كان الشباب هم كلمة السر الذين قلبوا الطاولة في الانتخابات الرئاسية التونسية التي أقيمت جولتها الأولى يوم 15 سبتمبر/أيلول 2019، بعد أن ساهموا في وصول قيس سعيد ونبيل القروي إلى جولة الإعادة على حساب القوة الحزبية التقليدية.
وكان "عربي بوست" قد نشر تقريراً يوم 14 سبتمبر/أيلول بعنوان "مفاجآت محتملة في الانتخابات التونسية.. المصوّتون الشباب قد يقلبون الطاولة"، تحدث عن وجود اتجاه لـ "التصويت العقابي" تجاه القوى السياسية التقليدية التي لم تصل لتطلعات الشعب التونسي عامة والشباب خاصة خلال السنوات الماضية منذ الثورة التونسية في 2010.
ووفق النتائج التقديرية غير الرسمية، تقدم قيس سعيد المرشح المستقل بـ 19.50% من الأصوات. وجاء نبيل القروي رئيس حزب "قلب تونس" في المرتبة الثانية 15.5%، وعبدالفتاح مورو مرشح حركة النهضة في المرتبة الثالثة 11%.
وجاء المرشح المستقل (وزير الدفاع) عبدالكريم الزبيدي في المرتبة الرابعة بـ 9.4%، وحل يوسف الشاهد (رئيس الحكومة الحالي) في المرتبة الخامسة بـ 7.5%، وجاء الصافي سعيد بـ 7.5% في المرتبة السادسة.
صعود الشعبويين على حساب القوى التقليدية
بعد الثورة تشارك كل من حزب النهضة وحزب نداء تونس السلطة منذ المجلس التأسيسي مروراً بالانتخابات التشريعية والرئاسية عام 2014. لكن المياه تحركت بقوة تحت جسور هذه المنظومة الحزبية منذ 2014 وحتى اليوم.
اتضح هذا من خلال تشظي المشهد السياسي، لاسيما حزب نداء تونس الذي كان يتزعمه الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي وانقساماته، والاتهامات بالفساد بين أعضائه، واشتراك حركة النهضة في المنظومة الحاكمة، وهو ما جعل الشارع التونسي مستاءً من عدم تحسّن الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي كان ينادي بها في الثورة.
لذلك، بدأ صعود نجم قوى وشخصيات توصف بالشعبوية، بعضها غير منتمٍ حزبياً، لكنه يحظى بثقة كبيرة في الشارع التونسي. هذه الثقة مردّها إلى عدم ممارسة السلطة.
هذا الأمر خلق "توجهاً انتخابياً عقابياً" ضدّ المنظومة الحاكمة ورموزها وأحزابها، اتضح في عديد استطلاعات الرأي قبل الانتخابات، قبل أن يترجم حرفياً في الانتخابات التي شهدت تقدماً مفاجئاً لكل من قيس سعيد، ونبيل القروي، وفقاً لنتائج غير رسمية تقديرية لوكالة سيغما كونساي لسبر الآراء.
ووفق النتائج التقديرية، تقدم قيس سعيد المرشح المستقل بـ 19.50% من الأصوات. وجاء نبيل القروي رئيس حزب "قلب تونس" في المرتبة الثانية 15.5%، وعبدالفتاح مورو مرشح حركة النهضة في المرتبة الثالثة 11%.
وجاء المرشح المستقل (وزير الدفاع) عبدالكريم الزبيدي في المرتبة الرابعة بـ 9.4%، وحل يوسف الشاهد (رئيس الحكومة الحالي) في المرتبة الخامسة بـ 7.5%، وجاء الصافي سعيد بـ 7.5% في المرتبة السادسة.
الشباب الجدد كانوا كلمة السر
من أبرز المعطيات التي لعبت دوراً هاماً هو يتعلق بتسجيل قرابة المليون ونصف ناخب جديد في قائمة من يحقّ لهم الاقتراع. معظم هؤلاء الناخبون الجدد هم من الشباب الذين وصلوا للسن القانونية التي تتيح لهم التصويت.
هؤلاء الشباب عاشوا التعثرات الاقتصادية والاجتماعية لفترة ما بعد الثورة، وكانوا معاصرين لـ "الأداء غير المقنع للطبقة السياسية الكلاسيكية سلطة ومعارضة".
يمثل هؤلاء حوالي خمس كتلة الناخبين، فضلاً عن كون توجهاتهم الانتخابية مازالت لم تتوضح بعد، وفي أغلبيتها من فئة الشباب التي عادة ما يكون تصويتها عاطفي وحماسي بحثاً عن التغيير.
وطبقاً للنتائج التقديرية لوكالة سيغما كونساي، فقد حصل المرشح المستقل قيس سعيد على نسبة 37% من أصوات الشباب بين عمري 18 و25 سنة. وحصل المرشح صافي سعيد على 11%، و8.7% لنبيل القروي، و6.1% لعبدالفتاح مورو، و5.4% لرئيس الوزراء يوسف الشاهد.
توجهات عقابية
وكان المدير السابق للمعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية، طارق الكحلاوي، ذكر في تصريح لـ "عربي بوست" أن المؤشرات الأساسية توضح أن اتجاهاً مهماً بين الناخبين يذهب نحو "معاقبة الطبقة السياسية السائدة" وبروز شخصيات غير معروفة عموماً.
وأضاف: "ربما نكون على أعتاب زلزال حقيقي يوم الأحد، سيكون له أثر جدي على مجمل المشهد السياسي"، وهو ما حدث بالفعل.
الكاتب الصحفي والمحلّل السياسي إبراهيم الوسلاتي، وهو مدير سابق للمرصد الوطني للشباب، يقول في تصريح لـ "عربي بوست" حول إمكانية بروز حصان أسود في هذا السباق الانتخابي الرئاسي، إن المفاجأة الكبرى قد تأتي من المترشح نبيل القروي، رئيس حزب قلب تونس المتواجد في السجن منذ 23 أغسطس/آب الماضي، إثر صدور بطاقة إيداع ضده بتهمة تبييض الأموال والتهرب الضريبي.
فالقروي الذي لم يتمكن من القيام بحملته الانتخابية، اعتبره البعض وخاصة حزبه "سجيناً سياسياً"، وهو ما أكسبه تعاطفاً من طرف عدة أطراف في الداخل والخارج ولدى عديد المواطنين، خاصة في الجهات التي سبق له أن زارها عندما كان يترأس الجمعية الخيرية "خليل تونس".
وأضاف: "لا يمكن استبعاد مرور القروي إلى الدور الثاني بالرغم من رفض القضاء إطلاق سراحه".
وأوضح الوسلاتي أن المترشح الثاني الذي قد يحدث المفاجأة هو قيس سعيد، أستاذ القانون الدستوري في الجامعة التونسية الذي لا سند حزبي له، وبالرغم من قلة إمكانياته المادية فقد توصل إلى إقناع العديد بأطروحاته القريبة من الإسلاميين المحافظين، ويعتبر من طرف مناصريه "الرجل النظيف".
إلى هنا كانت التوقعات صحيحة بشكل مفاجئ.