تعمَّقت مخاوف المستثمرين الإسرائيليين بشأن حقل تمار للغاز الطبيعي في الأيام الأخيرة، وسط مخاوف أمنية بشأن خط الأنابيب المخصص لتوصيل الغاز الإسرائيلي إلى مصر، كما تقول صحيفة Haaretz الإسرائيلية.
في حين ذكرت صحيفة Wall Street Journal، الخميس 12 سبتمبر/أيلول 2019، أن الوضع الأمني المتوتر بشبه جزيرة سيناء في مصر كان سبب تأخّر التوصل إلى اتفاق رئيسي لتيسير تدفّق الصادرات.
ونقلت الصحيفة عن نائب وزير الطاقة الأمريكي، دان برويليت، قوله إنَّ "بعض جوانب البنية التحتية تحتاج إصلاحاً في تلك المنطقة، وهذا جزء من مأزق نقل الغاز، فلا أحد يريد إرسال الأفراد إلى طريق الأذى".
وتوصَّلت شركتا Noble Energy وDelek Drilling إلى اتفاق في بداية عام 2018، يقضي ببيع الغاز من حقلي تمار وليفياثان الإسرائيليين إلى شركة دولفينوس المصرية، ولا تكمن أهمّية الصفقة في قيمتها المادية التي تقدَّر بـ15 مليار دولار فحسب، بل إنها لاقت "ترحيباً" بوصفها "خطوةً نحو توثيق العلاقات التجارية" بين البلدين.
إسرائيل أجَّلت الضخ عدة مرات
ومع ذلك، منذ ذلك الحين تأخرت إسرائيل في إبرام الصفقة. وفي يوم الأحد 15 سبتمبر/أيلول 2019، قالت شركتا Noble Energy وDelek Drilling إنَّ الاتفاقية مع دولفينوس "تمضي إلى الأمام كما ينبغي"، وأشارتا إلى الموافقات التنظيمية الأخيرة من جانبَي إسرائيل ومصر.
وكان من بين الأركان الرئيسية لخطة التصدير قيام الشركتين والشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية (إيغاس) بدفع 518 مليون دولار أمريكي مقابل حصة 39% في شركة غاز شرق المتوسط المصرية، التي تتولّى تشغيل خط أنابيب يمر بين عسقلان ومدينة العريش المصرية، لتوصيل الغاز.
وكان الهدف هو بدء تدفق الغاز عبر شبكة خطوط الأنابيب المحلية الإسرائيلية إلى شركة غاز شرق المتوسط المصرية، ثم إلى الشبكة المصرية المحلية بحلول نهاية هذا العام، على أن يوفّر حقل تمار الكميات الأولية بحصص صغيرة حتى يتم تشغيل حقل ليفياثان الأكبر وتوفير الحصة الكاملة، التي من المتوقع أن تبلغ نحو سبعة مليارات متر مكعب سنوياً. لكن إتمام صفقة شركة غاز شرق المتوسط قد تأخر مرتين.
ويشار إلى أنَّ تصدير الغاز الطبيعي المصري إلى إسرائيل كان هو الغرض الرئيسي من بناء خط الأنابيب كما تقول هآرتس، ولكن بعد سلسلةٍ من الهجمات التي شُنت عليه، إلى جانب نقص الغاز في مصر، ألغت السلطات المصرية اتفاقية التصدير في عام 2012. وما تزال المخاوف الأمنية قائمة، إذ شنّ المسلّحون حملةً من الهجمات في الأشهر الأخيرة، وزعموا أنَّهم قتلوا نحو 300 شخصٍ في النصف الأول من العام.
وفي الوقت نفسه، قال وزير البترول المصري طارق الملا الأسبوع الماضي، إنَّ بلاده ستتلقى في البداية نحو ملياري متر مكعب من الغاز الإسرائيلي سنوياً، مع زيادة الإمدادات في نهاية المطاف إلى خمسة مليارات متر مكعب. وكانت الكمّيات التي تحدث عنها أقل بكثير من السبعة مليارات متر مكعب التي ذكرتها الاتفاقيات في الأساس.
ومع ذلك، من خلال تأكيد أن صفقة التصدير ما تزال على مسارها الصحيح، وأعطت تصريحات الملا دَفعةً إيجابية لشركة Tamar Petroleum، وهو ما رفع أسهمها في تل أبيب بنسبة 8% الأسبوع الماضي. لكن السهم انخفض بنسبة 50% منذ أن طرحت الشركة -التي تملك حصة 16.5% في حقل تمار- اسمهما للاكتتاب العام. وتراجعت أسهمها بنسبة 1% يوم الأحد إلى (2.65 دولار).
وانخفض سعر سندات Tamar Petroleum بنسبة 7% هذا العام، وهو ما زاد من عائدها بنسبة 7.4%. ويعكس ارتفاع العوائد حالة القلق بشأن قدرة الشركة على سداد ديونها من السندات التي تبلغ قيمتها (1.13 مليار دولار أمريكي).
انخفاض في مبيعات حقل تمار
وتُعَدُّ الصادرات المصرية بالغة الأهمّية؛ بالنظر إلى أنَّ المنافسة المتزايدة في السوق الإسرائيلية قد تضررت من جراء مبيعات حقل تمار، إذ خسر 850 مليون دولار في المبيعات المقدّمة إلى شركة Israel Electric Corporation، كما أن عقده مع شركة المرافق يقضي بخفض الأسعار بنسبة 25% في عام 2021. وتنازل حقل تمار أيضاً عن الأعمال التجارية مع شركة Israel Chemicals لحقلي ليفياثان وكاريش للغاز، وهو نفسه ما جرى مع عملاء آخرين مثل مجموعة تكرير البترول Oil Refineries Ltd، وشركة Paz Oil، ومحطات الطاقة الكهربائية الخاصة.
وأخيراً، من المتوقع أن تنخفض مبيعات Tamar Petroleum من 10.3 مليار متر مكعب إلى 6.3 مليار متر مكعب في عام 2020، وأن تبلغ خمسة مليارات متر مكعب في العام التالي. وما يزيد الأمر سوءاً، ما يسمى ضريبة الأرباح غير المتوقعة في العام المقبل، والتي أقرّتها لجنة شيشينسكي، في حين تراجعت أسعار الغاز الطبيعي بجميع أنحاء العالم.
وتتعامل شركة Delek Drilling، التي لديها حصص في حقلي تمار وليفياثان، مع مخاوف المستثمرين، إذ انخفضت سنداتها بنسبة 5.5% هذا العام، وهو ما رفع عائداتها إلى 7%.
شكوك إسرائيلية
وقال مصدرٌ في الصناعة الإسرائيلية إنَّ أرقام الملا، الأقل مما ورد في الاتفاقية، ترجع إلى الشك في قدرة خط الأنابيب المصري على جلب واردات الغاز كافةً الآتية من إسرائيل. وقالت شركة Noble إنَّ الشبكة المحلية الإسرائيلية يمكنها معالجة ما بين أربعة إلى 4.5 مليون متر مكعب سنوياً، لكن شركة خطوط الغاز الطبيعي الإسرائيلية لم تؤكد ذلك قطّ.
ويشار أيضاً إلى أنَّ مصر لم توضّح بعدُ ما إذا كانت ستُنهي ضخ صادرات الغاز إلى الأردن عبر خط الأنابيب نفسه المخصص لصادرات الغاز الإسرائيلية إلى مصر؛ ففي لقاءٍ مع نظيره الأردني الأسبوع الماضي، تحدَّث الملا عن تعميق العلاقات بين البلدين في مجالات الطاقة.