تشهد العاصمة الماليزية كوالالمبور هذا الشهر (ديسمبر/كانون الأول)، قمة إسلاميةً عنوانها "دور التنمية في تحقيق السيادة الوطنية"، فمن يُنتظر أن يشاركوا في تلك القمة؟ وما أبرز القضايا؟ ولماذا تعتبر تلك القمة مختلفة عن القمة التي سبقتها قبل خمسة أعوام؟
كيف جاءت فكرة القمة؟
بحسب وكالة الأنباء الماليزية "بيرناما"، جاءت فكرة عقد القمة الإسلامية، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، في أثناء لقاء رئيس الوزراء مهاتير محمد مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس وزراء باكستان عمران خان.
وقال مهاتير إن أبرز القضايا التي تواجه المسلمين بشكل عام حالياً، "طرد المسلمين من أوطانهم، وتصنيف الإسلام كدين إرهاب"، مؤكداً أن غالبية الدول الإسلامية ليست دولاً متطورة، وأن بعضها أصبحت "دولاً فاشلة".
الدكتور مهاتير محمد يعد من أبرز القادة في العالم الإسلامي، وتجربة التنمية التي قادها في ماليزيا قصة نجاح كبيرة بدولة إسلامية، كما أنه يتمتع باحترام كبير في العالم الإسلامي وعلى المستوى الدولي بشكل عام، ومواقفه من قضايا المسلمين محل تقدير من جانب دول وقادة إسلاميين كتركيا وباكستان.
لماذا هناك حاجة لعقد قمة إسلامية؟
الإجابة على لسان الدكتور مهاتير: "لماذا توجد هذه المشاكل؟ لا بد من وجود سبب لها، ولا يمكن أن نحدد السبب إلا بجلوس المفكرين والعلماء والقادة، للنقاش وتسجيل الملاحظات والآراء.
"ربما يمكننا اتخاذ هذه الخطوة الأولى، كي نساعد المسلمين على استعادة أمجادهم الماضية، أو على الأقل نساعدهم على تجنُّب الإذلال والاضطهاد الذي نراه حول العالم هذه الأيام".
وفي هذا الإطار تأتي مواقفه وتصريحاته من قضايا مثل ما يتعرض له مسلمو الروهينغا في ميانمار، ومعاملة الهند للمسلمين بكشمير، إضافة إلى موقفه من الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، وكان موقفه بالأمم المتحدة في اجتماعات سبتمبر/أيلول الماضي، لافتاً عندما أخبر قادة العالم من على منصة الأمم المتحدة بأن الهند "قامت بغزو واحتلال كشمير".
ومنذ عودته إلى منصب رئيس الوزراء العام الماضي، بعد فوزه في الانتخابات العامة، أكثر مهاتير البالغ من العمر 94 عاماً، من انتقاداته لإسرائيل، لاحتلالها الأراضي الفلسطينية وممارساتها ضد الفلسطينيين، وهو رافض للاعتراف بإسرائيل قبل حصول الفلسطينيين على حقهم في إقامة دولتهم المستقلة.
والأسبوع الماضي، انتقد مهاتير قرار الولايات المتحدة اعتبار المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس المحتلة قانونياً، عكس القرارات الدولية والسياسة الأمريكية ذاتها على مدى العقود الطويلة منذ قيام دولة إسرائيل.
من هم القادة الذين سيحضرون القمة؟ ومتى ستنعقد؟
تنعقد القمة الإسلامية بكوالالمبور في الفترة من 18-21 ديسمبر/كانون الأول الجاري، بمشاركة ست دول إسلامية: ماليزيا وتركيا وباكستان وإندونيسيا وإيران وقطر.
وسيشارك في القمة 450 شخصية إسلامية بين قادة سياسيين ومفكرين وعلماء دين، للتناقش وإعطاء آرائهم وأفكارهم حول أنسب الحلول لمواجهة مشكلات المسلمين حول العالم.
الوفد التركي يرأسه أردوغان، ومن قطر سيحضر الشيخ تميم بن حمد، ورئيس وزراء باكستان عمران خان، والرئيس الإيراني حسن روحاني، ونائب الرئيس الإندونيسي، إضافة إلى المضيف مهاتير محمد.
ما الهدف من عقد القمة هذه المرَّة؟
بحسب الموقع الرسمي للقمة، تتخذ "دور التنمية في تحقيق السيادة الوطنية" عنواناً لها، والهدف من انعقادها هذه المرَّة هو " النقاش والبحث عن حلول عملية، لمواجهة المشاكل التي تواجه العالم الإسلامي والمسلمين حول العالم".
وتعتبر قمة كوالالمبور هي الثانية بعد قمة نوفمبر/تشرين الثاني عام 2014، والتي شارك فيها عدد كبير من المفكرين والعلماء من العالم الإسلامي، ووضعوا أفكاراً وحلولاً للمشاكل التي تواجه المسلمين، ولهذا تأتي مشاركة القادة هذه المرَّة، للاتفاق على آلية لتنفيذ الأفكار والحلول التي يتم التوصل إليها.
ولا شك في أنَّ تجمُّع القادة والمفكرين والعلماء بهدف النقاش ومحاولة وضع حلول قابلة للتنفيذ على أرض الواقع لمشاكل المسلمين- أمر ضروري وبداية لا بد منها حتى يمكن تثبيت أرضية مشتركة تمثل أساساً صلباً يمكن البناء عليه لتقليل التركيز على نقاط الخلاف.
ما الحاجة لعقد قمة ماليزيا في وجود منظمات إسلامية قائمة؟
تم توجيه السؤال إلى الدكتور مهاتير محمد، على أساس وجود مؤسسات قائمة بالفعل مثل منظمة التعاون الإسلامي وحركة عدم الانحياز ومؤسسة أمم جنوب شرقي آسيا (آسيان)، وكان ردُّه أنه "يؤمن بالبدايات الصغيرة".
"تواجه كثير من الدول الإسلامية مشكلات تشغلها وتكرّس وقتها للتعامل معها، ولكن (ماليزيا وتركيا وباكستان) إضافة إلى قطر وإندونيسيا، على ما أعتقد، يمكنها أن توفر الوقت اللازم للتعامل مع هذه القضايا المهمة جداً (التي تواجه المسلمين بشكل عام)".
وفي ظل المشكلات التي يعانيها المسلمون حول العالم، تأتي الحاجة الملحَّة لإيجاد آلية فعالة لتنظيم التواصل بين قادة الدول الإسلامية، لتنسيق المواقف في القضايا التي تهم المسلمين بشكل عام، بهدف تشكيل موقف موحد يحافظ على حقوق المسلمين، كما أن هناك حاجة ملحَّة لإشراك المفكرين والعلماء في آلية فعالة تُمكِّنهم من المشاركة بعلمهم وأفكارهم في وضع حلول يمكن تحقيقها على أرض الواقع.