السيسي لديه أسباب حقيقية للقلق من محمد علي.. فتش عن صغار الضباط والمخابرات والإمارات

عربي بوست
تم النشر: 2019/09/17 الساعة 16:45 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/09/17 الساعة 16:46 بتوقيت غرينتش
محمد علي /مواقع التواصل الاجتماعي

"المخابرات كادت تقبّل يدي كي لا أرد"، بهذه الكلمات رد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي على المقاول المتمرد محمد علي، وأظهر هذا الرد قلق السيسي من فيديوهات محمد علي بشكل يختلف عن موجات انتقاد سابقة وجهت له من معارضين مسيسين ومشاهير، فلماذا يقلق السيسي من محمد علي أكثر من غيره من المعارضين؟.

فالمقاول والفنان نصف المشهور خفيف الدم فعل ما لم يفعله السياسيون المحترفون ولا النشطاء المثقفون، ودفع الرئيس للخروج عن هدوئه والرد عليه رغم نصيحة المخابرات.

فما هي الأسباب التي تجعل السيسي يقلق لهذا الحد من فيديوهات المقاول الذي بنى ثروته من العمل مع الجيش؟

البعض يراها أسوأ أزمة منذ توليه الحكم

واعتبر المثقف المصري المعارض علاء الأسواني -في مقال له بموقع دويتش فيليه الألماني- أن الأزمة التي يتعرض لها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الآن هي الأسوأ منذ أن تولى حكم مصر، بسبب الظهور المفاجئ لمحمد علي عمل في سلسلة من الفيديوهات على فيسبوك تحدث فيها عن رشاوى ومخالفات جسيمة في مشروعات الجيش.

اللافت أن محمد علي ذكر الوقائع بالتفاصيل وأسماء المسؤولين المنحرفين بل وتطرق إلى ولع السيسي الغريب ببناء القصور الرئاسية التي تكلفت مليارات الجنيهات في بلد يعيش معظم سكانه في البؤس، حسب وصف الأسواني.

وانتقل الفنان المصري من مرحلة الحديث عن المشروعات التي تديرها الهيئة الهندسية التابعة للجيش، إلى مرحلة التوعد، بتنظيم ثورة على الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.

وتوافد، عدد من عملاء الاستخبارات المصرية من عدد من الدول الأوروبية إلى إسبانيا، حيث يقيم محمد علي، وفق معلومات حصلت عليها جريدة "القدس العربي" من مصادر رفيعة المستوى في إسبانيا.

ويسعى رجال المخابرات المصرية حسب الصحيفة وراء هدفين ، محاولة رصد علي وإقناعه بوقف حملاته ضد عبدالفتاح السيسي مع تسوية جميع مشاكله وتلبية جميع مطالبه.

الهدف الثاني، معرفة هل تجمعه علاقات بدول يفترض أنها معادية لمصر تقف وراءه وتموله مالياً، حيث تراقب الاستخبارات المصرية بعض الدبلوماسيين العرب ومن دول إسلامية بشكل أثار قلق مدريد.

السيسي ينفي ويؤكد فيديوهات محمد علي

حققت فيديوهات محمد علي ملايين المشاهدات وارتبك النظام تماماً فآثر السكوت في البداية، ثم بدأت حملة ضغطت خلالها أجهزة الأمن على والد محمد علي وأخيه وزوجته، حسب مراقبين مثل الأسواني-  فظهروا في وسائل الإعلام يتهمونه بالسرقة وإهمال أولاده.

كان الغرض تشويه صورة محمد علي لكن المقاول المتمرد استمر في إذاعة فيديوهاته التي يتحدى فيها السيسي ويطلب منه الرد على وقائع الفساد وإهدار المال العام.

أخيراً ظهر السيسي منذ أيام في مؤتمر الشباب

يعلق الأديب المصري علاء الأسواني قائلاً "ولأول مرة يرى المصريون رئيسهم مرتبكاً فاقداً للسيطرة على أعصابه".

اللافت أن السيسي لم ينف بشكل مباشر اتهامات محمد علي.

بل قال "نعم لقد بنيت القصور الرئاسية ولسوف أستمر في بنائها لكني لا أبنيها من أجلي ولكن من أجل مصر".

يقول الأسواني "هكذا اعترف السيسي علناً بإهدار المال العام الذي يحصل عليه من الاستدانة حتى وصلت ديون الدولة المصرية إلى أرقام فلكية غير مسبوقة.

ويظهر الرد ولع السيسي ببناء القصور الرئاسية التي تكلفت مليارات الجنيهات في بلد يعيش معظم سكانه في البؤس، حسب وصف الأسواني، الذي يرى أن رد السيسي كشف عن مفهومه الغريب لصلاحيات الرئيس وطريقة بناء الدولة.

إذ أنه لا يرى فرقاً بين مال الدولة وماله الخاص وهو يعتبر أن من حقه أن يأخذ من ميزانية الدولة أي مبلغ لينفقه كما يحب، كما أنه يغضب بشدة إذا سأله أحد عن تصرفاته المالية ويعتبر مجرد السؤال مؤامرة ضد مصر.

ويضيف الأسواني قائلاً إن مفهوم السيسي  لبناء الدولة لا يتعدى تشييد الأبنية العملاقة ليفاخر بها الأمم بينما الدولة لا تقوم بدون توفير حقوق المواطنين في التعليم الجيد والرعاية الصحية وتكافؤ الفرص. 

ولكن لماذا يقلق السيسي من محمد علي أكثر من المعارضين التقليديين؟

بين حين وآخر، يبرز معارضون مصريون في الخارج ينتقدون السلطات في بلدهم، وتجد تصريحاتهم متابعات واسعة على منصات التواصل الاجتماعي، وهو ما اعتبر أكاديمي أنه يعبر عن حالة من الغضب المكتوم داخلياً؛ جراء الأوضاع في مصر.

عقب تولي عبدالفتاح السيسي الرئاسة، في 2014، غادر مشاهير مصريون بلدهم، رفضاً للنظام، أبرزهم من السياسيين محمد البرادعي، نائب الرئيس الأسبق، وأيمن نور، رئيس حزب "الغد".

ومن الممثلين: هشام عبدالحميد، هشام عبدالله، محمد شومان، وجدي العربي، خالد أبو النجا، وعمرو واكد، ومن مقدمي البرامج التلفزيونية: معتز مطر ومحمد ناصر.

أسس أيمن نور فضائية "الشرق" خارج مصر، فيما دشن معارضون آخرون قناة "مكملين"، وهي تتناول الأوضاع في مصر، وأظهرت استطلاعات رأي أنها الأكثر انتشاراً داخل مصر مقارنة بنظيراتها المصرية، التي غلب عليها الرأي الحكومي وإقصاء غالبية المحاورين البارزين لمجرد انتقادهم للأوضاع.

وحظيت تدوينات بعضهم على منصات التواصل الاجتماعي، وبينهم البرادعي وواكد، بصدى كبير، غير أن النظام المصري وأذرعه الإعلامية عادة ما يقللون من أهمية المعارضين في الخارج، ويتحدثون عن رفض شعبي لهم. 

وعملت رئاسة الحكومة، عبر "مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار" وبعض الفضائيات، على الرد على ما تبثه تلك القنوات وحسابات التواصل الاجتماعي، باعتبارها شائعات تستهدف زعزعة استقرار مصر.

ولكن ظهور محمد علي أثار ردود فعل أكثر حدة من قبل السلطات المصرية وفي مقدمتهم الرئيس نفسه.

وتلك الحالة هي الأولى البارزة منذ وصول السيسي للحكم في 2014، التي تثير ضجة واسعة لعدة أيام، وسط تشكيك وهجوم من جانب مؤيدين بارزين للنظام. 

سعيد صادق، المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، قال إن المعارضة خارج مصر ليست جديدة، وهي ظاهرة تعود لبداية القرن التاسع عشر.

وأضاف صادق لوكالة الأناضول: بعد ما حدث خلال السنوات الست الماضية بعد 2013، والإطاحة بالرئيس الراحل محمد مرسي، برز كثيرون في الخارج، إلا أنهم لم يحظوا بصدى كبير في الداخل؛ جراء وجودهم في دول ليست على علاقة جيدة بمصر، وترويج النظام أنهم يخدمون أجندات خارجية.

وتابع أن تأثيرهم لم يكن قوياً، وهو ما برز خلال فعاليات دعوا إليها، ولم تلق رواجاً، وأبرزها "ثورة الغلابة (الفقراء)" ضد الغلاء، في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2016.

واستدرك: "إلا أنهم نجحوا في شيء واحد فقط، وهو أن الفضائيات الخاصة بهم ناقشت ما لا يقدر إعلام النظام على مناقشته، ومن ثم نالوا مشاهدات عالية". 

أسباب نجاح محمد علي 

اعتبر صادق أنه توجد أربعة عوامل أدت إلى نجاح المقاطع المصورة لـ"علي"، وهي: وجوده في دولة أوروبية (إسبانيا)، وكونه جزءاً من النظام، وأسلوبه الشعبوي الذي يصل إلى المواطن العادي، وحديثه عن وقائع بمصادر.

وزاد بأن المواطن يستقي معلوماته عبر ثلاثة مصادر، وهي الإعلام الوطني، وقد أصبح ضعيفاً، والإعلام الأجنبي ومنصات التواصل الاجتماعي، والأخيرة هي الأقرب للعامة.

ورأى أن "علي" استخدم منصات التواصل الاجتماعي بشكل جيد لدرجة جعلت النظام لأول مرة يرتب مؤتمراً خصيصاً للرد عليه، في إشارة إلى مؤتمر الشباب.

ويرى علاء الأسواني: إن محمد علي نجح خلال أيام قليلة في تبديد دعاية إعلام النظام التي تكلفت مليارات الجنيهات والسبب في ذلك أن الواقع اليومي للمصريين أصبح يكذب كل ما يردده الإعلام.

أضف إلى ذلك أن محمد علي يتمتع بصفات ساعدته على النجاح: فهو خفيف الظل يستعمل سلاح السخرية الذي يحبه المصريون، وهو ممثل محترف يعرف كيف يخاطب الكاميرا وكيف يستعمل تعبيرات الوجه وحركات الجسد، كما أنه  يقدم نفسه باعتباره رجلاً بسيطاً من عامة الشعب قليل التعليم ويستعمل لغة شعبية وأحياناً سوقية تلقى قبولاً عند البسطاء.

لكن السبب الأهم في نجاح محمد علي أنه شجاع استطاع أن يواجه السيسي ويقول له ما يريد ملايين المصريين أن يقولوه لكنهم يصمتون إما خوفاً أو يأساً.

كما أن محمد علي الذي كشف عن فساد مسؤولين كبار كان يعمل في مشروعات الجيش مما يعني أن المخابرات قد تأكدت من عدم انتمائه للإخوان أو لأي فصيل معارض للنظام.

ويقول الأسواني: الحماس البالغ الذي استقبل به المصريون فيديوهات محمد علي يدل على أن الأفكار الدعائية التي طالما استعملها نظام السيسي لإسكات المعارضين لم تعد تقنع أحداً. المصريون يحترمون الجيش لكن الاحترام لا يعني التقديس فلم يعد الجيش فوق النقد والمحاسبة. إن الثروات الخرافية التي كونها بعض اللواءات من مشروعات الجيش  -كما ذكر محمد علي- لابد أن تكون محل محاسبة ولو كنا نحترم الجيش حقاً فلابد أن نساعد على تخليصه من الفاسدين. كما أنه لم يعد مقبولاً اتهام كل من يعارض السيسي بالعمالة والخيانة.

موجة جديدة من الفيديوهات.. وكلها تتركز على خبايا الجيش

لم تحظ فيديوهات محمد علي فقط بمتابعة ملايين من المصريين الذين دشنوا هاشتاغ "محمد علي فضحهم"، ولكنها حفزت أيضاً عدداً من النشطاء لإطلاق عدد من الفيديوهات التي تتناول قضايا مرتبطة بالقوات المسلحة ويمكن أنها تحاول استكمال الصورة التي رسمها محمد علي، ولكن في مجالات لا تقل خطورة حتى لو لم تحظ بنفس الاهتمام؟

فقد انضم الناشط السيناوي مسعد أبو الفجر لسلاح "الفيديوهات" الذي أطلقه محمد علي قبل أسبوعين، واتهم أبو الفجر المقرب من أجهزة سيادية أمنية مصرية، نجل السيسي بالتعاون مع تجار المخدرات في سيناء، وحصوله على نسب من تهريب البضائع للمحاصرين في قطاع غزة.

وبعد 24 ساعة من فيديو أبو الفجر، نشر الإعلامي وليد الهواري في قناته على اليوتيوب تسجيلاً لأحد أفراد القوات المسلحة، تحدث فيه عن استغلال الجنود في أعمال السخرة لصالح قيادات الجيش، وأكد صاحب التسجيل، الذي عرف نفسه بأنه "رجل المدفعية"، أنه ما زال في الخدمة، وأن ما قاله محمد علي عن فساد القيادات أقل من الموجود بأرض الواقع.

هل يقلق السيسي من صغار الضباط؟

السواد الأعظم من ضباط الجيش وصفّ الضباط والمتطوعين والمجندين هم الذين يدفعون ضريبة الشقاء، مثل غيرهم من عموم المصريين، بينما قلة معينة هي التي تحصل على كل المكاسب، بهذه الكلمات علق الخبير العسكري والاستراتيجي، مجدي الأسيوطي لـ"عربي21"، على فيديوهات محمد علي.

ويرى الأسيوطي أن قيام الجيش بإزاحة السيسي بسبب الفيديوهات "ربما يكون حديثاً سابقاً لأوانه، ولكنه في الوقت نفسه أصبح حديثاً موجوداً داخل صفوف القيادات المتوسطة والرتب الصغيرة، وكذلك بين بعض القيادات العسكرية الكبيرة التي لم تتلوث يدها بالفساد، والتي أصبحت تتحدث عن خطورة ما يحدث، ليس على السيسي ونظامه، ولكن على المؤسسة العسكرية التي انكسرت هيبتها لدى الشعب، عندما تخلت عن السلاح وتورطت في بيع الجمبري، حسب قوله.

ويقول الأسيوطي: "السيسي نظم مؤتمر الشباب، ليس للرد على الممثل الذي فضحه، ولا لمخاطبة الشعب المصري، وإنما نظمه لمخاطبة قيادات القوات المسلحة، عندما طالبهم بألا يصدقوا ما يقال عنه، أو على حد تعبيره (إن ابنكم صادق ونزيه وليس حرامي أو فاسد)".

ويوضح الخبير العسكري أن الجيش المصري لديه عقيدة مختلفة عن غيره من الجيوش، وهي عدم الانقلاب على قادته، وللأسف هذا ما حدث مع مبارك الذي تمت تبرئته من كل القضايا التي كان متهماً فيها؛ لأنه عسكري، بينما تم التنكيل بالرئيس الراحل محمد مرسي، وقتله في محبسه؛ لأنه مدني، رغم أن الأول متورط في الفساد، والثاني كان يريد محاربة هذا الفساد.

ويشير الكاتب أحمد حسن الشرقاوي إلى أن أكثر ما يخشاه النظام هو تأثير سلاح الفيديوهات على عموم الجيش، حيث يمكن أن تشجع بعض القيادات للتفكير في إزاحة السيسي".

وينهي الشرقاوي حديثه بأن الفيديوهات "سوف يكون لها تأثير سلبي على تماسك المؤسسة العسكرية"، لكنه أكد أن قوة هذا التأثير، وتوقع المسارات التي يمكن أن تسير فيه، "لا يمكن لأحد أن يتكهن بها في الوقت الراهن".

ويصف رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشورى المصري السابق، عز الكومي، فيديوهات محمد علي، بأنها أشبه بتسونامي، وتوقع الكومي في تصريح لـ"عربي21" أن تُحدث شرخاً في صفوف القوات المسلحة وليس بين قيادته، "لأن السيسي ورط هذه القيادات معه في الفساد المالي والإداري، بل والأخلاقي، وقام بتحصينهم بعدد من القوانين التي وضعتهم فوق المساءلة القانونية والدستورية، ولذلك فإنهم سوف يحاربون مع السيسي، ويدافعون عن فساده؛ حتى لا تتم التضحية بهم إذا ما خرج السيسي من المشهد بأي شكل كان"، حسب قوله.

ما موقف ضباط الجيش مما قاله المقاول المتمرّد؟

لرصد ردود الأفعال المختلفة على فيديوهات محمد علي داخل القوات المسلحة ومع المتعاملين معها، سبق أن التقى "عربي بوست" أحد الضباط الشباب، الذي أخبرنا بأن هناك حالةً من الاستياء العام بين أوساط صغار الضباط من فيدوهات محمد علي.

يقول: "يرى الكثيرون الفيديوهات مقززة، على حد تعبير أحدهم، لكن الاستياء ليس من محمد علي فحسب لكن أيضاً ممن تسببوا فيها، إذ يرون أن السفه في الإنفاق وإغداق الأموال على مَن لا يستحقون، تلك نتيجته المتوقعة".

ويرى الضابط الشاب أن القيادات هم المسؤولون الأوائل عن تلك "الفضيحة"، أولاً بإداراتهم المالية السيئة، وثانياً بتعاملهم مع "عيل شمام"، على حد تعبيره.

لكن إذا كانت هناك حالة استياء وحنق على محمد علي وعلى المسؤولين عن مهزلة فيديوهاته، فعلى صعيد آخر هناك سعادة واحتفاء بالغان بين أوساط المتعاملين مع الجيش سواء في مجال الإنشاءات أو الاستصلاح الزراعي، حيث يرون أن تلك الفيديوهات ستكون ورقة ضغط على الجيش لسداد مستحقاتهم المتأخرة والتي تصل إلى ملايين الجنيهات، وهو ما ظهر في تصريح رئيس الوزراء بضرورة دفع مستحقات المقاولين أولاً بأول.

من يقف وراءه.. شكوك بأن مؤسسة كبيرة بالدولة المصرية تحرضه

أثيرت شكوك من قبل الكثيرين بأن هناك من يقف وراء محمد علي من داخل النظام أو على الأقل ساعده بشكل أو بآخر.

وتوجهت هذه الشكوك نحو جهاز المخابرات العامة الذي فقد كثيراً من نفوذه خلال السنوات الماضية.

أثيرت شكوك من قبل الكثيرين بأن هناك من يقف وراء محمد علي من داخل النظام أو على الأقل ساعده بشكل أو بآخر.

وتوجهت هذه الشكوك نحو جهاز المخابرات العامة الذي فقد كثيراً من نفوذه خلال السنوات الماضية.

ويرى محمد حسني مدير مركز مدارك لدراسات العمران أن فيديوهات محمد علي قد يكون وراءها صراع بين المخابرات والجيش جراء حرمان المؤسسة العسكرية لأي جهات منافسة مثل المخابرات العامة والشركات التي تنضوي تحت لوائها من كعكعة الأعمال في مصر لاسيما المقاولات.

ويقول: في ضوء هذه القراءة، فإننا نفسر ظاهرة التسريبات، التي انفجرت منذ الثلاثين من يونيو/حزيران، كإحدى نتائج هذه التنافسية وصراع القوى الداخلية للدولة المصرية. أي إن ظاهرة التسريبات عموماً هي إحدى وسائل إدارة هذا الصراع أو التنافس بين مراكز القوى الداخلية. وهنا يبرز الدرس الأهم الذي يجب استيعابه من ظاهرة التسريبات، وهو أن الرأي العام وإمكانية تحريكه وحشده وتجييشه هما أهم أداة تمتلكها أجهزة الدولة المصرية في صراعاتها وتسوية مصالحها. وما التسريب "الحميمي" الأخير لمحافظ الإسماعيلية السابق سوى مثال لذلك. 

لا يمكن استبعاد تأثير التغييرات الإقليمية على الوضع المصري.

لا يمكن استبعاد تأثير التغييرات الإقليمية على الوضع المصري

إذ يبدو أن التحالف العتيد الذي دشن في مواجهة الديمقراطية والإسلاميين والربيع العربي يشهد شقاقاً غير مسبوق بين الإمارات والسعودية في اليمن.

ولا يبدو الموقف المصري واضحاً حتى الآن من هذا الخلاف الذي يبدو واضحاً في الملفين الإيراني واليمني، ولكن في كل الأحوال فإن التحالف بين الأنظمة العربية الثلاثة فقد زخمه، كما يبدو من فشل الجنرال الليبي المتقاعد خليفة حفتر المدعوم من مصر والإمارات في دخول طرابلس.

كما أن السودان خطا تجاه الديمقراطية واتفقت القوى السياسية الثورية على اقتسام السلطة مع العسكريين، وحصار قطر لم يؤت ثماره.

خطة محمد علي لإزاحة السيسي

وأثارت خطة محمد علي لإزاحة السيسي.. تفاعلاً كبيراً على مواقع التواصل الاجتماعي.

وفي دعوته التي أعلنها -من خلال مقطعي فيديو، نشرهما في وقت متأخر مساء الأحد 15 سبتمبر/أيلول 2019، وحظيا بتفاعل كبير- قسّم محمد علي "خطته العملية" إلى مطلبين: أولهما تحرك إلكتروني من خلال دعم وسم #‏كفايه_بقى_ياسيسى، الذي أطلقه لدعوة السيسي للتنحي استجابة لرغبة جماهير المصريين.

وأوضح أن الجزء الثاني من خطته العملية يقوم على الدعوة للنزول إلى الشارع في مختلف محافظات مصر الجمعة المقبل، في حال لم يلتفت السيسي لرفض المصريين له بمواقع التواصل الاجتماعي، لمدة ساعة، لإعلان رفض استمراره في الحكم، مشيراً إلى أنه سيطلب من العالم مراقبة هذا التحرك والحكم عليه.

حلفاء السيسي منشغلون بمشكلاتهم

وبينما أبدى كثير من المغردين استعدادهم للتجاوب مع دعوة محمد علي للنزول إلى الشارع الجمعة المقبل، وتخليهم عن الخوف من أجهزة النظام المصري الأمنية، أبدى آخرون تخوفاتهم من أن يكون هذا التحرك غير مدروس بشكل حقيقي، ولا يسفر عن نتيجة مرضية للغاضبين من "فساد السيسي وأنصاره". 

من جانبه، اعتبر سعيد صادق، المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، أن هناك تأثيرات تراكمية لما يردده "علي" بشأن النظام المصري، لكنها لن تصل حد الثورة؛ لعدم وجود كيانات وآليات بالداخل تساعد على ذلك.

وقال إنه يوجد تفاعل مع مقاطعه المصورة؛ لأنه كسر العديد من التابوهات (المحظورات)، ومنها الحديث عن الرئيس بصفة مباشرة، والجيش الذي لم يجرؤ أحد على الصدام معه.

وتابع أن الناس تتفاعل مع "علي" لكونها محبطة من الإجراءات الحكومية والأوضاع الداخلية التي أفقدت السيسي الكثير من شعبيته.

 واستدرك قائلاً: لكن يوجد نقص في الآليات التي تدعم أي حراك، فلم تتحرك، ولا توجد معارضة تتكلم، على عكس الموجود في غالبية الدول.

واعتبر أن الدعم الغربي للسيسي، وتغييب الثقافة المصرية، وغياب موازين القوى السياسية، يقلل من تأثير فيديوهات مقاطع محمد علي على الأرض.

تحميل المزيد