يبدو أن رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي لايزال مصراً على تقديم استقالته من رئاسة الحكومة العراقية، وسط رفض تحالف الفتح، الجناح السياسي للحشد الشعبي المقرب من جمهورية إيران.
رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر هدّد عبدالمهدي بتحويل تظاهرات 25 أكتوبر/تشرين الأول إلى اعتصام أو عصيان مدني، بحسب مسؤول في الهيئة السياسية للتيار الصدري.
ويقول المسؤول، رفض ذكر اسمه لـ "عربي بوست"، إنَّ "قيادياً في الهيئة السياسية للتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر أبلغ رئيس الوزراء بضرورة الإسراع بالكشف عن التحقيقات الجارية، وأسماء الجهات التي أعطت أوامر بقتل المتظاهرين في الأحداث الأخيرة، وإجراء إصلاح جذري لحكومته قبيل تظاهرات 25 أكتوبر (تشرين الأول)".
عبدالمهدي سيقدم استقالته حسب توجيهات الصدر
"عبدالمهدي سيتّجه إلى تقديم استقالته، إذا لم يقم بالإجراءات والتعديلات الحكومية"، وفقاً للمسؤول بالتيار الصدري.
وحسب توجيهات الصدر فإن أي اعتداء على المتظاهرين سيحول المظاهرات إلى عصيان مدني لإسقاط الحكومة، وإجراء انتخابات مبكرة بإشراف الأمم المتحدة والمنظمات الدولية.
ويحاول رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي تقديم استقالته من المنصب لعدم قدرته على إجراء تعديل وزاري، واستجابة لمطالب المرجع الديني علي السيستاني، حسب مصدر في مكتب عبدالمهدي.
ويقول مصدر غير مخوّل بالتصريح، لـ "عربي بوست"، إن "هناك ضغوطاً سياسية تُمارَس على عبدالمهدي، لمنعه من تقديم استقالته من الحكومة، خصوصاً عبر خطبة الجمعة التي يُلقيها ممثل المرجعية الدينية عبدالمهدي الكربلائي، وتحميل الحكومة مسؤولية إراقة دماء المتظاهرين، ومطالبتها بالكشف عن الجهات والشخصيات التي أعطت أوامر باستخدام العنف وقتل المتظاهرين".
إذ يقول المصدر: "25 أكتوبر/تشرين الأول 2019 يمثل تحدياً كبيراً لحكومة عبدالمهدي، خصوصاً أنها ستشهد حدثين مهمين، الأول خطبة الجمعة للمرجعية الدينية بعد انتهاء المهلة التي منحتها لعبدالمهدي، والثاني تأييد رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر للمتظاهرين، ودعوة أنصاره للمشاركة في مظاهرات 25 أكتوبر/تشرين الأول، التي من المحتمل أنها قد تتحول إلى اعتصام أو عصيان مدني، في حال تعرّضها للعنف، مثل ما حدث في مظاهرات 1 أكتوبر/تشرين الأول".
ولكن سليماني بعث رسالةً مشفرة أوقعته في حيرة
"عبدالمهدي أصبح الآن في حَيرة من أمره"، حسب المصدر.
فلا هو قادر على قمع التظاهرات، ولا قادر على تلبية مطالب المتظاهرين، ولذا فإن المعطيات السياسية تشير إلى أنه سيقدم استقالته من رئاسة الوزراء، قبل أو بعد مظاهرات 25 أكتوبر/تشرين الأول.
إلا أن تحالف الفتح يقف عائقاً أمام عبدالمهدي لمنعه من تقديم استقالته، خصوصاً بعد تسلمه رسالة من قائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، تمنعه من المضي قدماً نحو استقالته من الحكومة.
ويقول المصدر "إنها رسالة مشفرة من سليماني لعبدالمهدي ولا نعرف محتواها".
أما النائب عن كتلة النهج الوطني حسين العقابي، فيقول لـ "عربي بوست"، إن "استقالة رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي من منصبه مستبعدة جداً، فمطالب المتظاهرين ليست تعجيزية، وهو قادر على استجابة لمطالبهم وفق خطوات وقرارات مدروسة، وفق القانون والدستور العراقي".
حكومة تصريف أعمال بعد استقالة عبدالمهدي
"في حال قدَّم عبدالمهدي استقالته، فسيتمّ تشكيل حكومة تصريف أعمال لإدارة البلاد، من بعدها يقوم مجلس النواب العراقي باختيار شخصية مناسبة لرئاسة الوزراء لتشكيل الحكومة المقبلة"، حسب العقابي.
وقال إن "الصراع السياسي على المناصب أصبح شكلاً طبيعياً في العراق، منذ حكومة إبراهيم الجعفري، وإياد علاوي، وصولاً إلى حكومة عادل عبدالمهدي، فالأحزاب والكتل السياسية تتصارع فيما بينها للحصول على رئاسة الوزراء والمناصب الوزارية في الحكومة العراقية".
المشكلة في السعودية وإيران
السعودية وإيران تحاولان فرض سيطرتهما على العراق، عبر بعض الساسة العراقيين، وفق مصالحهم الشخصية، بحسب النائب عن دولة القانون علي الغانمي.
ويقول الغانمي لـ "عربي بوست"، إنه "بسبب الأوضاع الراهنة في العراق أفسح المجال لدول الجوار، منها إيران والسعودية، بالتدخل في الشأن الداخلي، بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكبة، فالتدخل الخارجي أصبح واضحاً للجميع، بعدما أصبح العراق اليوم حلبة صراع للدول، من أجل إثبات وجودها وتدخلها المباشر في الحكومة".
وقال "إن تغيير الحكومة الحالية سيصبّ في مصلحة دول ويضر دولاً أخرى".
وكان عبدالمهدي الكربلائي ممثل المرجع الديني علي السيستاني، قد حمّل في 11 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، الحكومة مسؤولية سقوط ضحايا من المحتجين وقوات الأمن خلال المظاهرات، وطالب في الوقت ذاته الحكومة والقضاء بإجراء تحقيق يتسم بالمصداقية في كل ما وقع في التظاهرات، والكشف للرأي العام عن العناصر التي أطلقت النار على المتظاهرين وغيرهم.