بعد إقالة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لجون بولتون مستشار الأمن القومي الشهير بعرّاب الحروب، ظهرت تقارير كثيرة تتحدث عن المرشحين المحتملين لخلافته، فمن هم الخمسة الأقرب لتولي المنصب الحساس؟ وما أفضلية كل واحد منهم التي قد تجعله المفضل لساكن البيت الأبيض؟
بومبيو خارج الترشيحات
بعد ساعات من الإعلان عن قرار إقالة بولتون، ظهرت تقارير إعلامية ترجح أن يسند ترامب لوزير خارجيته مايك بومبيو مهام مستشار الأمن القومي، على غرار ما قام به واحد من أشهر وزراء الخارجية الأمريكية وهو كيسنغر.
لكن ترامب أنهى تلك التكهنات بقوله إن بومبيو يقوم بعمل ممتاز كوزير للخارجية، لكنه لن يسند إليه مهام منصب مستشار الأمن القومي.
وقال ترامب، الأربعاء 11 سبتمبر/أيلول، إن بديل بولتون سيتم الإعلان عنه الأسبوع المقبل، مضيفاً أن هناك على الأقل خمسة أشخاص مهتمون بالحصول على الوظيفة، واصفاً إياهم بأنهم "أشخاص مؤهلون جداً وجيدون جداً وعرفتهم على الأقل خلال الأعوام الثلاثة الماضية".
صحيح أن ترامب لم يسمِّ أحداً بشكل علني، ولكن بحسب طبيعة الأمور في العاصمة واشنطن، هناك بالفعل تكهنات حول من يكون هؤلاء الخمسة، بحسب تقرير لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية اليوم الجمعة 13 سبتمبر/أيلول.
ستيفن بيغون
كان بيغون يعمل نائباً لرئيس مؤسسة فورد للعلاقات الدولية قبل أن يرشحه بومبيو للالتحاق بوزارة الخارجية في أغسطس/آب من العام الماضي كمبعوث رئيسي لكوريا الشمالية، ومنذ اللحظة الأولى كانت آراؤه مختلفة تماماً عن آراء بولتون حول الدخول في مفاوضات بشأن الأوضاع في شبه الجزيرة الكورية.
بيغون يرى أن استعمال الحوافز الدبلوماسية لحثّ كوريا الشمالية على تفكيك منشآتها لتخصيب البلوتونيوم واليورانيوم هي الخطة الأفضل، بينما بولتون كان معارضاً شرساً لذلك المسار مفضلاً عليه استعمال سياسة الضغط القصوى.
ولافت هنا أن ترامب قال، الأربعاء، إن أفكار بولتون حول كيفية التعامل مع كوريا الشمالية كانت أحد الأسباب وراء فقدانه لوظيفته.
بيغون أيضاً يتمتع بخبرة سابقة في مجلس الأمن القومي، حيث عمل أثناء إدارة الرئيس جورج بوش الابن كمدير تنفيذي لمجلس الأمن القومي، وأيضاً كأحد المسؤولين الكبار في فريق عمل كوندوليزا رايس مستشارة الأمن القومي وقتها، كما عمل مستشاراً للأمن القومي للسيناتور الجمهوري بيل فريست قائد الأغلبية السابق في مجلس الشيوخ.
لكن ربما تكون الصفة الأهم لدى بيغون هو قدرته على شرح قضايا السياسة الخارجية الهامة للمسؤولين ذوي الخبرة المحدودة في تلك المساحة، فكان مسؤولاً عن إطلاع سارة بيلين، المرشحة لمنصب نائب الرئيس مع جون ماكين المرشح الرئاسي عام 2008، على قضايا السياسة الخارجية أثناء الحملة الانتخابية.
برايان هوك
المبعوث الأمريكي الخاص بشأن إيران، وقبل عمله مبعوثاً لإيران، كان هوك مديراً للتخطيط السياسي في وزارة الخارجية، كما عمل أيضاً تحت إدارة جورج بوش الابن وقضى فترتي أوباما في البيت الأبيض كمدير لشركة استشارات خاصة.
بشكل عام اعتبرت إيران أن إقالة بولتون انتصاراً لها، وقال الرئيس حسن روحاني في كلمة عبر التلفزيون الإيراني: "على الأمريكيين أن يدركوا أن إثارة الحروب ومثيري الحروب لا يعملون لصالحها، وليس عليهم فقط أن يتخلوا عن إثارة الحروب، بل أن يتخلوا عن سياسة الضغط القصوى التي يتبعونها".
ما الرسالة التي ستصل طهران إذاً حال تعيين هوك كبديل لبولتون؟ ربما لا يكون هوك "صقراً" بنفس قدر عرّاب الحروب المقال، لكن المبعوث الخاص لإيران قال الأسبوع الماضي إن المزيد من العقوبات على إيران في الطريق، وأضاف أن وزارة الخارجية "لا يمكنها أن تكون أكثر وضوحاً في أننا ملتزمون بحملة الضغط الأقصى".
الإدارة الأمريكية فرضت بالفعل عقوبات على عدد من الشركات والأفراد وناقلات يقولون إنها على علاقة بشبكة الحرس الثوري الإيراني التي تنتهك العقوبات الأمريكية عن طريق شحن النفط الإيراني إلى سوريا، وبحسب تقرير لـ "الفايننشيال تايمز" تواصل هوك شخصياً مع القبطان الهندي للشاحنة أدريان داريا وعرض عليه ملايين الدولارات كي يغير مسار الناقلة إلى ميناء يمكن لواشنطن أن تحتجزها فيه، وبعد أربعة أيام فرضت واشنطن عقوبات على الناقلة نفسها.
وقد وصف وزير خارجية إيران عرض هوك بأنه "ابتزاز صريح"، واعترفت الخارجية الأمريكية بعدها بأنها "أجرت اتصالات مكثفة بالفعل مع عدد من قباطنة السفن"، بحسب تقرير لـ "الغارديان" البريطانية.
دوغلاس ماكريغور
كولونيل متقاعد ومعلق سياسي محافظ ومدافع عن ترامب بصورة دائمة ويظهر كثيراً على شاشة قناة فوكس وعام 2018 في برنامج "تاكر كارلسون الليلة" وهو أحد برامج ترامب المفضلة، قال ماكريغور إنه أمر جيد "أن الرئيس لا يستمع كثيراً لنصائح مستشاريه"، مرجعاً الفضل في أي تقدم في العلاقات الدولية لواشنطن إلى القرارات التي يتخذها ترامب بشكل شخصي.
وقال وقتها: "ليحفظ الرب الرئيس! إنه لا يستمع لهؤلاء الناس!"، الآن هو نفسه مرشح لأن يصبح واحداً من مستشاري الرئيس، وقد ألّف خمسة كتب عن الاستراتيجية العسكرية وحال اختاره ترامب مستشاراً للأمن القومي ستكون آراؤه أقل عدوانية من بولتون بالتأكيد.
في نفس البرنامج، قال ماكريغور إن أي "شخص يُهدد الولايات المتحدة وترامب موجود في البيت الأبيض عليه أن يبحث عن مساعدة نفسية"، مضيفاً: "إنهم مجانين لأن دونالد ترامب يعني ما يقول وسوف يحارب دفاعاً عن الولايات المتحدة".
وبحسب تقرير سابق لواشنطن بوست، أجرى ماكريغور اتصالاً بميك مولفيني القائم بأعمال رئيس هيئة الموظفين بالبيت الأبيض بشأن أن يكون له (لماكريغور) دور ما في إدارة ترامب.
ريتشارد غرينيل
السفير الأمريكي في برلين، وبعد تأكيد الحساب الرسمي للسفارة عن وصوله بساعة واحدة، غرّد غرينيل قائلاً: "على الشركات الألمانية التي لها أنشطة تجارية في إيران أن تنهي عملياتها هناك فوراً"! وأثارت تلك التعليقات عاصفة من الغضب في برلين وتم اعتبارها كأمر غير مهذب من دبلوماسي أجنبي، لكن غرينيل واصل إغضاب السياسيين الألمان حتى أن وولفغانغ كوبيكي أبرز نواب المعارضة قال في مارس/آذار الماضي أن السفير الأمريكي يتصرف كأنه "المندوب السامي لسلطة محتلة".
وعبرت ميركل بأسلوب أقل حدة عن الانزعاج من أسلوب غرينيل في لقائها مع مايك بنس نائب ترامب في وقت سابق من العام الحالي، بحسب تقرير لـ "وول ستريت جورنال".
غرينيل حليف لبولتون واشتبك مع بومبيو كما عمل لفترة قصيرة كمتحدث باسم حملة المرشح الرئاسي ميت رومني عام 2012.
لكن ربما تكون النقطة الأبرز في صالحه هي كونه زبوناً دائماً في فنادق ترامب الفاخرة، بحسب ملفات نزلاء فندق ترامب في واشنطن التي تظهر غرينيل "كنزيل مهم جداً" وحاصل على "البطاقة الذهبية" لبرنامج الزبائن المخلصين وهي بطاقات نادرة الإصدار، حيث إن السجلات تظهر أكثر من 1100 حجز لزبائن مهمين جداً، بينهم 10 فقط حاصلين على "البطاقة الذهبية"، منهم كيلي كرافت التي عيّنها ترامب مؤخراً كسفيرة واشنطن للأمم المتحدة.
روبرت أوبرايان
يعمل أوبرايان مبعوثاً رئاسياً خاصاً بشؤون الرهائن، وفي وقت سابق من العام الحالي غرّد ترامب مستشهداً بجملة أن شخص ما وصفه (أي وصف ترامب) بأنه "أعظم مفاوض رهائن أعرفه في تاريخ الولايات المتحدة". لم يقل ترامب من الذي وصفه لكن سكرتيرة الإعلام في البيت الأبيض وقتها سارة ساندرز قالت إنه غالباً يقصد أوبرايان.
وكان أوبرايان قال في وقت سابق إن ترامب "ناجح بصورة غير مسبوقة" في إعادة الرهائن للوطن.
وقبل عمله كمتخصص في الرهائن، ساعد أوبرايان وزارة العدل في مبادرتها الإصلاحية في أفغانستان حيث أشرف على تدريب القضاة والمحامين هناك، وهو مؤسس ومدير شركة محاماة في لوس أنجلوس.
أما في أوروبا فلا يتمتع أوبرايان بسُمعة جيدة، بعد زيارته مؤخراً الستوكهولم حيث كانت تتم محاكمة مغنٍّ أمريكي يدعي أساب روكي واثنين من زملائه بتهمة الاعتداء في السويد. فكرة ظهور مبعوث ترامب للرهائن في بلد حليف قبل محاكمة من هذا النوع أثارت السخرية والغضب.
وبعد أن أطلقت محكمة سويدية سراح المتهمين، قبل أن يصدر الحكم عليهم لاحقاً بعد ثبوت أنهم مذنبين، اعتبر أوبرايان أن قرار المحكمة يعتبر "ليلة جيدة جداً للولايات المتحدة ولمملكة السويد".
أثارت تصريحات أوبرايان معارضة غاضبة في السويد واعتبروا أن محاولات ترامب للتأثير على استقلال القضاء السويدي يعكس عدم احترام الرئيس للقوانين وجهله بشؤون حلفائه الأجانب، أما ترامب فقد علق بأن أوبرايان كان سعيداً للغاية بعد إطلاق سراح روكي.