هل تطرد ملكة بريطانيا إليزابيث بوريس جونسون من رئاسة الحكومة؟ ، بات هذا السؤال يتردد في أوساط الخبراء الدستوريين البريطانيين، الذين انقسموا حول إجابته.
فقد شهد النقاش الدائر حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون التوصُّل إلى اتفاق الحديث عن صلاحيات الملكة وماذا ستفعل إذا رفض جونسون الاستقالة، إذ خسر جونسون تصويتاً على سحب الثقة، حسب ما ورد في تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.
هل تطرد ملكة بريطانيا بوريس جونسون من رئاسة الحكومة؟
الخبراء الدستوريون منقسمون حول ما إذا كان بإمكان الملكة التدخُّل لإقالة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون وتكليف رئيس وزراء جديد بتشكيل حكومةٍ أخرى إذ خسر جونسون تصويتاً على سحب الثقة، وتحديد موعدٍ لإجراء انتخابات بعد 31 أكتوبر/تشرين الأول المقبل الذي سيشهد نهاية مهلة التوصُّل إلى اتفاق بشأن الخروج من الاتحاد الأوروبي.
إذ قال روبرت هازل أستاذ العلوم السياسية والدستور في كلية لندن الجامعية: "الإجابة القصيرة: يمكن للملكة أن تُقيل بوريس جونسون إذا خسر تصويتاً على سحب الثقة ورفض الاستقالة.. لكنَّها لن تفعل ذلك إلَّا إذا أشار مجلس العموم بوضوحٍ إلى الشخص الذي يجب تعيينه رئيساً للوزراء بدلاً منه".
وبموجب قانون البرلمانات ذات المدة المحددة الذي أقِرَّ في عام 2011، هناك مُهلةٌ قدرها 14 يوماً فقط لإيجاد حكومةٍ بديلة قادرة على نيل ثقة مجلس العموم إذا خسرت الحكومة تصويتاً على سحب الثقة. ثم تُعقَد أي انتخاباتٍ بعد 25 يوم عمل من حلِّ البرلمان.
وفي تلك الأيام الـ14، يمكن أن يحاول البرلمان الاتفاق على مرشح واحد لتقديمه إلى الملكة. "وحينئذ، ستكون الملكة قادرة، وستشعر بالقدرة، على إقالة جونسون إذا لم يكن راغباً في الاستقالة بنفسه، وتعيين ذلك الشخص الجديد رئيساً للوزراء"، حسبما ذكر هازل.
وأضاف: "ولكن إذا أقر المجلس هذا القرار، فأتوقع أن يُقدِّم جونسون استقالته بنفسه، ويوصي الملكة بتعيين الشخص الجديد رئيساً للوزراء، لأنَّه يعلم أنَّه إذا لم يفعل ذلك، أي إذا لم يفعل الشيء الصحيح، فستطرده (الملكة)".
لماذا قد تضطر الملكة لإقالته؟
وعلى الجانب الآخر، قال فيرنون بوغدانور، أستاذ العلوم السياسية في كلية كينغز بلندن، إنَّه لا يرى أي ظروف تُرجِّح إقالة جونسون على يد الملكة.
إذ ينص قانون البرلمانات ذات المدة المحددة كذلك على أنَّ الحل يجب ألَّا يأتي مباشرة بعد انتهاء مهلة الـ14 يوماً، وكذلك يجب أن يوصي رئيس الوزراء بتحديد موعد انتخابات مناسب للملكة، ولا يُمكن تحديد تاريخ الحل إلَّا بعد حدوث ذلك.
وفي الواقع، لا يوجد ما يمنع جونسون من محاولة "كسب بعض الوقت". وأضاف بوغدانور أنَّه على الرغم من أن جونسون يمكن اتهامه حينئذٍ بارتكاب تصرفات غير دستورية، لكنَّ ذلك ليس مُحرَّماً من الناحية القانونية، ومن ثَمَّ، لن تتدخل الملكة.
ما هي سلطات الملكة في الظروف القاسية؟
ويمكن للبرلمان تمرير مُقترح يُطالِب جونسون بالاستقالة. لكنَّ الظروف الوحيدة التي يمكن للملكة أن تُقيله فيها هي توافر أدلةٍ قوية في الأيام الـ14 على وجود حكومة بديلة ورئيس وزراء بديل، حسبما ذكر بوغدانور.
وأضاف: "لا يحق للملكة استخدام أي سلطة تقديرية. وطوال فترة حكمها، تتصرَّف بناءً على نصيحة رئيس وزرائها، وقد أثبتت هذه القاعدة أنَّها جيدة. ومن ثَمَّ، فإذا كان البرلمان غير راض عن أي شيء، يتعين عليه اتخاذ الإجراءات ذات الصلة".
وأردف: "تستند سلطات الملكة إلى ميثاقٍ محدد. إذ تتمتع بسلطاتٍ قانونية واسعة النطاق، لكن في النظام الملكي البرلماني، يجب ألَّا تستخدمها إلَّا في الظروف القاسية للغاية، ولا أعتقد أنَّ الظروف الحالية وصلت إلى هذه الدرجة".
وهناك شرط أساسي لكي يمكنها إقالته
وفي السياق نفسه، قال توماس إيسون، باحث الدكتوراه في كلية السياسة والعلاقات الدولية بجامعة نوتنغهام، إنَّ فرضية أنَّ جونسون يُمكن أن يخسر تصويتاً على سحب الثقة ثم يرفض الاستقالة، وبذلك يمنع الملكة من تكليف شخصٍ آخر بتشكيل حكومة جديدة، "تفترض أنَّ الملكة لا يمكنها ببساطة إقالة رئيس الوزراء السابق".
وأضاف: "هناك بعض الجدل حول ما إذا كانت الملكة لديها القدرة على إقالة رئيس الوزراء، ويرجع ذلك جزئياً إلى كُتيِّب قواعد الحكومة الذي يزعم أنَّ "رؤساء الوزراء يظلون في منصبهم ما لم يستقيلوا". لكنني أعتقد أنَّ الملكة ما زالت لديها صلاحية احتياطية لفعل ذلك، وأعتقد أنَّ هذه وجهة نظر سائدة بين بعض الخبراء الآخرين".
وأردف: "وبالتأكيد لكي يحدث هذا، يجب أن يكون المُرشَّح البديل واضحاً للملكة التي ستدعو إلى ذلك، وهذا قد يكون أمراً صعباً. فمهما كانت الطريقة المستخدمة، يجب أن يكون بديل جونسون واضحاً قبل أن تكون الملكة في وضعٍ يُمكِّنها من إقالته".