طُلب من ستوديو Sample & Hold للتصميمات في لندن مسح مختلف أنواع الأشياء: حذاء، وجزرة، ورؤوس جميع لاعبي فريق برشلونة لكرة القدم. حتى أن الشركة قد تعاونت مع شركةٍ في منطقة نايتسبريدج بلندن تصنع قوالب لأقدام الأطفال حديثي الولادة ورؤوسهم.
يوضِّح سام جاكسون مدير شركة Sample & Hold قائلاً لـموقع BBC البريطاني: "في بعض الأحيان يأتيهم عميلٌ يرغب في مسحٍ رأسيٍّ لمولوده". وقد استُخدمت تلك المسوح لصناعة قوالب برونزية لرأس الطفل، ويسرِّع المسح ثلاثي الأبعاد من العملية.
لا تحتاج Sample & Hold إلى أشعة ليزر لتنفيذ هذا المسح ثلاثي الأبعاد. عوضاً عن ذلك، تستخدم كاميرات تقليدية ثنائية الأبعاد. لكن الحيلة هي استخدام الكثير منها: يوضع موضوع الصورة في جهازٍ وتُثبَّت كل كاميرا في دائرة فوتوغرافية حوله. وبكبسة زرٍّ، تُلتقط صورةٌ من 67 زاوية مختلفة. ويمكن الدمج بينها في برنامج حاسوبي بغرض تشكيل نموذج ثلاثي الأبعاد.
تطوّر التصوير المساحي
يُسمَّى هذا بالتصوير المساحي/photogrammetry، وهي عملية تصوير معلومات بصرية ومساحية في الوقت ذاته. ومن المفاجئ أنها في الحقيقة تقنية قديمة. فقد أُجريت تجارب على أنواعٍ مختلفةٍ منها لما يزيد عن 150 عاماً، لكنها حالياً "تحظى بالاهتمام" جزئياً بفضل التكلفة الرخيصة للكاميرات الرقمية.
ولكل تقنية مسح ثلاثي الأبعاد نقاط قوة مختلفة. وكما يوضِّح جاكسون، يجيد التصوير المساحي بالأخصِّ تصوير الجودة البصرية للمواضيع. إذ يقول: "إن معلومات اللون هي الجزء المهم". لكن أحياناً، لا تعمل التقنية بالجودة المطلوبة، مع أصحاب البشرة استثنائية النعومة والنظافة مثلاً.
هناك زيادةٌ في استخدام التصوير المساحي لإدخال نماذج شخصياتٍ واقعيةٍ في ألعاب الفيديو ورقمنة مشاهد عالم الواقع. وقد أُثني على المصمِّمين العاملين على لعبة "Call of Duty: Modern Warfare" بفضل الجودة "المبرغلة" للبيئات الموجودة داخل اللعبة. وقد ساعد التصوير المساحي في تحقيق ذلك. بينما تحتوي لعبة "Truebrook" الحديثة على مشاهد صُنعت يدوياً كنماذج حقيقيةٍ ثم مُسِحت في عديدٍ من أوضاع الإضاءة باستخدام التصوير المساحي. ثم رُقمِنَت بعد ذلك.
صناعات كثيرة باتت تنجذب للتصوير المساحي
الآن، تنجذب صناعاتٌ أخرى نحو التصوير المساحي من أجل إجراء مسوحٍ رخيصةٍ ثلاثية الأبعاد للمواقع أو المنشآت الكبيرة. وغالباً ما يشمل هذا توجيه طائرة آلية صغيرة مزوَّدة بكاميرا حول المبنى محلِّ السؤال لكي يمكن التقاط الصور من زوايا عديدة.
ويوضِّح جون بويم، خبير التصوير المساحي بكلية لندن الجامعية، قائلاً: "الكلُّ يملك كاميرا، وقد انخفضت أسعار الكاميرات انخفاضاً حاداً". وتقدِّم شركة Uplift Drones البريطانية لتدريب مشغِّلي الطائرات الآلية دوراتٍ تدريبيةً في التصوير المساحي الجوي.
وعوضاً عن إرسال العاملين إلى أسطح مباني مجالس المدن لفحصها، يستخدم بعض السلطات المحلية البريطانية الآن الطائرات الآلية لمسحها مسحاً ثلاثي الأبعاد، على حدِّ قول جيمس دانثرون أحد مستشاري Uplift. ويفسِّر قائلاً: "بدلاً من فحص الموضوع جسدياً، يمكن تنفيذ ذلك باستخدام حاسوب".
ويرتقي بعض العملاء الذين عمل معهم بالتصوير المساحي إلى مستوىً جديدٍ بواسطة تركيب كاميراتٍ فائقة الوضوح بالطائرات الآلية. وهي معدَّات كبيرة تُثبَّت عادةً بالجانب السفلي للطائرات الكبرى أو المروحيات.
على سبيل المثال، تستخدم شركات السكك الحديدية هذه الكاميرات لصُنع نماذج ثلاثية الأبعاد مفصَّلةٍ للغاية للسكك. ثم يمكن للعاملين التأكُّد من وجود السكة في مكانها الصحيح مع اصطفاف جميع المعابر والمفاتيح على نحوٍ صحيح. ويقول دانثرون: "جودة البيانات التي يمكنك تحقيقها من خلال ذلك تخطف الأنفاس. أطلق عليه تصويراً مساحياً يتناول المنشِّطات".
العالم كلّه أصبح ثلاثي الأبعاد
بدأ التصوير المساحي بالطائرات الآلية يظهر في كل مكان. ففي الولايات المتحدة، أجرى قسم الطيران التابع لهيئة النقل بولاية واشنطن حديثاً تجارب على التقنية كوسيلةٍ لالتقاط المواضيع الحاجزة على ممرِّ الإقلاع في مطارَين مختلفَين، مطار بروسر ومطار ساني سايد المحلي. وتؤكِّد متحدثةٌ باسم الهيئة لـBBC أن العمل سوف يستمر.
إذ تقول: "اشترينا حديثاً طائرةً آليةً خاصةً بنا بهدف قيامنا بالتصوير المساحي بأنفسنا عوضاً عن الاستعانة بمقاول". لكن في أغلب الأحيان يوفِّر المقاولون الخارجيُّون الطائرات الآلية أو البرامج اللازمة لإجراء مسوح التصوير المساحي.
وتصنع شركة Pix4D السويسرية برنامجاً يحوِّل الصور الجوية إلى نماذج ثلاثية الأبعاد. وذكرت نيكوليتا غويتشيفا المتحدثة باسم الشركة أن في كل عامٍ، يزداد إجمالي المساحة المخطَّطة باستخدام البرنامج.
إذ تقول: "في 2018، خطَّط مستخدمونا ما يزيد عن 450 ألف كم مربع. وهذه 10 أضعاف مساحة سويسرا". وتبيِّن نيكوليتا أن هذا التخطيط ثلاثي الأبعاد يشمل مناجم وأراضي زراعيةً وأبراج اتصالاتٍ وخطوط أنابيب وحتى أصولاً تحت المياه.
طائرات للتصوير الثلاثي الأبعاد
ويهوى عملاء Pix4D -على سبيل المثال- إجراء مسوحٍ دوريةٍ لمواقع البناء لكي يظهر التقدُّم بوضوحٍ من خلال الصور ثلاثية الأبعاد. أو قد تستخدم إحدى شركات التعدينِ التصويرَ المساحيَّ لأخذ قياساتٍ للأكوام المهولة من التراب أو المواد الخام التي يُنقَّب عنها باستمرار.
وتكمل نيكوليتا: "لقد رأينا تحسناً كبيراً في الكاميرات خلال السنوات الأخيرة.. ولا تنفكُّ جودة ثبات صور الطائرات الآلية تزداد جودةً".
وفقاً لما تريد مسحه وموقعه، قد تلجأ إما إلى طائرةٍ آليةٍ ثابتة الجناحين وإما إلى واحدةٍ دوَّارة الجناحين. وللأجهزة ثابتة الجناحين نطاقٌ أوسع ولكنها بحاجةٍ إلى مساحةٍ مناسبةٍ للإقلاع والهبوط بأمان.
وتصنع الشركة البولندية FlyTech UAV طائرةً آليةً تُدعى "Birdie" يمكن تحويلها من طائرةٍ ثابتة الجناحين إلى نسخةٍ قادرةٍ على الإقلاع والهبوط العموديِّ بتركيب بعض القطع الإضافية.
وساعدت الشركة مؤخراً بعض شركات المرافق في صنع نماذج كبيرةٍ ثلاثية الأبعاد لكوابل كهربائيةٍ وأبراج أسلاك. ووفقاً لـFlyTech، هذا أرخص بكثيرٍ من إرسال مروحيةٍ لإجراء المسوح نفسها. إنها طريقة لتخطيط العالم صورةً صورةً.