مقاتلون ولكن روبوتات! هل ينجح الإنسان الآلي في مهمته الجديدة بدلاً من البشر؟

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/09/23 الساعة 13:38 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/09/23 الساعة 13:38 بتوقيت غرينتش
قوات أجنبية في أفغانستان/ رويترز

أثناء الحرب العالمية الثانية، انتشرت مزحة بين أفراد الجيش الكندي الذي كان يقاتل في أوروبا، فحواها أن الجيش يتألف من مراقب أمامي يحمل "لاسلكي" لاستدعاء المدفعية، فيما يتولى الآخرون جميعهم مهمة حراسته.

وهي مزحة مبالغ فيها، لكنها تسلط الضوء على نقطة: يمكن القول إن أهم جندي في ساحة المعركة هو المراقب الأمامي. وحال تسليحه بجهاز لاسلكي وجهاز توجيه بالليزر، يصبح كم المدفعية والقوة الجوية التي يمكنه إحضارها مذهلاً.

ولكن هل يمكن أن تضطلع الأجهزة بهذه المهمة؟ هذا ما يأمل الجيش الأمريكي معرفته، وهذا ما يشرحه تقرير لمجلة National Interest الأمريكية.

كيف سيتغيَّر الأمر؟

مشروع بحثي جديد يهدف إلى استخدام أجهزة استشعار آلية تحل محل المراقبين الأماميين، ويؤكد البحث المُقدَّم أنه "بالاستغناء عن المراقب الأمامي البشري في ساحة المعركة، يمكن لأجهزة الاستشعار هذه أن تساعد في إطلاق القذائف بسرعة أكبر، وتقييم دقة القذيفة بشكل أسرع. ويمكن أن تساعد أيضاً في وضع المستشعرات في أماكن لا يرغب القادة في المخاطرة بحياة الجنود البشريين فيها، ويمكن أن تساعد الجنود على التفرغ لأداء المهام التي لا يقدر على أدائها سوى البشر".

والمشكلة هي أن الأمر يتطلب بعض الوقت من المراقب الأمامي -المعروف أيضاً باسم اختصاصي دعم إطلاق النار المشترك- لطلب قذائف المدفعية التقليدية، ومراقبة قذائف المدفعية التي تفوت الهدف، وإبلاغ جنود المدفعية بالتصحيحات. تتميز القذائف الذكية الموجهة بالليزر ونظام تحديد المواقع العالمي (GPS) باحتمال إصابة أعلى للهدف من أول قذيفة، لكنها شحيحة ومكلفة. ومن نافلة القول إن المراقبين الأماميين هم دوماً أهداف رئيسية للعدو، لأنهم شديدو الخطورة.

ولذا، يريد الجيش مجموعة من المستشعرات التي يمكنها إطلاق النار بشكل غير مباشر وبسرعة وبدقة. يقول الجيش: "لإحلال آلية استطلاعية ذكية محل المراقب البشري، تكون متصلة بنظام التحكم في إطلاق النار، يجب أن تكون مجموعة المستشعرات قادرة على تحديد الموقع الجغرافي لهدف في بيئة لا يعمل فيها نظام تحديد المواقع بصورة جيدة". يجب أن يكون النظام قادراً أيضاً على تحديد أهداف مثل الدبابات والمستودعات، والتواصل مع جنود المدفعية لضبط قذائف المدفعية، وتأكيد تدمير الهدف.

التحسينات المطلوبة

وبحسب المجلة الأمريكية، يبدو أن الجيش يشعر بقلق خاص إزاء تصنيع جهاز قادر على إجراء اتصال دقيق بالمدفعية حتى حين يكون نظام تحديد المواقع معطوباً أو متوقفاً. لذا من الضروري أن يكون الجهاز الجديد مزوداً بـ "مدوار، وبوصلة، وأجهزة استشعار لقياس الجاذبية، ومقاييس التسارع، وغيرها من الأساليب التي تضمن الدقة، وأنظمة تحديد الملاحة والتوقيت".

يمكن أن تشمل الميزات المحتملة الأخرى دمج شبكة كاملة من المستشعرات لضمان توفر بديل في حالة توقف أحد المستشعرات. ومن الميزات المرغوب فيها أيضاً القدرة على "توفير توجيه للهدف أثناء انطلاق القذائف في الجو، عن طريق التوجيه بالليزر، على سبيل المثال لا الحصر".

ومن المثير للاهتمام أن روسيا كان لديها بالفعل الفكرة نفسها. ففي عام 2018، ذكرت وسائل الإعلام الروسية أن سلاح الجو الروسي كان يخطط لتطوير أجهزة رقابة أمامية جوية لطلب الغارات الجوية. وكان من المتوقع أن يكون بإمكان الذكاء الاصطناعي للآلة تحديد الأهداف ومن ثم تسليط الضوء عليها باستخدام أداة توجيه تعمل بالليزر لتصويب القنابل الذكية. وكانت هذه الفكرة نتاج تجربة مريرة: ففي أفغانستان، كان المجاهدون يخصصون مكافآت للقبض على المراقبين الروس، وفي عام 2016 في سوريا، فضّل مراقب روسي محاط بعناصر من داعش قتل نفسه باستدعائه غارة جوية على موقعه على أن يصبح سجيناً لدى داعش.

هل القصة بالفعل مفيدة؟

يقول تشارلي هايدل، وهو خبير سابق في فريق التحكم الجوي التكتيكي التابع لسلاح الجو الأمريكي، لمجلة National Interest إن المراقب الجوي الآلي الروسي سيكون "مضيعة للجهد". فالمراقب "هو خبير في توظيف القوة الجوية ومن الضروري أن يكون حاضراً أثناء صياغة القائد الميداني لخطته، وأن يكون حاضراً أثناء صياغة ضابط إطلاق النار لخطة إطلاق النار، ولا بد أن يكون حاضراً أثناء تنفيذ المهمة لتجاوز فوضى المعركة". وشكك أيضاً في قدرة الروبوتات على التواصل مع القوات البرية أثناء اجتيازها الطرق الوعرة.

ورغم أن الجيش الأمريكي يبدو مهتماً بتصنيع شبكات الاستشعار وليس نوعاً من المركبات الآلية، فإن الأسئلة نفسها ستُثار بلا شك: هل يمكن الوثوق بآلة تحل محل إنسان لاستدعاء قذيفة مدفع هاوتزر بدقة؟

تحميل المزيد