لم يكد يمر يوم في العشر سنوات التي تلت هجمات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر دون أن يرد اسم القاعدة في الأخبار. ولكن في المقابل، في العام الماضي، ذكرت صحيفة The Guardian البريطانية على سبيل المثال اسم القاعدة 11 مرةً فقط.
حتى ظهر حدث أعاد القاعدة إلى بؤرة الاهتمام مرةً أخرى، ولكن هذه المرة ليس ضربة إرهابية على "التحالف الصهيوني الصليبي" أو "الأنظمة المنافقة المرتدة" في الشرق الأوسط، وإنما الحدث كان "مقتل عضو بارز في التنظيم".
نهاية لسلالة بن لادن
كان حمزة بن لادن يُجهز ليكون الزعيم المستقبلي للتنظيم، ومن الواضح أنه قُتِل في غارة أمريكية باستخدام طائرة دون طيار في المنطقة الحدودية الوعِرة بين باكستان وأفغانستان قبل عامين أو أكثر، كما تقول صحيفة نيويورك تايمز.
كانت هذه المنطقة في القلب من العنف الجهادي بين أواخر تسعينيات القرن الماضي والسنوات الأخيرة من العقد المنصرم. ومنذ ذلك الحين، تغيرت البؤرة لتصبح في العراق وسوريا، رغم وقوع عدد كبير من الضحايا على يد المتشددين في أماكن أخرى من العالم.
انقسم المحللون إزاء أهمية مقتل حمزة داخل تنظيم القاعدة، الذي يقوده منذ ثماني سنوات المصري العجوز أيمن الظواهري، الذي كان وثيق الصلة بأسامة بن لادن.
لا زعيم مستقبلي
أما حمزة الذي يبلغ من العمر 30 عاماً، فخبرته محدودة للغاية في مجال التنظيم، والدعاية ووضع الاستراتيجيات والقتال، وجميعها أدوار يُتوقع ممن يتولى زعامة التنظيم. غير أن حمزة له مكانة شبه ملكية في أوساط الجهاديين باعتباره "الشبل" الذي يحظى بمصداقية ونفوذ ليكون مصدر إلهام للآخرين، الأمر الذي ربما لا يتوفر لغيره.
أما الظواهري فهو عجوز ستيني متجهم تنقصه الكاريزما بشكل واضح، ولديه مشكلة في التأقلم مع أساليب التواصل الجديدة التي يستخدمها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، غريم القاعدة.
لا يزال من غير الواضح ما الاتجاه الذي كان حمزة بن لادن، أو ربما الرجال الأكبر سناً والأكثر خبرةً ممن كانوا سيقدمون له المشورة، سيقودون التنظيم في اتجاهه.
من بين الأسباب التي غيبت تنظيم القاعدة عن الأنظار في السنوات الأخيرة أن تنظيم داعش قد استهلك مزيداً من الاهتمام. كما تشمل الأسباب أيضاً أن الظواهري تعمد مهاجمة الغرب والمصالح الغربية حول العالم، بدلاً من التركيز على مراكمة حضور قوي للتنظيم من خلال الجماعات التابعة له في سوريا واليمن وأفغانستان والصومال وفي أرجاء منطقة الساحل.
هذا النهج غير المركزي صحبه جهدٌ للفوز بولاء المجتمعات المحلية من خلال إبرام تحالفات مع كبار وسطاء السلطة مثل الزعامات القبلية والشيوخ ورجال الدين وأمراء الحرب على الأرض.
انتكاسات كبيرة يعقبها النهاية
شهد التنظيم العديد من الانتكاسات بعد ما يقرب من ثلاثة عقود على تأسيسه، رغم الموارد الضخمة التي كُرست لتدميره، ظلت القاعدة عصية على التدمير كما انتهت الأمم المتحدة في تقرير نشرته الأسبوع الحالي.
وإذا كان مقتل حمزة "إنجازاً رمزياً" في المقام الأول، فإنه يزيد من تقويض العنصر الأسري داخل تنظيم القاعدة. فأبناء أسامة بن لادن الثلاثة الذين كان من الممكن أن يقودوا التنظيم قتلوا حالياً، ويبدو ظهور ابنٍ رابع في هذا السياق أمراً مستبعداً. ولا يزال أبناء حمزة صغاراً للغاية، وتشير بعض الأخبار إلى أن واحداً من أبنائه على الأقل ربما يكون قد قُتِل.
من يقود التنظيم الآن؟
وقد سبق أن تحدث محللون ومسؤولون عن إمكانية وجود ثلاثة عناصر تُسهم في قوة القاعدة: القيادة المركزية، والجماعات التابعة لها في أرجاء العالم الإسلامي، والأيدولوجية، الأمر الذي كان عامل تحفيز وتعبئة لمهاجمين من خارج التنظيم.
بدأ الرعيل الأول من قادة التنظيم يشيخ. ومع مقتل حمزة، وعدم وجود قادة أصغر سناً يمكنهم أن يلعبوا دوراً يوحد صفوف التنظيم، يُحتمل أن تختفي القيادة المركزية للتنظيم في ظرف سنوات قليلة.
غير أن هناك احتمالاً بازدهار الجماعات التابعة للقاعدة، وليس ثمة إشارة في الأفق أن الإيديولوجيا التي تؤجج التنظيم بدأت تضعف أو تخبو، وذلك في ظل وقوف تنظيم داعش كعامل لنشرها، كما تقول صحيفة The Guardian البريطانية.