تخاض معارك الحرب السورية بأسلحة نارية من جميع أنحاء العالم. وعلى الرغم من أنَّ الأسلحة الأمريكية والروسية هي الأكثر شيوعاً، فقد نجحت الأسلحة الصينية في الشرق الأوسط بزيادة حصتها سريعاً بساحات المعارك.
وفي حين اختارت الصين ظاهرياً الوقوف على الحياد حيال الحرب، فإنَّ الأسلحة الصينية انتهى بها المطاف في أيدي قوات المعارضة وتنظيم داعش وقوات النظام السوري على السواء، حسبما ورد تقرير لمجلة National Interest الأمريكية.
والسؤال هنا: كيف وصلت تلك الأسلحة إلى هناك؟ وهل تتمتّع بأي مزايا عن نظيراتها الروسية والأمريكية؟
النموذج الأكثر انتشاراً من الأسلحة الصينية في الشرق الأوسط
من المرجح أن تكون البندقية "Type 56" هي السلاح الصيني الأكثر شيوعاً في الشرق الأوسط، وهي نسخة بديلة من بنادق كلاشنكوف "AK" الروسية الواسعة الانتشار.
صُدّرت تلك البندقية الصينية بأعداد كبيرة إلى الشرق الأوسط خلال سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، حيث كانت جزءاً من تسليح إيران والعراق خلال الحرب العراقية-الإيرانية.
وقد أدَّى ذلك إلى ظهورها فيما بعد في كل مكان بالمنطقة. إذ شوهدت في أيدي المتمردين العراقيين وتُشكّل الجزء الأكبر من ترسانة تنظيم داعش.
وتظهر بنادق "Type 56" أيضاً ضمن أسلحة الجيش السوري الحر وقوات الدفاع الوطني التابعة للنظام السوري.
إنها مفضلة لمن يريدون إخفاء هويتهم
قد تأتي بنادق "Type 56" إلى ساحة المعركة من أي مكان مع انتشار المخزون القديم على نطاق واسع، فضلاً عن أن شركة "نورينكو" الصينية لا تزال تُصنّع تلك البندقية للتصدير.
وتعتبر هذه البنادق شائعة في أسواق الأسلحة الدولية.
وغالباً ما تشتريها دول تتطلع إلى تسليح مجموعات ترغب بدرجة ما في إخفاء علاقتها بها.
رشاش صيني يتفوق على الأصل السوفييتي في مواجهة طائرات الأسد
ويعتبر المدفع الرشاش الثقيل طراز "W85″حالة أكثر إثارة للاهتمام. إذ كانت معظم المدافع الرشاشة الثقيلة المستخدمة من جانب جماعات مسلحة في الحروب السابقة بالمنطقة ذات تصميم سوفييتي.
لكن في الحرب السورية، برز الرشاش الصيني "W85" وتعززت أهميته، حيث ظهر في العديد من الصور ومقاطع الفيديو المنشورة من جانب جميع أطراف القتال.
ويعتبر الرشاش "W85" نسخة حديثة من الرشاش الثقيل السوفييتي "دوشكا"، مع تغيير جهاز الاستقبال لتقليل الوزن وتحسين بساطة التصميم والاستخدام. ويعني تشابه الرشاش "W85″مع الرشاش السوفييتي الأقدم "دوشكا" أنَّ الأطقم المدربة على مدفع الرشاش السوفييتي تستطيع استخدام الرشاش الصيني بسهولة بدون حاجة إلى كثير من الوقت أو الجهد.
ويزن الرشاش الصيني نصف وزن نظيره السوفييتي، ما يجعله أسهل كثيراً في النقل وأسرع في التركيب.
واستُخدم الرشاش الصيني بشكل أساسي سلاحاً مضاد للطائرات ضد طائرات النظام السوري.
وتتميز هذه النوعية من الرشاشات، التي ظهرت في الصور، بزاوية رؤية عريضة، ما قد يشير إلى خط إنتاج جديد من هذه الرشاشات.
وثمة تكهنات أنَّ الأموال المستخدمة لشراء هذه الأسلحة جاءت من دول خليجية تدعم قوات المعارضة.
ومن المثير للاهتمام أنَّ رشاشات "W85" شوهدت أيضاً على مركبة برية صغيرة بدون طاقم قيادة انتجتها ميليشيا عراقية.
هذه البندقية الأمريكية تنتج في إيران والسودان
وهناك بندقية "نورينكو سي كيو"، وهي سلاح شائع آخر بصورة مدهشة وتعتبر النسخة الصينية لبندقية M16 الأمريكية. ظهرت هذه البندقية في أسواق السلاح في الشرق الأوسط بأسعار أقل كثيراً من سعر البنادق الأصلية الأمريكية طراز M16 و M4، ما يجعلها خياراً جيداً للجماعات المسلحة التي تريد أن تبدو على قدرٍ جيد من التسليح والتنظيم العسكري مقارنةً بنظرائها.
ولا توجد معلومات مؤكدة بشأن مصدر وصول هذه الأسلحة إلى الشرق الأوسط. غير أنه من المعروف أنَّ إيران اشترت بنادق "سي كيو" وتنتجها بموجب ترخيص، لكن هناك بنادق مماثلة لتلك التي ظهرت في الشرق الأوسط جرى تصنيعها بموجب ترخيص في السودان.
وشركة مقاولات جهادية عسكرية تستخدم هذا المسدس
ومن ضمن الأسلحة التي تنتجها شركة "نورينكو" الصينية، شوهد أيضاً مسدس "NP-20 على نطاق واسع في أسواق الأسلحة في المنطقة، حيث أظهر مقطع فيديو لشركة "ملحمة التكتيكية"، وهي شركة مقاولات جهادية عسكرية خاصة تقدم خدمات التدريب على القتال في سوريا، أثناء تنفيذها تدريبات بهذا المسدس، الذي يقال إنَّه أكثر مسدس عيار 9 ملل شيوعاً في بعض مناطق العراق وسوريا على الرغم من انتشار مسدسات "غلوك" الأمريكية و"طارق" العراقية أيضا.
وبسبب تشابهه مع المسدسات الغربية، غالباً ما يوسم مسدس "NP-20" بعلامات غربية في محاولة لزيادة قيمته.
ولا تزال كيفية وصول مسدس NP-20 إلى الشرق الأوسط غير مؤكدة، لكن من المرجح أنَّه إنتاج جديد يجري تهريبه من خلال وكلاء.
كانت بداية الإنتاج في عام 1989 ولم يكن معروفاً أنَّه سيشيع استخدامه على نطاق واسع من جانب أي قوة عسكرية أو قوة شرطة محلية قبل اندلاع الحرب السورية.
وقد شهدت الحرب في سوريا استخدام أسلحة صينية أخرى لكن بأعداد أقل، لاسيما الأسلحة الثقيلة مثل قاذفة القنابل الآلية QLZ-87 وبنادق استهداف المعدات العسكرية M99.
وأتاح موقف الصين شبه المحايد وقدرتها الكبيرة على تصنيع الأسلحة الفرصة لها لإنتاج أسلحة لأطراف مختلفة عبر وكلائهم المحليين.
ويمكن أن نشهد مستقبلاً المزيد من جماعات المعارضة المسلحة في جميع أنحاء العالم تحمل أسلحة جميعها صينية الصنع.