فيسبوك يغضب الجميع.. لماذا تثير سياسة الإعلانات إزعاج الكل؟

عربي بوست
تم النشر: 2019/11/25 الساعة 13:30 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/11/25 الساعة 13:30 بتوقيت غرينتش
مارك زوكيربرغ مؤسس موقع فيسبوك - رويترز

بعد أن أعلنت شركة Google عن فرض بعض القيود على الإعلانات السياسية الأسبوع الماضي، سرعان ما صوّب الخبراء الاستراتيجيون المتخصصون في الحملات السياسية بواشنطن أبصارهم إلى شركة أخرى، ألا وهي Facebook.

ويقول شخصان تحدّثا إلى الشركة، إنّ بعض الخبراء الاستراتيجيين، في حديثهم مع الشركة، أعربوا عن قلقهم بشأن كيفية تأثير قرار Google عليها. إذ قالوا لشركة منصّة التواصل الاجتماعي إنّها إذا سارت على خُطى Google في طريق الحدّ من استهداف الحملات السياسية للجماهير، فسيضرّ ذلك بقدرتهم على الوصول إلى المُصوّتين غير المسجّلين، كما يقول البعض إنّ هذا سيعثّر على المنظمات الأصغر عملية جمع التبرعات عبر الإنترنت، بحسب تقرير لصحيفة New York Times الأمريكية.

وزادت تلك المحادثات من الضغط على Facebook في خضمّ محاولات الشركة صياغة طريقة التعامل المُثلى مع الإعلانات السياسية. وقد أعلنها مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي، صراحةً، أنّ فيسبوك لن يتحقق من إعلانات السياسيين -حتى وإن كانت تحتوي على أكاذيب- بدعوى حرية التعبير. ولكن الشبكة الاجتماعية تناقش بعض التغييرات في سياسات الإعلانات؛ لا سيما تقييد كيفية وصول الحملات إلى جماعات بعينها، حسبما يقول ثلاثة أفراد تحدّثت إليهم الشركة.

فيسبوك لم يحسم أمره بعد

وحسبما ذكر أشخاص رفضوا ذكر أسمائهم بسبب سرّية المحادثات التي أجروها مع الشركة، لم يتخذ موقع فيسبوك أي قرار نهائي حول القواعد المتّبعة بشأن الإعلانات السياسية. وقال شخصان حضروا فعالية يوم الخميس 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، إنه خلال اللقاء الذي ضمّ نحو 500 من الخبراء الاستراتيجيين الرقميين ومسؤولي الحملات والنشطاء السياسيين في مكاتب Facebook بواشنطن، أصرّ المسؤولون التنفيذيون في الشركة على عدم اتخاذ أيّة إجراءات قد تستدعي الصخب بشأن الإعلانات السياسية.

ولكن Facebook تخاطر بأن يضرّها هذا التردد، لا سيّما أن Google وTwitter قد طرحتا بالفعل سياساتهما المُنقّحة بشأن الإعلانات السياسية قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية المزمع انعقادها في عام 2020.

الحسابات التي أغلقتها فيسبوك تهاجم تركيا وقطر – رويترز

وقال إريك ويلسون، وهو خبير استراتيجي مختصّ بالإعلانات الرقمية ويُحسب على التيار الجمهوري: "لقد أطلق موقع تويتر شرارة البداية في هذا الصدد، وتولّى موقع جوجل تصعيد الأمر إلى ذروته، والآن ينصبّ الضغط على عاتق فيسبوك، وعليهم أن يتصرفوا".

وقد أصبحت الإعلانات السياسية على وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات الإنترنت مثارَ جدل بشكل خاص في هذه الدورة الانتخابية، بالنظر إلى اعتماد الحملات السياسية المتزايد على المنصّات الرقمية لنشر رسائلها والوصول إلى الناخبين. ورغم ذلك، بالكاد تنخرط شركات أخرى في هذه المعركة بقدر ما تفعل Facebook.

الحد من "الاستهداف الدقيق"

وبحسب الصحيفة الأمريكية، فمن ناحية، تريد الشركة الحد من انتشار المعلومات المضللة على موقعها؛ إذ يمكن أن يؤدي استهداف مجموعات محددة بالإعلانات، وهو ما يعرف باسم "الاستهداف الدقيق"، إلى تدعيم التضليل، حيث يتسنّى للمعلنين تأجيج حراك شريحة محددة من الجمهور، الذي قد يكون أكثر تأثراً بتلك الرسائل المُصوغة لاستهدافه.

وفي الوقت نفسه، تريد Facebook تجنب صدّ المجموعات والمرشحين الذين يعتمدون على منصّته الاجتماعية لجمع الأموال والتنظيم. وفي خضمّ تلك المحاولة لإيجاد سبيل يرضي جميع الأطراف، لم تُفلح الشركة في إرضاء أيّ طرف.

وأصبحت الشبكة الاجتماعية الآن غريبةً عن أقرانها من المنصّات الأخرى فيما يتعلّق بمدى الحريّة التي تتيح بها للمرشحين السياسيين والمسؤولين المنتخبين الإعلان على منصّتها. فبينما أعلن زوكربيرغ، الشهر الماضي، أن شركة Facebook لن تفرض سيطرتها على الإعلانات السياسية، أكدت Twitter أنها ستحظر كل هذه الإعلانات، بسبب تأثيرها السلبي على الخطاب المدني. وفي يوم الأربعاء 20 نوفمبر/تشرين الثاني، قالت Google إنها لن تسمح بعد الآن بتوجيه الإعلانات السياسية إلى جماهير محددة بناءً على سجلات الناخبين العامة أو انتماءاتهم السياسية.

فيسبوك
فيسبوك يطور أجهزة للتفاعل مع أفكار مستخدميه/ رويترز

وقال متحدث باسم Facebook في بيان: "كما قلنا، إننا نبحث الطرق المختلفة التي قد نحسّن بها نهجنا بشأن الإعلانات السياسية".

وذلك الضغط الواقع على عاتق Facebook، بشأن ما يتعيّن عليها فعله بخصوص الشرائح التي تستهدفها الإعلانات السياسية، لا يهدأ. إذ حاولت منظّمات من كلا الفصيلين السياسيين في البلاد -بدءاً من الكيانات الضخمة مثل حملة إعادة انتخاب الرئيس ترامب وصولاً إلى مجموعات أصغر على الصعيد المجتمعي- إقناع Facebook بعدم كبح جماح استهداف الإعلانات.

لماذا القلق من تغير طريقة استهداف الجمهور؟

وقالت تارا مكجوان، المؤسِّسة والرئيسة التنفيذية لمجموعة Acronym، وهي مجموعة تقدمية غير ربحية: "إنَّ إجراء تغييرات كبيرة على عمليات استهداف الإعلانات للجمهور على المنصّة من شأنه إلحاق الضرر البالغ بالديمقراطيين والتقدميين الذين يعتمدون على فيسبوك لجمع التبرعات والذين لديهم قاعدة من الجمهور المستهدف بالتسويق المجاني والداعمين -الذين يتفاعلون معهم على المنصّة وفي الواقع- تقل كثيراً عن نظيرتها لدى حملة دونالد ترامب".

وقال بعض الخبراء الاستراتيجين الجمهوريين إنهم يخشون أيضاً فقدان القدرة على جمع تبرعات مهمّة للحملات عبر الإنترنت إذا حدّت Facebook من ممارسات استهداف الإعلانات.

وفي يوم الجمعة 22 نوفمبر/تشرين الثاني، أصدرت اللجنة الوطنية الديمقراطية ولجنة حملة مجلس الشيوخ الديمقراطية ولجنة حملة الكونغرس الديمقراطية بياناً مشتركاً، أدانت فيه التغييرات التي فرضتها Google على سياساتها المتعلقة باستهداف الإعلانات.

وقالت المجموعة في رسالة إلى شبكة CNN الأمريكية: "يجب ألا تقلل الشركات التقنية من قوة القواعد الشعبية، فقط لأن هذا الخيار أسهل من التعامل مع المحتويات المسيئة على منصاتها. إننا ندعو هذه الشركات، ومن بينهم Google، إلى إعادة النظر في قرارها المعني بتحجيم الإعلانات السياسية صراحةً على منصّاتها".

وقد تواصل موقع فيسبوك مع بعض المُعلنين على منصّته والمجموعات الناشطة، للحصول على ردّهم بشأن التغييرات المرغوبة التي قد تطرأ على الإعلانات السياسية، إن وُجدت. وفي اتصال هاتفي أُجري مؤخراً مع مجموعات إعلانية سياسية، قال ممثل Facebook إنّ المنصّة تفكّر في بعض التعديلات، مثل إمكانية رفع الحد الأدنى لعدد الأشخاص الذين يمكن استهدافهم من 100 إلى 1000، بحسب ما أفاد به شخصان مطلعان على المناقشات. وجدير بالذكر أنّ هذا التغيير قد ذكرته في وقتٍ سابق، صحيفة Wall Street Journal الأمريكية.

تحديثات فيسبوك مستمرة

وتُجري Facebook أيضاً تحديثات وتنقيحات لمكتبة الإعلانات على منصّتها، وهي عبارة عن مجموعة من الإعلانات الحالية والسابقة التي دفع مقابلها المرشحون السياسيون، في محاولة لزيادة الشفافية، على حد قول المصادر.

ويوم الخميس 21 نوفمبر/تشرين الثاني، خلال الفعالية التي نظّمتها Facebook في واشنطن مع الخبراء الاستراتيجيين ومسؤولي الحملات الرقمية، تناول المديرون التنفيذيون سياساتهم الإعلانية الحالية مدة 90 دقيقة، قبل استراحة للاستعداد لفترة الأسئلة والأجوبة التي استمرت نحو 15 دقيقة.

وعلى الرغم من تعهد Facebook بعدم الإعلان عن أي سياسات إعلانية جديدة، قال شخصان كانا موجودان هناك، إنّ الحضور حاولوا انتزاع بعض المعلومات. وسأل أحد أعضاء حملة ترامب عما إذا كانت الشركة تُفكر في تقليص بعض البيانات والحد من قدرة الوصول إلى جماهير محددة، وردّ مسؤولو Facebook بأنّ المنصة ترحّب بجميع الملاحظات وتبحث جميع المشكلات.

وقال أحد أصحاب المداخلات في اللقاء، إنه يأمل ألا يسير موقع فيسبوك على خطى جوجل. وأكّد مسؤولو Facebook أنهم ليسوا بصدد الكشف عن شيء.

ورغم ذلك، عندما سُئِل مسؤولو Facebook عما إذا كانت الشبكة الاجتماعية ستتعامل مع الديمقراطيين والجمهوريين على قدم المساواة في انتخابات عام 2020، سرعان ما ردّوا على التساؤل.

وكان جوابهم، حسبما أشار إليه الحضور: نعم، سوف يُعامَل الجميع بالطريقة نفسها.

علامات:
تحميل المزيد