الفشل في المهمّات الأساسية أحدها.. لماذا يقع الرجال فريسةً للاكتئاب تحت الضغط؟

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/11/30 الساعة 09:11 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/11/30 الساعة 09:12 بتوقيت غرينتش
الاضطراب الاكتئابي لدى الرجال أكثر من النساء/ Istock

الاكتئاب سبب رئيسي للعجز حول العالم، وإذا لم يُعالج قد يؤدي إلى تعاطي المخدرات، والقلق المرضي، والانتحار. 

الاضطراب الاكتئابي لدى الرجال أكثر من النساء

الاضطراب الاكتئابي الكبير هو نوعٌ معين من الاكتئاب يصيب الكثير من الناس، ويتسبَّب في فقدان السعادة من الأنشطة التي كانت ممتعة فيما قبل. ويمكنه أيضاً أن يؤدي إلى الإحساس بانعدام القيمة، واختلال الاتزان في بعض الأمور مثل زيادة النوم أو الأرق، أو استثارة أفكار انتحارية. 

تقول مجلة The National Interest الأمريكية: هذه الحالة التي اختبرناها في دراستنا الجديدة، التي أظهرت أن الحياة في منطقة معدومة قد تؤدي إلى اضطراب اكتئابي كبير في الرجال دون النساء.

قبل أن نشرح هذا الكشف الجديد، من المهم أن نوضح المزيد من المعلومات عن هذه الحالة. هناك عوامل معينة يمكنها أن تزيد من خطر الإصابة باضطراب الاكتئاب الشديد. يمكن لتشخيصك بمرض مزمن خطير مثل السكري أو السرطان، الآن أو في الماضي أن يزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب أيضاً. وكذلك التجارب الصادمة مثل الانتهاكات الجسدية أو الجنسية، أو التربية في أسرة مفككة أو تعج بالكثير من الخلافات الزوجية.

لكن كل هذه عوامل فردية، أو ظروف شخصية، يمكنها التأثير بالسلب على صحتك العقلية. وركزت معظم الأبحاث حول الاكتئاب على العوامل الشخصية بالتأكيد. لكن هناك صفات أعمق من المستوى الشخصي، مثل سمات للمجتمع الذي نعيش فيه، قد يكون لهذا أيضاً تأثير واضح على سلامتنا العقلية. 

تأثير المجتمع

أوضحت الدراسات السابقة أن العيش في مجتمعاتٍ مُعدَمة قد يؤدي بسكان هذه المناطق لحالة صحية دون المستوى الأمثل، وقد ينتشر الموت المبكر. ومن خلال دراستنا، أردنا أن نعرف إذا كان العيش في منطقة معدومة يمكنه التأثير على الصحة العقلية للرجال والنساء، حتى بعد اعتبار الظروف الشخصية. بالإضافة إلى ذلك، هل تؤثر المنطقة السكنية على الصحة العقلية للفرد، حتى بعد اعتبار حالة الناس الاقتصادية والاجتماعية (أو مستوى التعليم والطبقة الاجتماعية في دراستنا)؟ 

النتائج 

للإجابة عن هذا السؤال، استخدمنا بيانات من واحدة من أطول دراسات بريطانيا عن الصحة، والأمراض المزمنة، وأسلوب حياة الناس، وهي دراسة EPIC-Norfolk. هذه الدراسة قائمة على أكثر من 20 ألف شخص ملأوا استبياناتٍ مفصلة عن تاريخهم المرضي وتاريخ صحتهم العقلية.

ربطت الدراسة بين أرقام الأشخاص البريدية والتعداد السكاني للمنطقة لتحديد ما إذا كانوا يعيشون في مجتمعات محرومة أم لا. وبعد 5 سنوات من قياس مستوى حرمان هذه المجتمعات، ملأ المشاركون استفتاء آخر لنعرف هل عانوا من اضطراب اكتئاب شديد أم لا. وباستخدام أساليب إحصائية درسنا العلاقة بين مناطق حرمان والاكتئاب، بالنظر أيضاً إلى التاريخ المرضي، والمستوى التعليمي، والطبقة الاجتماعية، والعوامل المهمة الأخرى.

أظهرت دراستنا أن العيش في منطقة محرومة يؤثر في الصحة العقلية، على الأقل لدى الرجال. في الحقيقة وجدنا أن الرجال الذين يعيشون في المناطق الأكثر حرماناً كانت احتمالية إصابتهم بالاكتئاب أكثر بنسبة 51% ممن يعيشون في مناطق غير معدمة. المثير للاهتمام أن النتائج لم تصل إلى الدلالة الإحصائية لدى النساء. 

الرجال أكثر تأثراً بالفشل في المهام الأساسية

لم يكن المنوط بدراستنا أن تحدد السبب لهذه الحال، والآن نحن بحاجة للمزيد من البحث لنصل لهذه المعلومات. ومع ذلك، من الممكن أن العديد من الرجال في المملكة المتحدة، والمناطق الأخرى في العالم ما زالوا يشعرون بالمسؤولية الرئيسية لإعالة ودعم عائلاتهم.

أشارت دراسة حديثة تبحث في أخطار الاكتئاب بالنسبة للرجال والنساء إلى أن الرجال أكثر تأثراً "بالفشل في المهام المؤثرة الأساسية، مثل إنجازات العمل المتوقعة، والفشل في إعالة الأسرة بالقدر المناسب".

تظهر الأبحاث أن الرجال يبدون أكثر تأثراً بعوامل ضغط معينة في بيئتهم مقارنة بالنساء، مثل العوامل المتعلقة بالعمل والأمور المادية. وعلى الجانب الآخر تجد مستويات الاكتئاب عند النساء أشد تأثراً بعوامل الضغط المتعلقة بالعلاقات والشبكات الاجتماعية التي يعيشون فيها. فمثلاً يمكن للصحة العقلية لدى النساء أن تتأثر حقاً من عوامل مثل جفاء معاملة الوالدين، وقلة الرضا عن الحياة الزوجية.

هناك العديد من العوامل التي تؤثر في هذا، لكن في المملكة المتحدة، الرجال أكثر عرضة للموت بالانتحار من النساء بثلاثة أضعاف وبالتالي يجب البحث في أسباب معاناة الرجال.

ماذا عن النساء؟

بينما تقل احتمالية النساء في الإصابة بالاكتئاب مقارنة بالرجال في المناطق المعدمة، تظهر أبحاث أخرى أنهن الأكثر عرضة للإصابة بالقلق المرضي. ومرة  أخرى، ما زلنا بحاجة للمزيد من العمل حول تأثير البيئة السكنية على الصحة العقلية بنظرة لاختلاف الجنس.

تعيش أعداد كبيرة من الناس في مناطق معدمة حول العالم، والاكتئاب أحد أكبر أسباب العجز على مستوى عالمي. ويمكن أن تساعد معرفة كيفية تأثر الرجال والنساء بصعوبات الحياة في الظروف المعدمة، في التركيز على علاجات الصحة العقلية، وهذه خطوة قيمة للأمام.

تحميل المزيد