ديمقراطيتها «عاجزة».. اقتربت الانتخابات، لكن إسرائيل وضعت قيوداً تمنع ملايين الفلسطينيين من التصويت

عربي بوست
تم النشر: 2019/09/06 الساعة 10:03 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/09/06 الساعة 10:03 بتوقيت غرينتش
نائب عربي إسرائيلي يوبخ مسؤولين إماراتيين شاركوا في جلسة للكنيست الإسرائيلي/ رويترز


محرومون من التصويت على حكومة تتحكم فيهم.. ديمقراطية إسرائيل "العاجزة" تحرم ملايين الفلسطينيين من الانتخاب

فيما تتهيَّأ إسرائيل لتنظيم انتخاباتها الثانية في غضون عام، نشرت منظمة العفو الدولية تقريراً جديداً يُسلِّط الضوء على ما يصفه بـ "التهديدات المتزايدة" لـ "حرية تعبير" النواب الفلسطينيين بالكنيست الإسرائيلي.

صدر التقرير الذي جاء بعنوان "مُنتخَبون لكن مُقيَّدون: تضييق المجال أمام البرلمانيين الفلسطينيين في الكنيست الإسرائيلي" قبل أسبوعين من توجُّه الإسرائيليين إلى صناديق الاقتراع يوم 17 سبتمبر/أيلول الجاري، ويُمثِّل ملخصاً صارِخاً لما تصفه منظمة العفو الدولية بأنَّه "تضييقٌ للمجال" أمام المنتقدين، و "ترسيخٌ" للتمييز.

تقرير  لموقع Middle East Eye البريطاني أشار إلى أن من بين بواعث القلق الرئيسية للمنظمة الاستخدام "التمييزي" للوائح والقوانين التي تُقوِّض قدرة الفلسطينيين المنتخبين في الكنيست على تمثيل ناخبيهم.

نبذ المعارضة السياسية

هناك العديد من الأمثلة التي تكشف حجم القيود التي وُضعت لتحيجم المشرِّعين العرب داخل الكنيست، من بينها:

  • يتمثَّل أحد الأمثلة المذكورة في تعديلٍ تشريعي عام 2016 يسمح للكنيست بـ "طرد أعضاء منتخبين في الكنيست بأغلبية أصوات زملائهم البرلمانيين"، وبالتالي تمكين "الأغلبية السياسية من طرد عضو كنيست منتخب" بسبب التعبير عن آراء سياسية قد تُعتَبَر غير مقبولة، حتى عندما لا تكون تلك الآراء "موضوعاً لأية إجراءات جنائية أو قضائية أخرى".

وتقول المنظمة إنَّ "أنظمة ولوائح الكنيست، التي وُضِعَت يُفتَرَض أنَّها وُضِعَت لفرض الممارسات الأخلاقية بين أعضاء الكنيست، قد استُخدِمَت لتقييد الحق في حرية التعبير، مما يؤثر على أعضاء الكنيست الفلسطينيين بشكل ينطوي على التمييز ضدهم".

  •  وسلطت المنظمة الضوء على تعديلٍ في عام 2018 يسمح "برفض إعطاء العضو إذناً بالسفر إلى الخارج إذا كانت الرحلة مُموَّلة من قِبل جهة تدعو إلى مقاطعة إسرائيل".  

وبالنظر إلى التقرير ككل، فإنَّه يُقوِّض النقاط المماثلة التي تتشدَّق بها الحكومة الإسرائيلية، بما في ذلك الادعاء المتكرر كثيراً بأنَّ مجرد وجود "العرب الإسرائيليين" دليلٌ على وجود ما يُفتَرَض أنَّها ديمقراطية نابضة بالحياة.

تقول المنظمة إنَّ "مسؤولين حكوميين إسرائيليين كباراً" وجَّهوا "بيانات تحريضية" للمُشرِّعين الفلسطينيين "تهدف إلى ما يبدو إلى نزع شرعيتهم وشرعية عملهم".

حتى الأدوات الرقابية للمشرِّعين العرب تم تعطيلها

  • بالإضافة إلى هذا الخطاب، استُبعِدَت مشروعات القوانين المُقدَّمة من نواب الكنيست الفلسطينيين لأسباب سياسية. فتقول المنظمة إنَّه منذ العام 2011، "أبطل الكنيست أربعة مشروعات قوانين تتعلق بحقوق الفلسطينيين أو طموحاتهم السياسية".

تتضمَّن مشروعات القوانين هذه مشروع قانون تقدَّم به أعضاء الكنيست الفلسطينيون عام 2018، تضمَّن تعريفاً لإسرائيل باعتبارها "دولة لكل مواطنيها"، لكنَّه مُنِع من "الطرح للمناقشة البرلمانية" بحجة أنَّ "من شأنه أن ينفي تعريف إسرائيل كدولة يهودية".

وأضاف التقرير: "وبحسب تقدير منظمة العفو الدولية، فإنَّ القرار شكَّل تمييزاً ضد أعضاء الكنيست الفلسطينيين على ما يبدو على أساس أصلهم القومي أو العِرقي".

معاناة المشرِّعين العرب تجعل البعض ينظر للمشاركة على أنها عقيمة

يُعَد صدور هذا التقرير قُبيل الانتخابات التي تجري في وقتٍ لاحق من هذا الشهر تذكيراً بأوجه المعاناة التي يواجهها نواب الكنيست الفلسطينيون، وهي قيود تُعَد بالنسبة لبعض المواطنين الفلسطينيين شاقة بما يكفي لجعل المشاركة في النظام البرلماني نفسه عقيمةً أو غير مجدية.

ويُمثِّل التقرير الجديد كذلك فرصةً لتقديم رؤية نقدية أوسع لمُقوِّمات إسرائيل الديمقراطية المُفتَرَضة. فبعيداً عن القيود التي تواجه المواطنين الفلسطينيين في الكنيست.

 هناك ثلاثة عوامل رئيسية تُشكِّل العجز في الديمقراطية الإسرائيلية 

  • أولاً، هناك التمييز المؤسسي القائم منذ عام 1948: ومثلما يشير تقرير المنظمة أيضاً، فإنَّ المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل يُشكِّلون نحو 20% من إجمالي السكان، "وشأنهم شأن المواطنين الإسرائيليين الآخرين، يعترف القانون الإسرائيلي بحقهم في المشاركة السياسية والتمثيل السياسي".

مع ذلك، "تُسهِّل التشريعات الإسرائيلية ممارسة التمييز المباشر وغير المباشر ضد الفلسطينيين وغيرهم من المواطنين غير اليهود في العديد من المجالات، ومن بينها المواطنة والأرض والتخطيط والسكن والتعليم والصحة". وهذا بالكاد يشابه الديمقراطية الليبرالية القوية التي يزعم المدافعون عن إسرائيل أنَّها موجودة هناك.

تفاقم هذا التمييز الذي يعود إلى عقود في السنوات الأخيرة، مع "تصعيد السلطات الإسرائيلية خطابها المثير للانقسام ضد الأقليات والمناطق المُهمَّشة"، و "عمدت إلى تهديد المدافعين عن حقوق الإنسان الفلسطينيين والإسرائيليين والتشهير بهم".

  • ثانياً، هنالك مشكلة المستبعدين من التصويت: ففي حين تتغنّى إسرائيل بحقيقة تمكُّن المواطنين الفلسطينيين من التصويت، لن يتمكَّن كثيرون آخرون من الفلسطينيين من التصويت لاحقاً هذا الشهر على الرغم من أنَّ حياتهم تخضع مباشرةً لسيطرة الدولة الإسرائيلية والقرارات التي يتخذها الكنيست.

ويتضمَّن أولئك المُستبعَدين من التصويت الأغلبية العظمى من بين الأكثر من 300 ألف فلسطيني الذين يعيشون في القدس الشرقية المحتلة التي ضُمَّت إلى إسرائيل بصورة غير قانونية ولديهم إقامات دائمة وليس الجنسية.

مع ذلك، يتقزَّم هذا الرقم أمام الخمسة ملايين فلسطيني الذين يعيشون في الأراضي الفلسطينية المحتلة خاضعين لنظامٍ عسكري على مدار العقود الخمسة الماضية. وفي الضفة الغربية، سيشارك المستوطنون الإسرائيليون الذين يعيشون في مستوطنات غير شرعية، فيما لن يشارك الفلسطينيون الذين يعيشن في المناطق المجاورة لهم.

من المهم أيضاً الإشارة إلى ملايين الفلسطينيين المقيمين خارج فلسطين التاريخية، والذين طردتهم السلطات الإسرائيلية من منازلهم عام 1948، وأحفادهم. حرمت القوانين الإسرائيلية هؤلاء من الجنسية، ومنعتهم من العودة، وبالتالي أوجدت الغالبية اليهودية بين مواطني إسرائيل.

  • ثالثاً وأخيراً: يتجلَّى عجز الديمقراطية الإسرائيلية كذلك في الدعم واسع النطاق لتجريد الفلسطينيين من صفة الإنسانية وحرمانهم من حقوقهم في صفوف التيار السياسي الرئيسي في إسرائيل.

وبصرف النظر عن نتيجة الانتخابات، ستنتهك الحكومة القادمة القانون الدولي، مثل كل الحكومات التي سبقتها –بما في ذلك ارتكاب جرائم حرب- وستواصل انتهاك القوانين الفلسطينية الأساسية.

وهذا إجماعٌ إجرامي يتشاطره "تحالف أزرق أبيض" المعارض بنفس القدر تماماً مع حزب الليكود.

بوضع كل هذا معاً –إلى جانب التمييز المؤسسي وحقيقة أنَّ ملايين الفلسطينيين لا يستطيعون التصويت على الحكومة التي تتحكم فيهم- يتذكر المرء مقولة عضو الكنيست أحمد الطيبي بأنَّ إسرائيل "ديمقراطية تجاه اليهود، ويهودية تجاه العرب".

وبالنسبة لأولئك الملتزمين بمبدأ المساواة، فإنَّ مثل هذا التعريف لا يُعبِّر عن ديمقراطية بالطبع.

تحميل المزيد