تعمل الولايات المتحدة وحركة "طالبان" على إيجاد سبل لاستئناف محادثات السلام وإنهاء الحرب في أفغانستان، في الوقت الذي يطرح فيه كلا الطرفين مطالب جديدة خلال اجتماعات مغلقة بينهما، وفقاً لمسؤولين ومحللين.
ووصل وفد يضم 12 عضواً من المكتب السياسي لحركة "طالبان" بالدوحة إلى العاصمة الباكستانية إسلام آباد، الأربعاء، تلبية لدعوة من حكومة باكستان، في أول زيارة يقوم بها وفد من الحركة إلى هناك منذ أن أسسوا مكتبهم السياسي في قطر عام 2013.
حالة الجمود لا تزال قائمة
كذلك وصل المبعوث الأمريكي الخاص إلى أفغانستان، زلماي خليل زاد، وفريقه بالفعل إلى إسلام آباد، الثلاثاء، قبل وفد طالبان.
وأشار مسؤول كبير بوزارة الخارجية الباكستانية إلى "عقد اجتماع واحد على الأقل" بين خليل زاد ووفد طالبان الذي يقوده نائب رئيس الحركة المسلحة، الملا عبدالغني بارادار، "لمناقشة سبل مختلفة لاستئناف المحادثات".
وقال المسؤول الذي فضل عدم الكشف عن هويته، في تصريح للأناضول: "لم يتوصل الجانبان إلى أي قرار. حالة الجمود لا تزال قائمة، لكنهما تعهدا بكسرها".
وأضاف: "من المتوقع عقد اجتماع آخر في غضون يوم أو يومين بعد أن يدرس الجانبان الموقف بدقة بشأن صيغ مختلفة نوقشت في الاجتماع الأول" الجمعة.
وأكد أن الجانبين توصلا إلى مطالب جديدة، حيث طالبت واشنطن بوقف "شامل" لإطلاق النار في البلد الذي مزقته الحرب، وإدراج حكومة كابول في عملية السلام؛ وهما شرطان أعربت طالبان مراراً عن رفضهما.
ولفت المسؤول إلى أن "طالبان" طلبت من جانبها "ضماناً من أعلى المستويات" في واشنطن بشأن تنفيذ نتائج المحادثات. وتابع: "لقد رفضت طالبان قبول المطلبين الأمريكيين، وتريد استئناف العملية من حيث توقفت تماماً، بينما تريد واشنطن بداية جديدة، خاصة فيما يتعلق بمطلبيها".
وفي 7 سبتمبر/أيلول الماضي، أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وقف المحادثات مع حركة "طالبان"، حيث ألغى محادثات مع قادة طالبان في كامب ديفيد كان يعد لها بشكل سري.
جاء ذلك في أعقاب هجوم وقع مؤخراً في العاصمة الأفغانية كابول، أسفر عن مقتل عشرات الأشخاص، وبينهم أحد عناصر الخدمة الأمريكية. وأجرى خليل زاد تسع جولات من المفاوضات مع طالبان في الدوحة بقطر، من دون أن يكشف الكثير عن وقائعها.
"الطرفان يختبران أعصاب بعضهما"
كان رئيس الوزراء الباكستاني، عمران خان، طلب من ترامب استئناف محادثات السلام مع "طالبان"، خلال لقائهما الشهر الماضي على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
من جانبه، ارتأى رحيم الله يوسفزاي، وهو خبير في الشؤون الأفغانية يقيم في بيشاور، أن ثمة فرصاً "جيدة" لاستئناف عملية السلام على الرغم من المواقف الصارمة لكل من واشنطن وطالبان.
وقال في تصريح للأناضول: "يختبر الطرفان أعصاب بعضهما البعض. لكن في النهاية، سيتفقان على استئناف المحادثات، لأنهما أدركا حقيقة أنه لا يوجد حل آخر".
واعتبر أن واشنطن أشد "صرامة" وتريد "أموراً إضافيًة" من طالبان، لتبرير استئناف المحادثات.
وكرر يوسفزاي كلمات المسؤول الباكستاني حول المطالب الأمريكية الجديدة، بالقول: "هناك ضغوط إضافية على واشنطن هذه المرة؛ حيث يتعين عليها تبرير استعدادها لإحياء عملية السلام التي أوقفت، ليس فقط أمام شعبها ولكن أمام العالم بأسره، بما في ذلك كابول".
ضغوط كبيرة على واشنطن وعلى طالبان أيضاً
ورجح أن الجانبين سيتوصلان إلى اتفاق ستخفض طالبان بموجبه "إلى حد كبير" هجماتها على القوات الأفغانية والأجنبية، وفي المقابل، ستوقف الولايات المتحدة غاراتها الجوية ضد مسلحي الحركة.
ومضى قائلاً: "لقد أدركت حركة طالبان أيضاً أن بإمكانها الحصول على المزيد من خلال المحادثات أكثر من الحرب. لذلك، أعتقد أنهم سيوافقون على تقديم بعض التنازلات لواشنطن". وتابع الخبير في الشؤون الأفغانية أن "باكستان ستضغط على طالبان من أجل ذلك".
بدوره، أعرب الفريق المتقاعد بالجيش طلعت مسعود، وهو محلل أمني يقيم في إسلام آباد، عن رأي مماثل، قائلاً: "في نهاية المطاف ستستأنف المحادثات، إنها مجرد مسألة وقت". وأضاف في حديث للأناضول: "خلافاً لذلك، ستظل الولايات المتحدة متورطة في أفغانستان، وهو ما لا تريده".
وأوضح أن واشنطن أرادت ممارسة المزيد من الضغط على طالبان من خلال وقف العملية؛ لأنها أدركت "حرص" الحركة على إنهاء الحرب.
ومضى بالقول: "أعتقد أن طالبان يجب أن ترضخ لمطالب الولايات المتحدة؛ لا سيما وقف إطلاق النار، إلى حد ما، وإلا فإن الولايات المتحدة لن توافق على استئناف عملية السلام".
وتشهد أفغانستان، منذ الغزو الأمريكي عام 2001، صراعاً بين حركة طالبان من جهة، والقوات الحكومية والدولية بقيادة الولايات المتحدة من جهة أخرى، ما تسبب في سقوط آلاف الضحايا المدنيين.