رغم الهزائم المتتالية التي تعرض لها رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في البرلمان، بعد التصويت على قانون يمنعه من مغادرة الاتحاد البريطاني دون اتفاق كما أقسم مراراً وتكراراً، لا يزال مصمماً على موقفه، فماذا تبقى لديه من أوراق؟
لا يفكر في الاستقالة
جونسون قال اليوم الجمعة، إنه لا يرغب حتى في مجرد التفكير بالاستقالة، وأضاف: "سأذهب إلى بروكسل وسأتوصل إلى اتفاق، وسنضمن خروجنا في 31 أكتوبر/تشرين الأول، هذا ما يتعين علينا القيام به".
وعند سؤاله عما إذا كان سيقدم استقالته إن أخفق في تحقيق ذلك، أجاب: "هذه فرضية لا أرغب حتى في التفكير فيها"، بحسب رويترز.
هل هذا الاحتمال قائم؟
التوصل إلى اتفاق يبدو أمراً مستبعداً، حيث أشار مسؤولو الاتحاد الأوروبي إلى أنهم لم يتلقوا أي مقترحات جديدة من فريق جونسون، وهذا ما عبَّر عنه رئيس وزراء فنلندا أنتي رينه، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي.
"آمل أن نصل إلى وضع يمكن من خلاله حل هذه المسألة، حتى لا تكون هناك فوضى، لكن يبدو أن ذلك غير ممكنٍ الآن"، وأضاف: "لا نعرف ماذا يحصل هناك. يبدو واضحاً للغاية أننا لن نتوصل إلى بريكست باتفاق".
ماذا يمكنه أن يفعل إذن؟
تلقى جونسون، هذا الأسبوع، هزائم متتالية في مجلس العموم (الغرفة الأولى للبرلمان)، حيث خسر، الثلاثاء، الأغلبية البرلمانية عقب "انشقاق" أحد النواب المحافظين، وانضمامه إلى حزب الديمقراطيين الليبراليين.
والأربعاء، وافق المجلس على مشروع قانون يمنع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بلا اتفاق، تلاه رفضه دعوة جونسون إلى إجراء انتخابات مبكرة في 15 أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
واليوم الجمعة 6 سبتمبر/أيلول وافق مجلس اللوردات البريطاني، الجمعة 6 سبتمبر/أيلول 2019، على مشروع قانون يهدف لمنع مغادرة البلاد الاتحاد الأوروبي، الشهر المقبل، دون اتفاق.
وصوت مجلس اللوردات (الغرفة العليا غير المنتخبة من البرلمان) بالموافقة على مشروع القانون الذي مرره بالفعل مجلس العموم المنتخب (الغرفة الأولى للبرلمان). وبمجرد حصوله على تصديق ملكي، سيصبح قانونا خلال أيام.
ويجبر القانون، المدعوم من نواب المعارضة ومتمردي حزب المحافظين، رئيس الوزراء بوريس جونسون، على أن يطلب من الاتحاد الأوروبي تأجيل "بريكست" إذا لم يكن ثمة اتفاق انفصال بحلول 19 أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
وفي هذا السياق، يبدو موقف جونسون الآن أقرب إلى أن "يموت في حفرة" على أن ينجح في تحقيق وعوده بإخراج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي في الموعد المقرر باتفاق أو من دون اتفاق، بعد أن أعلن بنفسه الخميس، أنه "يفضل الموت في حفرة" على أن يطلب من الاتحاد الأوروبي تأجيل بريكست.
ماذا يعني ذلك بالنسبة لـ "بريكست"؟
طبقاً للاتفاق الموقَّع بين الحكومة البريطانية والاتحاد الأوروبي، يُفترض أن 31 أكتوبر/تشرين الأول هو موعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي حتى لو لم يتم التوصل إلى اتفاق، وفي ظل مشروع القانون الذي تم إقراره بمجلس العموم ويُنتظر إقراره اليوم في مجلس اللوردات، سيكون أمام جونسون حتى 17 و18 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، موعد قمة الاتحاد الأوروبي، للتوصل إلى الاتفاق، وهو ما يبدو مستحيلاً.
ومع فشل جونسون في الدعوة إلى انتخابات مبكرة يوم 15 أكتوبر/تشرين الأول، يظل الاحتمال الأقرب إلى الواقع الآن أن يطلب تأجيل المهلة ثلاثة أشهر أخرى حتى 31 يناير/كانون الثاني، يسعى خلالها للتوصل إلى اتفاق جديد مع الاتحاد الأوروبي.
لكن تصريحات جونسون تقول إنه رافض تماماً لفكرة تأجيل بريكست تحت أي ظرف، وربما تكون تلك النقطة هي الهدف السياسي لخصومه، حيث يضغطون عليه كي يضطر إلى الاستقالة في نهاية المطاف، بعد أن يكونوا قد أغلقوا الطريق تماماً أمامه لمغادرة الاتحاد الأوروبي دون اتفاق.
هذه المؤشرات تصبُّ في صالح سيناريو بقاء بريطانيا ضمن الاتحاد الأوروبي بنهاية المهلة الحالية 31 أكتوبر/تشرين الأول، وربما يتم التوافق في النهاية على إجراء استفتاء ثانٍ على بريكست برمتها، كما يتوقع كثير من المراقبين.