في يوليو/تموز الماضي، أبدت الولايات المتحدة الأمريكية رغبتها بتشكيل تحالف عسكري في الفترة المقبلة، يكون تحت إشرافها، بهدف حماية المياه الاستراتيجية في الخليج، بمشاركة 60 دولة، وستكون جهودها للمراقبة والاستطلاع.
وبدأت أعمال هذا التحالف في 7 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، بمشاركة 6 دول فقط إلى جانب واشنطن، وهي السعودية والإمارات والبحرين وبريطانيا وأستراليا وألبانيا.
مهمة التحالف الحقيقية
حمل التحالف اسم "سنتينال"، بحيث تمتد هذه المهمة بدءاً بمياه الخليج، مروراً بمضيق هرمز وصولاً إلى باب المندب عبر البحر الأحمر، إذ تعطي مؤشر انعكاس المسار الذي تواجه فيه واشنطن النفوذ الروسي والإيراني، الذي يمتد عبر هذا المحيط، ومحاولات أمريكية إلى جانب محاولاتها السابقة السيطرة على مضيق هرمز، أو تغيير المعادلات فيه.
يأتي هذا الأمر في سياقات متعددة بين الأطراف، في ظل حالة تموضع تسعى لها الولايات المتحدة في المنطقة بشكل يحد من استنزافها ويضمن مصالحها سواء من خلال حلفائها أو عبر نفوذها وتوسيعه هناك.
لكن ومع متغيرات فرضت نفسها في ظل النفوذ الإيراني، ازدادت نسبة المخاوف وطبيعتها تجاه المنطقة، ما دفعها لتشكيل تحالف يأتي أيضاً في إطار ضغط دول مجلس التعاون الخليجي، خاصة السعودية والإمارات من أجل الحد من هذا النفوذ، على الرغم من أن الأخيرة عملت على تحقيق مجموعة من التوافقات مع طهران، إلا أن الأمور لم تستقر بعد.
تعزيز الحضور الإسرائيلي
في ظل الرؤية الأمريكية، فإن الدور الإسرائيلي سيكون حاضراً في هذا التحالف، ضمن الحضور في الإقليم، فتعظيم الخلاف بين إيران والخليج يزيد من تقارب إسرائيل ودول الخليج، وهو ما يصب في صالح إسرائيل.
باراك رافيد، المحلل السياسي للقناة الإسرائيلية الـ13 قال إن "وفداً رسمياً إسرائيلياً سيشارك باللقاء في مملكة البحرين من أجل البحث عن توفير سبل الحماية البحرية من الهجمات الإيرانية في الخليج العربي".
وركز رافيد على كيفية توفير حرية الحركة والملاحة البحرية في مياه الخليج العربي، والتصدي لأي هجوم إيراني، والحيلولة دون نجاح محاولات تهريب الأسلحة والوسائل القتالية، ومنع التزود بأسلحة الدمار الشامل، وحماية المطارات المدنية".
الموقف الإيراني
قللت إيران من أهمية بدء التحالف البحري بقيادة الولايات المتحدة عمله في مياه الخليج، بمشاركة 6 دول أخرى الأسبوع الماضي.
وقالت وزارة الخارجية الإيرانية إن "التحالفات الأمريكية بقيت كأسماء لا أكثر على مدى التاريخ، ولم تجلب الأمن، بل أدت إلى زعزعة أمن واستقرار العالم".
وأضافت الوزارة في بيان أوردته وكالة "إسنا" الإيرانية أن "الولايات المتحدة تستغل أسماء بعض الدول لإضفاء الشرعية على التحالف البحري".
ولفتت إلى أن "واشنطن تخفي مطامع وأهدافاً خلف عدد قليل من الدول المشاركة في التحالف، وهذا ينم عن ضعف الأخير وافتقاره إلى الشرعية الدولية".
مناورة إيرانية روسية متوقعة
في السياق، تخطط طهران لتمرين عسكري مشترك مع موسكو في مضيق هرمز، وقد يكون فيه أيضاً دور محدود للصين.
وطالما أن إدارة ترامب غير راغبة بالمواجهة مع إيران، أو إدخال النفوذ الإسرائيلي إلى الخليج، فإن التوتر بين واشنطن وطهران سيبقى على حاله في المدى المنظور، وهذا التحالف ليس له أي تأثير كبير في هذا السياق.
وإجمالاً، يأتي هذا الأمر في سياق النشاط الذي تخوضه الأطراف ضمن المخاوف من السيطرة على مضيق هرمز، وهذا بدوره سيزيد من حدة هذه المخاوف، ويبقي الأمور أكثر توتراً.
وتبعا لذلك، فإن إيران تمددت بشكل يؤهلها لأن تكون قوة متمركزة في المنطقة ومناطقها الحيوية، خصوصاً الموانئ والمضائق، كما تسعى لمنع أي جهد يُبذل يمكن أن يؤثر على تواجدها في مضيق هرمز.
روسيا أيضاً تتوافق وتدعم إيران في هذا التوجه لمنع أي جهد خارجي قد يأتي في إطار الصراع على مساحات النفوذ في المنطقة، وفرض منطقة الهيمنة وفق رؤية الولايات المتحدة الأمريكية.
وفي ظل صراع وتنافس القوى الإقليمية في المنطقة، فإن نتيجة هذا الصراع تنتظر غلبة طرف على آخر في خلق معادلات أكثر حاسمة في الأشهر المقبلة، أو بالأحرى في الأشهر الثلاثة القادمة والتي ستكون مرحلة تقود إما لاستقرار الأزمة أو حرب تقوّض جهود إيران.