محاولة لتوفير بدائل للحكومة يقترح الكاتب الذي ينتمي إلى كشمير طرقاً للسيطرة على محتوى الإنترنت دون قطعه.
تتمثل الاستراتيجية الأولى في استخدام تقنيات حظر المحتوى لمنع الوصول إلى جميع مواقع التواصل الاجتماعي.
ولكن رغم أن حظر الوصول إلى هذه المنصات أمر سهل، لا يمكن للحكومة منع الأشخاص من الوصول إلى هذه المواقع بمساعدة الشبكات الخاصة الافتراضية (VPN). ولذا، قبل حظر منصات الشبكات الاجتماعية، من الضروري حظر الوصول إلى الشبكات الخاصة الافتراضية. باختصار، ستحتاج السلطات إلى فريق من الخبراء التقنيين والمحترفين لمساعدتها في منع الوصول إلى تطبيقات VPN.
والتحقق من حسابات وسائل التواصل الاجتماعي هو تدبير آخر يمكن اعتماده. وفي هذه الحالة، سيتعين على المستخدمين ربط حساباتهم على الشبكات الاجتماعية بإثباتات هوية صالحة مثل هويات الناخبين. وهذا من شأنه أن يساعد الحكومة في معرفة المستخدمين الذين ينشرون ما يعبر عن العنف،
ولن تُطبق الإجراءات القانونية سوى على هؤلاء المستخدمين. سيساعد هذا الإجراء أيضاً في منع انتشار الأخبار الزائفة في مختلف المنصات الإلكترونية.
وتسجيل مجموعات الشبكات الاجتماعية لدى الحكومة استراتيجية قوية أخرى. فقبل إنشاء أي مجموعة على مواقع التواصل الاجتماعي، سيُطلب من المسؤول عن هذه المجموعة التوقيع على تعهد ينص على اتخاذ إجراء قانوني ضد المسؤول وأعضاء المجموعة لنشرهم أخبار زائفة. وسينضم أحد أعضاء الحكومة إلى المجموعة لمراقبة المستخدمين والمحتوى. وسيساهم هذا في منع تحميل مقاطع الصراعات أو نشر أي أخبار زائفة.
الخيار الرابع هو استخدام ما يعرف بـ"خنق السعة". وفي هذه الحالة، يُطلب من شركات الاتصالات أو مزودي خدمات الإنترنت (ISP) تخفيض جودة شبكات الهواتف الخلوية أو إبطاء سرعة الإنترنت. ستساهم هذه الاستراتيجية في وقف تحميل مقاطع الفيديو على منصات الإنترنت بسبب سرعة الإنترنت المنخفضة.
يمكن لكل هذه الاستراتيجيات أن تحول دون اضطرار الحكومة في كشمير إلى قطع الإنترنت في المستقبل، وأن تسمح لها في الوقت نفسه بتحقيق أهدافها. إذ ستوفر زيادة الوصول إلى الإنترنت، حتى في ظل هذه القيود، فرصاً جديدة للسكان المحليين.
يقول الكاتب "لقد حان الوقت لتفكر الحكومة في تنفيذ أي من هذه التدابير أو الاستراتيجيات لضمان توفر الاتصال بالإنترنت في أرجاء الولاية".