كيف وصلت طائرات إسرائيل إلى بغداد؟ حقيقة القصف الغامض الذي استهدف الحشد الشعبي

عربي بوست
تم النشر: 2019/08/22 الساعة 10:27 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/08/22 الساعة 11:58 بتوقيت غرينتش
إسرائيل قصفت أهدافاً في العراق/ رويترز

"أمريكا وإسرائيل تقفان وراء احتراق مخازن  أسلحتنا"، كان هذا التفسير الذي قدمته هيئة الحشد الشعبي الشيعية العراقية للاحتراق الغامض الذي استهدف مخازن أسلحتها.

هيئة الحشد الشعبي وجهت اتهاماً مباشراً لأمريكا وإسرائيل باستهداف معسكراتها ومخازن الأسلحة التابعة لها على الأراضي العراقية.

في المقابل، نفت السفارة الأمريكية لدى بغداد علاقتها باحتراق مخازن الأسلحة الذي وقع خلال الأيام الماضية.

وكان حريق غامض قد اندلع في 20 أغسطس/آب 2019، في معسكر كتائب حزب الله أحد فصائل الحشد الشعبي بالقرب من قاعدة بلد الجوية شمالي العاصمة بغداد، وسط اتهامات من قِبل الحشد الشعبي لأمريكا وإسرائيل بالمسؤولية.

كما  وقع انفجار غامض آخر قبل ذلك بأيام في معسكر الصقر جنوبي بغداد، وألمح مسؤول عراقي سابق إلى أن الأسلحة داخل المعسكر تابعة لإيران، وأن إسرائيل هي من قصفتها.

وفقاً لتقارير إعلامية إسرائيلية وأمريكية قصفت طائرات إسرائيلية من طراز إف-35 العراق مرتين خلال الشهر الماضي (يوليو/تموز).

فما هي الأدلة التي تتوفر لدى الحشد الشعبي على هذه الاتهامات؟ وكيف يتعامل رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي مع هذه الأزمة؟ وهل يستطيع الحشد الشعبي الرد؟ 

ما هو دليل الحشد الشعبي على مسؤولية أمريكا وإسرائيل؟

رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي اكتفى بالصمت وتشكيل لجنة تحقيق بحادثة احتراق مخازن الأسلحة التابعة للفصائل المسلحة العراقية أو ما يسمى بالحشد الشعبي.

وأوضح مصدر في مكتب رئيس الوزراء العراقي لـ "عربي بوست" أن الحكومة العراقية "لا تستطيع إعلان موقفها بشكل رسمي لحين انتهاء لجنة التحقيق التي شكلها رئيس الحكومة".

وأضاف أن الحادثة قد تنتهي بوقوع "ماس كهربائي".

وأوضح المصدر، وهو غير مخول بالتصريح الإعلامي، أن "هناك أدلة سلمت باليد لرئيس الوزراء تثبت تورط دول أجنبية بالوقوف وراء احتراق مقرات ومخازن الأسلحة التابعة للحشد الشعبي".

طائرات بدون طيار حلّقت قبل الحريق

الأدلة تشير إلى تحليق طائرة مسيرة مجهولة الهوية فوق معسكر الصقر جنوبي بغداد، الذي احترق أول أيام عيد الأضحى، قبل دقائق من احتراقه، حسب المصدر.

إلا أنه لم يثبت لدى رئيس الحكومة الذي يعد القائد العام للقوات المسلحة عدائية الطائرة والجهة المسؤولة عنها.

من جانبه،  أكد نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، امتلاك الهيئة أدلة على قيام القوات الأمريكية باستهداف مقرات الحشد بطائرات إسرائيلية مسيرة.

وقال المهندس، في بيان صحفي اطلعت عليه "عربي بوست": "تتوفر لدينا معلومات دقيقة ومؤكدة أن الأمريكيين قاموا هذا العام بإدخال أربع طائرات مسيرة إسرائيلية عن طريق أذربيجان لتعمل ضمن أسطول القوات الأمريكية، وتنفذ طلعات جوية تستهدف مقرات عسكرية عراقية".

وأضاف: "لدينا معلومات أخرى وخرائط وتسجيلات عن جميع أنواع الطائرات الأمريكية ومواعيد إقلاعها وهبوطها بالإضافة لعدد ساعات طيرانها في العراق، حيث قامت مؤخراً باستطلاع مقراتنا بدلاً من تعقب داعش".

وقال: "لقد تضمن ذلك جمع بيانات تخص ألوية الهيئة، مخازن العتاد والسلاح، وقد قمنا بعرض ذلك على الإخوة في العمليات المشتركة والدفاع الجوي".

الأمريكيون يشوشون حتى على طائرات الجيش العراقي

وتابع المهندس أن "الجيش الأمريكي يحاول السيطرة على الأجواء العراقية عن طريق استغلال رخصة الاستطلاع، ومن ضمن ذلك التشويش على أي طيران آخر بما في ذلك الخاص بالجيش العراقي، في حين يسمح لطائرات أمريكية وإسرائيلية بتنفيذ اعتداءات متكررة في العراق، الأمر الذي كشفته بعض مراكز البحوث الأمريكية وتصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي".

ولفت المهندس إلى "وجود مشروع قادم لتصفيات جسدية لعدد من الشخصيات الجهادية والداعمة للحشد الشعبي"، محملاً بالوقت ذاته القوات الأمريكية المسؤولية بشكل كامل عما حدث.

الحشد الشعبي يتوعد بالرد.. ولكن كيف؟ 

وقال: "اعتباراً من هذا اليوم فليس لدينا أي خيار سوى الدفاع  عن النفس وعن مقراتنا باسلحتنا الموجودة حالياً أو تلك الأكثر تطوراً، وقد انتظرنا طوال هذه المدة لحين إكمال جميع تحقيقاتنا بدقة حول الموضوع".

وأضاف نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي، أن "الهيئة أبلغت قيادة العمليات المشتركة بأننا سنعتبر أي طيران أجنبي يحلق فوق مقراتنا دون علم الحكومة العراقية، كطيران معادٍ وسنتعامل معه وفق هذا المنطلق، مستخدمين كل أساليب الردع للحيلولة دون الاعتداء على مقراتنا".

وفي هذا السياق، يقول الناطق الرسمي باسم حركة عصائب أهل الحق محمود الربيعي لـ "عربي بوست"، إن "كلام أبو مهدي المهندس واضح جداً، بأن القوات الأمريكية هي من سمحت بإدخال طائرات إسرائيلية مسيرة إلى العراق، قامت بتنفيذ هجماتها على معسكرات ومخازن الحشد الشعبي والقوات الأمنية العراقية".

ويضيف أن "الحشد الشعبي هي قوات نظامية لا تتحرك إلا بأمر القائد العام للقوات المسلحة، ورئيس الوزراء عادل عبدالمهدي رجل حكيم ويعرف كيف سيتصرف وسيتحذ موقفاً في الفترة المقبلة، خصوصاً بعد حظر الطيران فوق الأجواء العراقية وحصر الموافقة به".

وبشأن موقف الحشد من الهجمات، لفت الربيعي إلى أن "تحالفي الفتح وسائرون يعتبران ممثلي الحشد في البرلمان العراقي وهما رافضان للتواجد الأمريكي على الأراضي العراقية، وسيتحركان سياسياً لعقد جلسة واتخاذ موقف من خرق الأجواء العراقية والتواجد الأمريكي في البلاد".

والاختراق مستمر رغم منع تحليق الطائرات إلا بموافقة رئيس الحكومة

من جهته، يقول النائب في البرلمان العراقي عن الحشد الشعبي عبدالأمير نجم لـ "عربي بوست"، إن "الطيران الأمريكي والإسرائيلي والأجنبي مستمر باختراق الأجواء العراقية، على الرغم من القرار المفاجئ لرئيس الوزراء عادل عبدالمهدي بحظر خرق الأجواء العراقية.

 وأضاف أن "أمريكا وإسرائيل هما المتهمان الرئيسيان بقصف مقرات ومخازن الحشد الشعبي".

ميليشيات الحشد الشعبي في العراق/ رويترز

ولفت نجم إلى أن "قرار عبدالمهدي بحظر الطيران وحصر الموافقة به شخصياً، دليل واضح على علمه باختراق الأجواء من قبل الطيران الأمريكي والإسرائيلي، بالإضافة إلى قصف واستهداف مواقع ومعسكرات ومخازن الحشد الشعبي والقوات الأمنية العراقية".

وكشف مسؤول في الحشد الشعبي لـ "عربي بوست"، أن "المعلومات المتوفرة لدى هيئة الحشد والتي أشار إليها أبومهدي المهندس، تفيد بأن طائرات مسيرة أمريكية وإسرائيلية قامت في الآونة الأخيرة بإجراء استطلاع ميداني عام على مقرات ومواقع ومعسكرات ومخازن الحشد تمهيداً لقصفها".

لا تغادر الأجواء العراقية، وليست المرة الأولى

وقال المسؤول غير المخول بالتصريح، إن "الطائرات الأمريكية والإسرائيلية لم تغادر الأجواء العراقية، ومستمرة بالطيران على مدار أربع وعشرين ساعة، وتنتظر الأوامر فقط لتنفيذ ضربات واستهداف مقرات الحشد الشعبي".

ولفت المسؤول إلى أن "الطيران الأمريكي والإسرائيلي نفذ خلال سنتين أكثر من خمس هجمات استهدفت مقرات ومخازن أسلحة الحشد الشعبي، منها معسكر الصقر جنوبي العاصمة بغداد، ومعسكر قرب قاعدة بلد الجوية جنوبي صلاح الدين، ومعسكر في تلعفر بمحافظة نينوى، ومعسكر بالقرب من مصفى بيجي، ومعسكر في محافظة الأنبار. وقد يستهدف معسكرات أخرى في صلاح الدين وديالى والموصل في الفترة المقبلة".

وكان حريق اندلع في 20 أغسطس/آب 2019، في معسكر كتائب حزب الله أحد فصائل الحشد الشعبي بالقرب من قاعدة بلد الجوية شمالي العاصمة بغداد.

عبدالمهدي يطالب بوقف هجمات إسرائيل 

مصدر مقرب من السفارة الأمريكية في بغداد ذكر لـ "عربي بوست"، أن رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي طلب من السفير الأمريكي ماثيو تولر "التدخل لمنع إسرائيل من تحليق طائراتها المسيرة فوق الأجواء العراقية"، لأن هذا قد يتسبب في توتر الأوضاع وزعزعة أمن واستقرار العراق، على حد وصفه.

وأضاف المصدر أن هناك "حالة إنذار" لدى موظفي السفارة الأمريكية في بغداد، تخوفاً من رد فعل الفصائل المسلحة الموالية لإيران، بعد احتراق مخازن الأسلحة، واتهام الولايات المتحدة وإسرائيل بالوقوف وراء هذه الحرائق.

ولفت المصدر إلى أن الفصائل المسلحة العراقية لن تسكت، وستحاول استهداف مبنى السفارة أو القنصليات والملحقات الأمريكية والأجنبية في العراق كرد فعل على احتراق مخازن الأسلحة التابعة للحشد الشعبي.

 

تحميل المزيد