ازدادت بصورة مقلقة حالات الإصابة بأمراض الرئة والوفيات الغامضة المرتبطة بتدخين السجائر الإلكترونية، بينما يقف الخبراء عاجزين حتى اليوم عن التوصل لنتائج حاسمة توضح إذا ما كانت الفكرة برمتها خطيرة صحياً، أم أن المنتجات غير المرخصة فقط هي المشكلة، ما يطرح السؤال حول إذا ما كان الأمر يستحق المخاطرة.
موقع بيزنيس إنسايدر الأمريكي رصد الظاهرة الخطيرة في تقرير بعنوان: "موجة الاعتلالات والوفيات الناتجة عن استخدام السجائر الإلكترونية تتصاعد.. والخبراء مرتبكون"، بدأه بالقول إن موجة الاعتلالات والوفيات الغامضة المرتبطة بتدخين السجائر الإلكترونية آخذة في التصاعد.
الإدارة الأمريكية تفرض حظراً جزئياً
أعلنت مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها أنه قد أُبلغ عمَّا لا يقل عن 450 حالة محتملة من الاعتلالات ذات الصلة بالسجائر الإلكترونية في 33 ولاية من جميع أنحاء الولايات المتحدة. وبحسب ما ورد أودت هذه الاعتلالات بالفعل بحياة ستة أشخاص على الأقل، ويخشى الأطباء وغيرهم من خبراء الصحة من احتمال ارتفاع الأعداد.
وأعلنت إدارة ترامب، يوم الأربعاء 11 من سبتمبر/أيلول، أنها ستفرض حظراً على جميع السجائر الإلكترونية ذات النكهات، بما في ذلك نكهات النعناع والمنثول.
وقال أليكس عازار، وزير الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكي، في بيان: "إن إدارة ترامب توضح أنها تعتزم تطهير السوق من السجائر الإلكترونية ذات النكهات للحدِّ من القلق العميق الناتج عن انتشار استخدام الشباب للسجائر الإلكترونية، والتي تؤثر على الأطفال والأسر والمدارس والمجتمعات".
وأوصت الإدارة بشكل منفصل ألا يستخدم الناس السجائر الإلكترونية
وقالت الدكتورة دانا ميني-دلمان، من مراكز مكافحة الأمراض في مؤتمر صحفي الأسبوع الماضي، وهو ما أوردته هيلاري بروك لـBusiness Insider: "بينما يجري التحقيق تنصح مراكز مكافحة الأمراض الأفراد بالتفكير في عدم استخدام السجائر الإلكترونية، لأنه حتى الآن، هذه هي الوسيلة الأساسية للوقاية من اعتلالات الرئة الحادة".
وعلى الرغم من أنه لم يتضح بعد سبب هذه الاعتلالات بالضبط، إلا أنه يبدو أنها تصيب الأشخاص الأصغر سناً -معظمهم من الرجال- الذين يدخنون المواد المشتقة من القنب الهندي مثل رباعي هيدرو كانابينول (THC).
الجاني مواد كيميائية
وفقاً لبعض الخبراء فإن الجاني قد يكون عبارة عن مواد كيميائية مثل أسيتات فيتامين إي، المستخدمة في استحلاب THC وكانابيديول (CBD) في السجائر الإلكترونية المحظورة قانونياً وغير المنظمة.
وقال الدكتور سكوت غوتليب، المفوض السابق لإدارة الغذاء والدواء، يوم الجمعة: "حتى إذا جرى تتبع معظم حالات اعتلالات الرئة وقادتنا نحو المواد الكيميائية المستخدمة في استحلاب THC أو CBD الموجودة في السجائر الإلكترونية غير القانونية ذات النكهات، فإن الأمر لا يبرئ السجائر الإلكترونية المباعة بالطرق القانونية المعتمدة على النيكوتين. عليهم أن يفعلوا المزيد لضمان سلامة منتجاتهم من خلال المشاركة في عملية تقديم مراجعة حول المنتجات، والحد من استخدام الشباب لها".
وأضاف غوتليب: "تعتمد السوائل المستخدمة في السجائر الإلكترونية المشروعة عموماً على مواد كيميائية قابلة للذوبان في الماء، وليس زيوتاً يمكن أن تتسبب في اعتلال رئوي حاد. وقد عُثر على مستويات عالية من أسيتات فيتامين إي في جميع السجائر المحتوية على مشتقات القنب الهندي، والتي اختُبرت بواسطة وزارة الصحة في ولاية نيويورك. ولا ينبغي لأحد أن يستخدم منتجات السجائر الإلكترونية المحظورة".
متى بدأت موجة المرض والوفيات؟
يقول مسؤولو مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها إنهم يحققون بنشاط في حوالي 94 حالة مرتبطة بالسجائر الإلكترونية في 14 ولاية. وهذا العدد سيرتفع إلى 200 حالة في 22 ولاية، ولم يحدد المسؤولون بعد الأسباب الدقيقة لهذه الاعتلالات، لكن يُعتقد أن الزيوت والمواد الكيميائية المستخدمة في استحلاب THC وCBD والنيكوتين في السجائر الإلكترونية المحظورة هي الملامة.
وفي 23 أغسطس/آب، تم الإبلاغ عن أول حالة وفاة مرتبطة بالسجائر الإلكترونية في إلينوي، حيث نُقل الشخص الذي لم يكشف عن هويته إلى المستشفى في إثر صعوبات شديدة في التنفس، وفقاً للمسؤولين. وبحسب ما ورد كان يدخن النيكوتين باستخدام السجائر الإلكترونية.
وفي 3 سبتمبر/أيلول، قالت هيئة الصحة في ولاية أوريغون إنها تحقق في وفاة شخص مصاب باعتلال تنفسي حاد، بعد استخدامه للسيجارة الإلكترونية، وبينما لم يحدد المسؤولون حتى الآن السبب الجذري للاعتلال الذي أصاب هذا الشخص، وهو في منتصف العمر، فقد ورد أن هذا الاعتلال قد أصابه بعد تدخينه لزيت الماريغوانا الذي اشتراه من مستوصف قانوني خاص بالقنب الهندي، حسبما ذكرت Associated Press.
وفي 4 سبتمبر/أيلول، كتب الدكتور سكوت غوتليب، مفوض إدارة الغذاء والدواء السابق، افتتاحية في The Washington Post يحث فيها المسؤولين الفيدراليين على اتخاذ إجراءات للتحقيق في أسباب هذه الاعتلالات والوفيات.
كتب غوتليب: "يجب وضع خطوط عريضة بين المكونات الأقل ضرراً وتلك التي تسبب مخاطر مفرطة. وهذا من شأنه تزويد المنظمين بالمعلومات اللازمة لاتخاذ إجراءات صارمة ضد مكونات السجائر الإلكترونية غير القانونية والخطرة. لقد حان الوقت أيضاً لإنهاء التناقض السياسي الذي يسمح بتملص THC وCBD من الرقابة".
وفي 6 سبتمبر/أيلول، أكد مسؤولو الصحة في ولاية إنديانا وفاة الحالة الثالثة المرتبطة بالسجائر الإلكترونية. بعد ذلك بوقت قصير، يؤكد المسؤولون في مينيسوتا وفاة الحالة الرابعة، ثم الخامسة في كاليفورنيا.
ومثل الوفيات الأخرى، لم يحدد المسؤولون بعد السبب الجذري. ومع ذلك، فإن رجل مينيسوتا البالغ من العمر 65 عاماً كان لديه تاريخ مع أمراض الرئة. لقد أصيب بالمرض بعد تدخينه منتج THC "المحظور"، حسبما ذكرت The New York Times.
وقال القائم بأعمال رئيس إدارة الغذاء والدواء نيد شاربلس، عبر تويتر: "إن تحقيقنا في التقارير المتعلقة بالاعتلالات التنفسية والوفيات المرتبطة بالتدخين الإلكتروني هو أولوية قصوى بالنسبة لإدارة الغذاء والدواء وشركائنا العاملين بالقطاع الصحي. إننا نعمل بلا كلل لجمع وتحليل المعلومات حول هذه الحوادث".
وحث السيناتور عن الأقلية، ويب ديك دوربن، شاربلس على العمل بشكل أسرع في خطاب موجه إلى شاربلس ذاته يوم الجمعة.
وبعد ذلك بأربعة أيام، أعلن المسؤولون في وزارة الصحة في كانساس وفاة الحالة السادسة المرتبطة بالتدخين الإلكتروني لرجل "فوق سن الخمسين"، وقال أمين وزارة الصحة والبيئة في ولاية كانساس، الدكتور لي نورمان في بيان: "إذا كنت أنت أو أحد أفراد أسرتك من مستخدمي السجائر الإلكترونية، فالرجاء التوقف. فالوفيات الأخيرة في جميع أنحاء بلدنا، إلى جانب مئات من حالات اعتلال الرئة المبلغ عنها، تستمر في الازدياد".
وفي اليوم التالي 11 سبتمبر/أيلول، أعلنت إدارة ترامب أنها تسعى إلى فرض حظر على جميع السجائر الإلكترونية ذات النكهات في الولايات المتحدة، بما في ذلك نكهات النعناع والمنثول.
وقال أليكس عازار، وزير الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكي، في بيان: "إن إدارة ترامب توضح أنها تعتزم تطهير السوق من السجائر الإلكترونية ذات النكهات للحدِّ من القلق العميق الناتج عن انتشار استخدام الشباب للسجائر الإلكترونية، التي تؤثر على الأطفال والأسر والمدارس والمجتمعات".