إلغاء الهند الحكم الذاتي الدستوري لإقليم جامو كشمير ذي الأغلبية المسلمة بشكل مفاجئ وفوري ورفض باكستان للخطوة ينذر باشتعال الموقف في المنطقة التي شهدت قيام 3 حروب بين الجارتين النوويتين، فماذا يعني هذا التصعيد وما هي قصة الإقليم؟
قرار هندي تصعيدي
أعلنت الحكومة الهندية اليوم الإثنين 5 أغسطس/آب إلغاء وضع الحكم الذاتي الدستوري لكشمير بمرسوم رئاسي، بعد ساعات من فرض إغلاق أمني في المنطقة، بحسب وكالة فرانس برس.
وقال وزير الداخلية أميت شاه للبرلمان إن الرئيس وقع مرسوماً يلغي المادة 370 من الدستور التي تمنح حكماً ذاتياً خاصاً لولاية جامو وكشمير ذات الغالبية المسلمة والواقعة في الهيمالايا، ونص المرسوم على أن الإجراء دخل حيز التنفيذ "فوراً".
باكستان تدين القرار
ندد وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي بصورة فورية بقرار الهند، مؤكدا أن "هذه الخطوة تنتهك" قرارات الأمم المتحدة، وأضاف أن باكستان ستكثف جهودها الدبلوماسية للحيلولة دون تطبيق ذلك.
وفي تصريحات لاحقة نقلتها قناة "جيو نيوز" المحلية، حذر قريشي من أن مواطني "جامو وكشمير" مهددون بـ"الإبادة الجماعية" و"التطهير العرقي"، بحسب وكالة الأناضول.
وأضاف أنه سيطلب من الأمم المتحدة ومنظمة المؤتمر الإسلامي والدول الصديقة ومنظمات حقوق الإنسان عدم الصمت إزاء تلك القضية.
وفي بيان رسمي، قالت الخارجية الباكستانية إن إسلام آباد تعتزم دراسة جميع الخيارات الممكنة، للتصدي للقرار الذي وصفته بـ"الخطوة غير القانونية".
واعتبر البيان أن "جامو وكشمير المحتلة من جانب الهند هي محل نزاع معترف به دولياً"، محذراً من أنه "لا يمكن لخطوة منفردة من جانب الحكومة الهندية أن تغير هذا الوضع المتنازع عليه، حسب ما تضمنته قرارات مجلس الأمن الدولي".
ولفت إلى أن القرار "لن يلقى قبولاً من شعب جامو وكشمير وباكستان"، مجدداً التزام إسلام آباد "الثابت بقضية كشمير ودعمها السياسي والدبلوماسي والمعنوي لشعب جامو وكشمير المحتل، وإعمال حقهم غير القابل للتصرف في تقرير المصير".
ما هي قصة كشمير؟
يحتل إقليم جامو وكشمير موقعاً استراتيجياً هاماً في جنوب آسيا، تحده الصين من الشرق والشمال الشرقي، وأفغانستان من الشمال الغربي، وباكستان من الغرب والجنوب الغربي، والهند في الجنوب، وتبلغ مساحته حوالي 84471 ميلاً مربعاً، ويشكل المسلمون فيه أكثر من 90% من السكان.
وأهمية الإقليم للهند استراتيجية؛ حيث ترتبط قضية كشمير بتوازن القوى في جنوب آسيا، وتوازن القوى بين الهند والصين، أما أهميته لباكستان فجغرافية وسكانية، حيث تنبع أنهار باكستان الثلاثة (السند وجليم وجناب) منه، وتنفتح الحدود بين باكستان والإقليم وهو ما يشكل تهديداً للأمن القومي الباكستاني في حالة سيطرة الهند عليه، يضاف إلى ذلك أن مصالح الإقليم الاقتصادية وارتباطاته السكانية قوية بباكستان، فالإقليم ليس له ميناء إلا كراتشي الباكستاني، فضلاً عن تقارب السكان الديني والعائلي.
ومنذ استقلال الهند وباكستان من الاحتلال البريطاني عام 1947، تم تقسيم الإقليم بين الجارتين، وتسبب النزاع بينهما في اندلاع ثلاث حروب أولها في نفس عام الاستقلال واستمرت حتى عام 1949 حينما تدخلت الأمم المتحدة وتم إنشاء خط فاصل، وقعت بموجبه معظم أراضي الإقليم وغالبية سكانه تحت
السيطرة الهندية.
واندلعت الحرب مرة أخرى بين الدولتين عام 1965 ومرة ثالثة عام 1971 ما أسفر عن مقتل نحو 70 ألف شخص من الطرفين.
ومنذ 1989، قُتل أكثر من 100 ألف كشميري، وتعرضت أكثر من 10 آلاف امرأة للاغتصاب، في الشطر الخاضع للهند من الإقليم، حسب جهات حقوقية، مع استمرار أعمال مقاومة مسلحة من قبل جماعات إسلامية ووطنية.
هل يتم تدارك الأمر؟
القرار الهندي المفاجئ يعيد أجواء ما بعد الاستقلال ويرفع درجة التوتر لذروتها، فالحركات المسلحة الرافضة لبقاء الإقليم تحت سيطرة الهند والتي تريد الانضمام لباكستان لن تقبل بالأمر الواقع، ولن يؤدي قرار الهند بإرسال مزيد من القوات إلى جامو وكشمير إلا للمزيد من سفك الدماء.
الهند تدرك جيداً أن قرار الرئيس بإلغاء الحكم الذاتي الدستوري لن يمر مرور الكرام، لذلك أعلنت حظراً عاماً على التجمعات العامة وعلقت الدراسة بالجامعات والمدارس حتى إشعار آخر، وكلها مؤشرات على ما قد تحمله الأيام القادمة في الإقليم من موجة جديدة من العنف وربما ما هو أكبر من ذلك، حيث أن باكستان كما أعلنت لن تقف مكتوفة الأيدي.
وفي هذا السياق، أعربت منظمة التعاون الإسلامي اليوم الإثنين عن "القلق البالغ إزاء تدهور الوضع في جامو وكشمير التي تحتلها الهند".
وأشارت المنظمة إلى "انتهاكات هندية" في أعقاب إعادة نشر قوات شبه عسكرية إضافية في الولاية.
ووفق وكالة الأنباء السعودية الرسمية، أعربت المنظمة عن حزنها لـ"وقوع المزيد عن الإصابات في صفوف المدنيين"، مطالبة المجتمع الدولي بالتدخل لإيجاد حل سلمي للنزاع وإجراء استفتاء حر ونزيه.