لا يزال الإنسان يقف عاجزاً أمام الطبيعة رغم التقدم التكنولوجي الهائل والبراكين الدليل الأبرز، فكم بركاناً يوجد على سطح الأرض وكم منها ناشط وكم خامل؟ وهل توجد وسائل إنذار مبكر ضد البراكين؟
ماذا حدث؟
فقد خمسة أشخاص على الأقل مصرعهم اليوم الإثنين 9 ديسمبر/كانون الأول، بسبب ثورة بركان في جزيرة وايت آيلند قبالة الساحل الشرقي لنورث آيلاند، ولم يتم تحديد عدد من كانوا على الجزيرة من السائحين والمواطنين، بحسب بيان للشرطة نشرته رويترز، حيث إن خدمات الطوارئ لم تتمكن بعد من الوصول للجزيرة بسبب المخاطر الحالية في الموقع.
وكانت رئيسة وزراء نيوزيلندا جاسيندا أردرن قد صرحت بأن نحو 100 شخص كانوا على الجزيرة وقت ثورة البركان وأن بعضهم لا يزال في عداد المفقودين، فيما تم نشر مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي قام بعض السائحين بالتقاطها تظهر ثورة البركان، وبعضها أظهر سقوط طائرة هليكوبتر أيضاً، ولكن تم الإعلان عن نجاة طاقم الطائرة.
ما قصة البراكين وما أصل التسمية؟
لا يوجد أصل معلوم لكلمة بركان باللغة العربية والأقرب أنها ترجمة للكلمة الإيطالية "فولكينو" التي كانت تعني "جبل النار" والتي بدورها مشتقة على الأرجح من الكلمة اللاتينية "فولينكوس" اسم إله النار عند الرومان.
أما كيف تشكلت البراكين فهي عبارة عن تشققات أو نقاط ضعيفة في القشرة الأرضية تخرج منها الحمم البركانية أو الرماد البركاني، حيث إن نواة الكرة الأرضية أو مركزها عبارة عن مواد منصهرة موجودة في أعماق الكرة الأرضية.
تلك المواد المنصهرة تتراكم عند التشققات أو المناطق الأضعف في القشرة الأرضية وتنطلق منها بقوة اندفاع كبيرة لتسبب ما يعرف بالثورة البركانية، كما حدث اليوم في البركان في جزيرة وايت آيلاند في نيوزيلندا.
ماذا يعني حزام البراكين وأين يوجد؟
البراكين منتشرة في مناطق متعددة من الكرة الأرضية، لكن هناك مناطق بعينها تعرف باسم "حزام النار" وتتواجد حول خطوط معينة تمثل الفواصل بين الصفائح التكتونية العظيمة التي تتكون منها القشرة الأرضية، وذلك الحزام توجد به أضخم البراكين وأكثرها.
حزام النار أو حلقة النار هو المصطلح الذي يطلق على منطقة تضم أكبر تجمُّع للبراكين في العالم ويقع حول سواحل الدول المُطلَّة على المحيط الهادئ، حيث يوجد في تلك المنطقة حوالي 75% من البراكين حول العالم سواء كانت نشطة أو خاملة، ومنها انطلقت نحو 90% من أقوى الثورات البركانية المسجلة تاريخياً حتى الآن.
وتمتد حلقة أو حزام النار على السواحل الشرقية من المحيط الهادي فوق مرتفعات الأنديز إلى أمريكا الوسطى والمكسيك، وفوق مرتفعات غربي أمريكا الشمالية إلى جزر الوشيان ومنها إلى سواحل شرق قارة آسيا إلى جزر اليابان والفلبين ثم إلى جزر إندونيسيا ونيوزيلندا.
وتعتبر براكين جزر هاواي من أضخم الجبال البركانية في العالم، حيث نشأت في قاع المحيط على عمق 5 آلاف متر ويصل ارتفاع الجزء الظاهر فوق مياه المحيط منها إلى 4 آلاف متر أخرى، أي أن الارتفاع الكلي من قاع المحيط إلى قمة البركان أو فوهته يصل إلى 9 آلاف متر.
كيف يتكون البركان؟
تتحرك المواد المنصهرة أسفل الصفائح التكتونية العظيمة التي تشكل القشرة الأرضية وعندما يحدث تحرك في تلك الصفائح أو توجد نقطة ضعيفة تتجمع فيها المواد المنصهرة ثم تنطلق منها وتبدأ رحلتها صعوداً إلى سطح الأرض بسرعات هائلة تسبقها غازات وأبخرة تعرف بالأبخرة البركانية أو الرماد البركاني.
وخلال تلك الرحلة صعوداً تتشكل البراكين وفي الأغلب تأخذ الشكل المخروطي، حيث القاعدة أعرض ويقل عرضها حتى تصل لنقطة الإطلاق فوق سطح الأرض فتتشكل قناة الإطلاق أو عنق البركان ومنه إلى القمة التي عادة ما تكون مصفحة أو تشبه القمع، ولا يزيد محيط قمة البركان في الأغلب عن الكيلومترين عرضاً.
ما أشهر البراكين حول العالم؟
إضافة لبركان جزر هاواي في حزام النار، هناك أيضاً، منطقة جنوب أوروبا المطل على البحر المتوسط والجزر المتاخمة له وأشهر البراكين النشطة في تلك المنطقة هو بركان فيزوف بالقرب من نابولي في إيطاليا وبركان جبل إتنا بجزيرة صقلية وسترومبولي أو (منارة البحر المتوسط) في جزر ليباري.
وقد ثار بركان سترومبولي في يوليو/تموز الماضي وتسبب بمقتل شخص بعد ثوران بركان على جزيرة سترومبولي الإيطالية وقذف رماداً إلى ارتفاع كبير في السماء وغطى المقصد السياحي الشهير بالدخان.
وبحسب موقع (جيولوجي.كوم) الإلكتروني فإن بركان سترومبولي من أنشط البراكين في العالم ويثور بشكل شبه مستمر منذ عام 1932.
وهناك براكين مرتفعات غرب آسيا وأشهرها أرارات واليوزنز، وللقارة السمراء نصيب أيضاً حيث أشهر براكينها كلمنجارو في جمهورية الكونغو الديمقراطية.
هل يمكن التنبؤ بموعد حدوث البركان؟
هناك مؤشرات على أن البركان سوف يثور يمكن رصدها، لكن ذلك على الأرجح يكون على المدى القصير أي دقائق أو ساعات قليلة وليس أياماً أو أسابيع.
ويستخدم العلماء أجهزة رصد حركة الصخور التي تسبب البركان كما يقومون بقياس الغازات التي تنتج عن البركان وزوايا المنحدرات، لكن حتى الآن لا توجد طريقة علمية مؤكدة يمكنها الجزم بأن بركاناً سيثور في وقت محدد قبل حدوثه بفترة طويلة.
هناك أيضاً مؤشرات أخرى ثبت أنها دلائل على قرب حدوث ثورة بركانية منها تغير سلوك الحيوانات في المنطقة فالحيوانات غالباً ما تشعر بقرب البركان ويصيبها هذا بحالة من الهياج والتوتر، ولا يزال العلماء يحاولون تطوير طرق التنبؤ بالبراكين واستخدام الأقمار الصناعية للوصول لتوقعات أكثر دقة.
وقوع زلزال يعد أيضاً أحد المؤشرات على احتمال حدوث ثورة بركانية في المنطقة، لكن ذلك قد يحدث بعد ساعات من الزلزال وقد يحدث بعد سنين.
وإضافة لتلك المؤشرات، هناك أيضاً التغير في صفات وسلوك الينابيع الحارة والفوارات الأرضية والفوهات والبحيرات البركانية والتغير في قوة واتجاهات المجالات المغناطيسية للأرض وزيادة الحرارة المنبعثة في المنطقة، ويستخدم العلماء التصوير بالأشعة تحت الحمراء لرصد تلك المؤشرات.
لكن ثورة بركان وايت آيلند اليوم في نيوزيلندا والتي أودت بحياة خمسة وأصابت آخرين، وثورات بركان سترومبولي المتكررة وغيرها من ثورات البراكين التي توقع ضحايا وخسائر مادية ضخمة تعني أن العلم لا يزال بعيداً عن القدرة على التنبؤ بالزلازل والبراكين الناجمة عن حركة الأرض الدائمة.