وضعت قمة كوالالمبور الإسلاموفوبيا ضمن أبرز التحديات التي سيناقشها المجتمعون، للبحث عن آليات لمكافحتها، فما الإسلاموفوبيا؟ ومتى ظهرت أول مرة؟ وما نتائجها وانعكاساتها على حياة المعرَّضين لها؟
ماذا حدث؟
قال وزير الدفاع الماليزي محمد بن سابو، إن قضية "الإسلاموفوبيا" سوف يدور النقاش حولها في قمة كوالالمبور 2019م، المزمع عقدها في الفترة من 18 إلى 21 ديسمبر/كانون الأول الجاري، مع الحضور المتوقع لزعماء خمس دول إسلامية، إضافة إلى تأكيد مشاركة 52 دولة إسلامية ومشاركة 450 عالماً ومفكراً إسلامياً.
"من المهم بالنسبة لنا أن نجعل ماليزيا بلداً إسلامياً نموذجياً شاملاً ومتقدمة، ومستعدة لتعزيز العلاقات مع جميع أصدقائنا (الدول الإسلامية الأخرى)، وقادرة على إدارة التحديات الأمنية بشكل مشترك"، حسبما قال سابو لوكالة الأنباء الرسمية "برناما"، مضيفاً أن "هذه مبادرة من رئيس الوزراء الدكتور مهاتير محمد، وتشمل عقد قمة كوالالمبور هذا الشهر".
ماذا تعني الإسلاموفوبيا؟
"الإسلاموفوبيا" مصطلح إنجليزي يتكون من كلمتين "الإسلام" و "فوبيا" التي تعني "رهاب" أو "خوف"، والمصطلح يعني "رُهاب الإسلام" أو "الخوف المرَضي من الإسلام"، وهو يوحي بالتحامل على الإسلام وكراهيته وكراهية المسلمين والخوف منهم، واتخاذ كون المرء مسلماً أو مسلمة سبباً كافياً للاعتداء عليه.
المصطلح ظهر أول مرة عام 1997، عندما استخدمته جهة بحثية يسارية بريطانية تسمى "رينميد ترست"، لإدانة تنامي مشاعر الكراهية والخوف من الإسلام والمسلمين، في دراسة بحثيةٍ هدفها تسليط الضوء على الظاهرة، بعنوان "الإسلاموفوبيا: تحدٍّ لنا جميعاً".
متى بدأت الظاهرة؟
رغم أن المؤشرات على ارتفاع نسبة الإسلاموفوبيا بدأت منذ عقود بعيدة، فإن القضية تحولت إلى ظاهرة عامة منذ نهايات القرن الماضي، وتشكلت على الأرض بصورة لافتة، في أعقاب الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها الولايات المتحدة الأمريكية في الحادي عشر من سبتمبر/أيلول عام 2001، وهي الهجمات التي تبناها تنظيم القاعدة.
وفي عام 2017، وبعد مرور 20 عاماً على استخدام المصطلح أول مرة، أصدرت "رينميد ترست" تقريراً ثانياً بعنوان "الإسلاموفوبيا: لا تزال تمثل تحدّياً لنا جميعاً"، أكَّد تحوُّل الإسلاموفوبيا إلى ظاهرة عالمية، تستدعي التعامل معها بقدر أكبر من الجدية؛ نظراً إلى خطورتها على السِّلم المجتمعي في العالم.
ما دور وسائل الإعلام في تكريس الإسلاموفوبيا؟
تعتبر وسائل الإعلام الغربية المتهمَ الأبرز في تأكيد النظرة العدائية إلى الإسلام والمسلمين؛ ومن ثم تكريس الإسلاموفوبيا كظاهرة. وقد شهدت الصحافة البريطانية في الفترة من 1994 وحتى 2004، ارتفاعاً ملحوظاً في الخطاب المعادي للإسلام والمسلمين، بحسب إليزابيث بول في موسوعة الدراسات العرقية والإثنية، وقد استشهد بدراسة حالة فحصت عينة من المقالات بالصحافة البريطانية في تلك الفترة، خلصت إلى أن وجهات نظر المسلمين كانت ممثلة تمثيلاً ناقصاً، وأن القضايا التي تنطوي على المسلمين عادةً ما تُصورهم بصورة سلبية. مثل هذه الصور، حسب بول ، تشمل تصوير الإسلام والمسلمين كتهديد للأمن والقيم الغربية.
ما دور اليمين المتطرف في الظاهرة؟
صعود اليمين المتطرف في الغرب أعطى لكراهية الإسلام والمسلمين بُعداً خطيراً، ونتج عنه ارتفاع غير مسبوق في جرائم الكراهية، وأسقط أعداداً كبيرة من الضحايا، ووضعت كثير من أجهزة الأمن الغربية اليمين المتطرف على رأس أجندتها الخاصة بالتهديدات الأمنية.
وفي هذا السياق جاءت مذبحة المسجدين في مدينة كرايستشرش بنيوزيلندا، لتدقَّ ناقوس الخطر بعد أن وصلت الظاهرة من الخوف والكراهية إلى قتل الأبرياء بالمساجد، وفي بلد عادةً ما يتجول فيه رجال الشرطة دون سلاح؛ نظراً إلى انخفاض معدل الجريمة بصورة كبيرة.
لهذا كان طبيعياً أن تتصدر الإسلاموفوبيا أجندة كوالالمبور
في هذا السياق يأتي وضع الإسلاموفوبيا ضمن أولويات ومحاور قمة كوالالمبور، حيث من المنتظر أن تجري حولها مناقشات بين المشاركين من زعماء ومفكرين وعلماء، بهدف وضع حلول قابلة للتنفيذ لمواجهتها.
وقد وجَّه الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، تحذيراً شديد اللهجة إلى نظرائه من القادة الغربيين، للكف عن استخدام الإسلاموفوبيا وربط الإسلام بالإرهاب، مؤكداً أن ذلك لم يعد مقبولاً.
ودعا أردوغان الغرب، الذي يستخدم مصطلح "الإرهاب الإسلامي من دون خجل أو ملل"، إلى "أن ينظر في المرآة"، وأضاف: "أقول للغرب: إذا كنتم تبحثون عن الإرهابيين فإنهم موجودون لديكم".
وتابع أردوغان قائلاً: "دقِّقوا فيمن ينفذ الأعمال الإرهابية باسم الإسلام، ستجدون وراءه أعداء الإسلام".