اشتعلت الحرب التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، وبدأت شظاياها تصيب الأسواق العربية بصورة مقلقة، ومع ارتفاع مؤشرات ازدياد تلك الحرب شراسة يبدو أن القادم أسوأ، فما هي قصة هذه الجولة من حرب العملاقين التي تهدد الاقتصاد العالمي؟
ماذا حدث؟
أمس الإثنين 5 أغسطس/آب، قال وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين في بيان، إن الحكومة الأمريكية قررت اعتبار الصين متلاعبة في عملتها، وسوف تتحاور مع صندوق النقد الدولي للقضاء على المنافسة غير العادلة من جانب بكين.
الخطوة تفاقم التوتر الذي يخيم بالفعل على العلاقات بين البلدين، كما تشكل تنفيذاً لتعهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تصنيف الصين متلاعباً بالعملة، وذلك لأول مرة منذ عام 1994.
لماذا أقدمت واشنطن على تلك الخطوة؟
الخطوة الأمريكية جاءت بعدما سمحت الصين لعملتها اليوان بالهبوط دون مستوى سبعة مقابل الدولار، يوم الإثنين للمرة الأولى، منذ أكثر من عشر سنوات، وقالت بكين لاحقاً إنها ستتوقف عن شراء منتجات زراعية أمريكية، في تصعيدٍ كبير في الحرب التجارية القائمة منذ نحو عام مع الولايات المتحدة.
جاء هبوط اليوان الحاد الذي بلغت نسبته 1.4% بعد أيام من قرار ترامب بشكل مفاجئ، يوم الخميس، فرض رسوم جمركية بنسبة 10% على واردات من الصين بقيمة 300 مليار دولار، مما أحدث صدمة في الأسواق المالية، بعد هدنة قصيرة في الحرب التجارية بينهما.
ماذا يعني ذلك بالنسبة للاقتصاد العالمي؟
البنك المركزي الصيني قال الثلاثاء، 6 أغسطس/آب، إن قرار واشنطن تصنيف بكين متلاعباً بالعملة "سيلحق ضرراً هائلاً بالنظام المالي العالمي، وسيسبب فوضى في الأسواق المالية" .
وهذا بالتحديد ما حدث، حيث تراجعت بورصات الشرق الأوسط الرئيسية، اليوم الثلاثاء، بقيادة هبوط أسهم القطاع المالي، واقتفت أثر خسائر تكبَّدتها الأسواق العالمية نتيجة للقرار الأمريكي.
بداية أزمة مالية عالمية
بالنسبة لخبراء الأسواق المالية، تمثل الخطوة الأمريكية بدايةً لما يمكن أن يؤدي إلى أزمة مالية عالمية، وهو ما يشابه ما حدث عام 2008 عندما قامت البنوك الأوروبية بتجميد الاقتراض فيما بينها، بعد انهيار سوق الأوراق المالية التي كانت تساندها، برهن البيوت في الولايات المتحدة الأمريكية، وحاولت البنوك المركزية التدخل أولاً في محاولة للحفاظ على السيولة النقدية، بحسب تقرير نيويورك تايمز، اليوم الثلاثاء.
ما حدث أمس كان مشابهاً بصورة مقلقة، وليس فقط لأن الأسواق هبطت بنفس النسبة تقريباً كما حدث عام 2007، حيث كانت نسبة الهبوط 2.96%، بينما نسبة أمس كانت 2.98%.
وهذا بالتحديد ما كان يحذر منه خبراء الاقتصاد منذ شهور، فالحرب التجارية بين واشنطن وبكين يمكنها أن تنزلق إلى مناطق تكون لها آثار كارثية على الاقتصاد العالمي ككل، وهو ما قد حدث أمس الإثنين.
الهبوط الذي شهدته الأسواق العالمية منذ الإثنين من الصعب تبريره على أنه أمر عارض، حيث إن هبوط قيمة عملة الصين بصورة طفيفة لا يجب أن يكون له ذلك التأثير الهائل على الاقتصاد العالمي، ولكن الذي حدث هو أن المستثمرين قد بدأوا يستوعبون حقيقة أن الحرب التجارية تتصاعد وتنتشر حتى وصلت إلى أسواق العملة حول العالم.
حرب العملات كارثية
خطورة الخطوة الأمريكية تنبع من أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وفي نهاية الأمر بالطبع بقية قادة العالم، سيتوصّلون لنتيجة أن العملات الآن يمكن استخدامها كسلاح في النزاعات التجارية، فعلى مدى أسابيع يهاجم ترامب هيئة الاحتياطي الفيدرالية، بسبب عدم تخفيض أسعار الفائدة أكثر، على أساس أن ذلك يرفع من قيمة الدولار، مما يضعف الصادرات الأمريكية.
تاريخياً نجد أن النزاعات التجارية ونزاعات العملات غالباً ما يتزامنان معاً، وأكثر تلك النزاعات سوءاً كانت في فترة الهبوط العظيم في ثلاثينات القرن الماضي، عندما تنافست الدول على تخفيض قيمة عملاتها تطبيقاً لسياسة "جوّع جارك"، التي أدّت في النهاية إلى أن يصبح الجميع فقراء، ومن غير الواضح ما قد تتسبب فيه حرب عملات في القرن الحادي والعشرين.
أسواق الخليج تتأثر
في هذا السياق يمكن قراءة التراجع الذي شهدته بورصات الخليج، أمس واليوم، بقيادة هبوط أسهم القطاع المالي، حيث اقتفت أثر الخسائر التي تكبدتها الأسواق العالمية نتيجة للقرار الأمريكي.
وأغلق المؤشر السعودي الرئيسي منخفضاً 0.8%، ليواصل سلسلة خسائر للجلسة الخامسة على التوالي، حيث تراجعت معظم أسهم البنوك.
وانخفض مؤشر بورصة دبي 0.1% إذ نزل سهم بنك الإمارات دبي الوطني 0.9% وتراجع سهم إعمار للتطوير 3.1% بعدما أعلنت الشركة انخفاض صافي أرباحها في النصف الأول 24%.
وذكرت رويترز نقلاً عن شركة سافيلز للعقارات، أنَّ أسعار العقارات السكنية الفاخرة في دبي انخفضت 1.9% في النصف الأول من العام، بسبب فائض المعروض في السوق.
وفي أبوظبي، استقر المؤشر، إذ وزانت خسائر سجلها القطاع المالي وقطاع الاتصالات مكاسب حققتها أسهم الشركات العقارية، كما تراجع مؤشر البورصة القطرية وانخفض 1.5%.