في ظل استمرار الهجمات على أهداف سعودية حيوية أعلن مصدر مسؤول بوزارة الدفاع السعودية أن المملكة قررت الانضمام إلى التحالف الدولي لأمن وحماية الملاحة البحرية وضمان سلامة الممرات البحرية.
فما طبيعة التحالف، وما الدول التي انضمت إليه، وهل ينجح هذا التحالف في التصدي لتهديدات إيران وحلفائها.
تقول المملكة إن انضمامها لهذا التحالف الدولي يأتي لمساندة الجهود الإقليمية والدولية لردع ومواجهة تهديدات الملاحة البحرية والتجارة العالمية وضمان أمن الطاقة العالمي، واستمرار تدفق إمدادات الطاقة للاقتصاد العالمي، والإسهام في حفظ السلم والأمن الدوليين.
يهدف هذا التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة إلى حماية السفن التجارية بتوفير الإبحار الآمن لضمان حرية الملاحة البحرية والتجارة العالمية وحماية لمصالح الدول المشاركة في التحالف، بما يعزز الأمن وسلامة السفن التجارية العابرة للممرات.
جاء ذلك في ظل هجمات غامضة في الخليج العربي وعُمان يعتقد أنها من تدبير إيران التي هددت بوقف كل الصادرات عبر المضيق الذي يمر منه خُمس النفط العالمي، إذا استجابت الدول الأخرى إلى العقوبات الأمريكية الرامية لوقف شراء النفط الإيراني.
وبالإضافة إلى أمن الملاحة في الخليج، شعرت الولايات المتحدة، وكذلك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، بالقلق منذ فترة طويلة من الهجمات التي يشنها المقاتلون الحوثيون المتحالفون مع إيران في ممر باب المندب المائي الضيق، الذي يربط البحر الأحمر بخليج عدن وبحر العرب.
أين سيعمل التحالف الدولي لأمن وحماية الملاحة البحرية؟
تغطي منطقة عمليات التحالف الدولي لأمن الملاحة في الخليج، مضيق هرمز وباب المندب وبحر عمان والخليج العربي.
وظهرت فكرة تشكيل تحالف عسكري دولي لحماية أمن الملاحة البحرية، في الخليج العربي، في التاسع من يوليو/تموز 2019، حيث أعلن وقتها رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية، الجنرال جوزيف دانفورد، عمل واشنطن على تشكيل هذا التحالف.
ويهدف التحالف العسكري إلى حماية السفن التجارية وناقلات النفط التي تعبر مضيقي هرمز وباب المندب، في بحر عمان والخليج العربي.
تقسيم للمسؤوليات بين كل عضو في التحالف
ووفق الخطة الأمريكية، تتولى الولايات المتحدة قيادة عمليات المراقبة البحرية واسعة النطاق، والاستطلاع، مع توفير سفن حربية لمهمات القيادة والسيطرة.
في المقابل، تقدم دول التحالف الأخرى سفناً لتسيير دوريات بالقرب من سفن القيادة الأمريكية.
ويشمل الجزء الثالث من المهمة أفراداً من التحالف لمرافقة سفن بلادهم التجارية، وناقلات النفط التي تحمل أعلامها عبر المنطقة.
وبموجب الخطة، ستوفر الولايات المتحدة سفن قيادة وتؤدي جهود المراقبة للتحالف العسكري. وسيقوم الحلفاء الآخرون بدوريات في المياه بالقرب من سفن القيادة الأمريكية ومرافقة السفن التجارية التي تحمل أعلام بلادهم.
وقال جنرال أمريكي بارز إن الولايات المتحدة تأمل في تجنيد حلفاء في تحالف عسكري لحماية المياه الاستراتيجية قبالة إيران واليمن، حيث تلقي واشنطن باللوم على إيران والمقاتلين المحاذيين لإيران في الهجمات.
من انضم لهذا التحالف؟
لكن رغم أن الفكرة تبدو براقة فإن من الواضح أنها لم تلقَ سوى استجابة محدودة من الدول التي يفترض انضمامها.
إذ تواصل مسؤولون أمريكيون، من مستويات مختلفة، مع مسؤولين من 62 دولة لمناقشة إمكانية انضمامها للتحالف العسكري.
في أواخر يونيو/حزيران الماضي، بعد اجتماع لحلف الناتو، قال وزير الدفاع الأمريكي إنه خرج بدون أي تعهدات ثابتة من حلفاء الناتو بالمشاركة في جهد عالمي لتأمين ممرات مائية دولية ضد إيران.
فالتحالف الأمريكي لم يحظ بترحيب رسمي حتى الآن، إلا من بريطانيا وأستراليا والبحرين، وأخيراً السعودية.
أما أوروبياً، وخلافاً للموقف البريطاني، أعلنت ألمانيا أنها لا تفكر حالياً في المشاركة في التحالف العسكري الذي تسعى الولايات المتحدة لتشكيله.
كما فضّلت فرنسا التركيز على تحالف أوروبي لتنفيذ مهمة مشابهة، بعيداً عن قيادة واشنطن.
ولا تزال الصين تدرس الخطة الأمريكية، مع ميلها أكثر لفكرة مرافقة أسطولها البحري لسفنها التجارية في الخليج، وهو موقف يتطابق مع ما قررته اليابان، حتى الساعة.
ورفض نائب رئيس مجلس الوزراء الياباني، أحد الحلفاء الرئيسيين لواشنطن، التعليق مباشرة عند سؤاله عن تعليقات دانفورد.
وقال كوتارو نوغامي في مؤتمر صحفي دوري، الأربعاء، في طوكيو: "نحن قلقون للغاية بشأن تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، وضمان المرور الآمن في مضيق هرمز أمر حيوي لأمن الطاقة في أمتنا، وكذلك لسلام ورخاء المجتمع الدولي".
"ستبقى اليابان على اتصال وثيق مع الولايات المتحدة والدول الأخرى ذات الصلة، وستواصل بذل الجهود من أجل الاستقرار وتخفيف التوتر في الشرق الأوسط".
بريطانيا تتحرك بالفعل رغم الغدر الترامبي
وقالت بريطانيا إنها ستنضم إلى مهمة بحرية أمنية بقيادة الولايات المتحدة في الخليج لحماية السفن التجارية التي تعبر مضيق هرمز.
وباتت حركة مرور ناقلات النفط عبر المضيق محور مواجهة بين واشنطن وطهران وانجرت بريطانيا إلى تلك المواجهة أيضاً، فيما عززت الولايات المتحدة وجودها العسكري في الخليج منذ مايو.
وفي شهر يوليو/تموز 2019، احتجز الحرس الثوري الإيراني الناقلة البريطانية ستينا إمبرو قرب مضيق هرمز بزعم أنها ارتكبت مخالفات بحرية.
وجاء ذلك بعد أسبوعين من احتجاز بريطانيا ناقلة نفط إيرانية قرب جبل طارق متهمة إياها بانتهاك العقوبات على سوريا.
وبعد أن تورطت لندن في ذلك الوقت في النزاع بين إيران وأمريكا في ذلك الوقت، فاجأ وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو العالم آنذاك بالقول إن على بريطانيا تحمل مسؤولية حماية سفنها.
ورغم ذلك، قال وزير الدفاع بن والاس للصحفيين: "بريطانيا عازمة على ضمان حماية عمليات الشحن الخاصة بها من التهديدات غير القانونية، ولذلك السبب ننضم إلى مهمة بحرية أمنية جديدة في الخليج"، دون أن يوضح علاقة هذه المهمة بالتحالف المشار إليه.
وأضاف: "نتطلع إلى العمل مع الولايات المتحدة وآخرين لإيجاد حل دولي للمشكلات في خليج هرمز".
وتنشر بريطانيا حالياً المدمرة دنكان والفرقاطة مونتروز في الخليج لمرافقة السفن التي تحمل العلم البريطاني في المضيق.
وقال مسؤولون بريطانيون إن المدمرة والفرقاطة رافقتا 47 سفينة حتى الآن.
الأمر لا يعني انضمام لندن للعقوبات الأمريكية ضد إيران
وقال وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب إن الخطوة الأخيرة لا تمثل تغييراً في النهج إزاء إيران، وإن بريطانيا ستظل ملتزمة بالعمل مع إيران للحفاظ على الاتفاق النووي المبرم في 2015، مقابل رفع العقوبات عن طهران.
وأوضح مصدر أمني بريطاني أن المهمة الجديدة ستركز على حماية أمن الملاحة، وأن بريطانيا لن تنضم إلى العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على إيران.